النائبة مها عبد الناصر عن البنزين المغشوش: أزمة متعددة الأبعاد تستوجب استجابة حكومية واضحة

تقدمت النائبة الدكتورة مها عبد الناصر عضو مجلس النواب عن الحزب المصري الديمقراطي بطلب إحاطة إلى رئيس مجلس الوزراء، ووزير البترول والثروة المعدنية، ووزير التموين والتجارة الداخلية. يتعلق الاقتراح بالزيادة الأخيرة في شكاوى المواطنين بسبب توفر أنواع مختلفة من البنزين المغشوش على نطاق واسع في محطات الوقود.
وقالت الدكتورة مها عبد الناصر في بداية طلب المعلومات أننا جميعا لاحظنا زيادة كبيرة في شكاوى المواطنين في الأيام الأخيرة من الأعطال المفاجئة في سياراتهم وخاصة طلمبات البنزين بعد التزود بالوقود في محطات البنزين المختلفة. وأكد العديد من أصحاب السيارات أن هذه الأعطال تحدث بعد استخدام البنزين المتوفر في بعض محطات الوقود، ما أثار الشكوك حول جودة الوقود المقدم للمستهلكين، حيث تكررت التقارير عن وجود بقع زيت أو روائح نفاذة في البنزين المستخدم، ما أثار المخاوف من احتوائه على إضافات أو مخففات ضارة، خاصة بعد أن تسبب هذا النوع الرديء من البنزين في أعطال في المحركات الحديثة التي تعتمد على أنظمة ضخ وقود دقيقة، ما يضاعف الأضرار الناجمة عنها.
وأشارت إلى أنه في الوقت الذي تنفي فيه وزارة البترول والثروة المعدنية وجود بنزين مغشوش في محطات البنزين، وتؤكد أن جميع منتجات البنزين تخضع لاختبارات دقيقة في معامل متخصصة قبل توصيلها إلى محطات البنزين للتأكد من مطابقتها للمواصفات القياسية المصرية، إلا أن الواقع على الأرض يشير إلى مشكلة حقيقية تتطلب التدخل العاجل. وبات من الواضح أن هناك فجوة كبيرة بين البيانات الرسمية والشكاوى اليومية للمواطنين، ما أثار تساؤلات حول فعالية نظام الرقابة الحالي.
وأشارت أيضاً إلى الأساليب المتنوعة للغش في البنزين والتي تم الإبلاغ عنها على نطاق واسع وتم الإبلاغ عنها مؤخراً. ولجأ بعض تجار التجزئة إلى إضافة المواد الكيميائية لخفض التكاليف وزيادة الأرباح على حساب المستهلكين. في بعض الأحيان يتم استخدام أجهزة غير قانونية لتقليل كمية البنزين المقدمة للعميل دون تغيير السعر، مما يؤدي إلى خسارة المستهلكين للوقود الذي دفعوا ثمنه. يقوم البعض بإضافة زيوت أو مذيبات صناعية إلى البنزين، مما يؤثر على جودة الاحتراق ويؤدي إلى تآكل الأجزاء المعدنية في المحرك. ويعتقد أن بعض محطات الوقود تستقبل شحنات من الوقود منخفض الجودة بأسعار أقل، ثم تقوم بخلطه وإعادة تعبئته لبيعه بسعر البنزين العادي.
وأكد البرلماني المصري أن استخدام البنزين المغشوش يسبب أضراراً بمحركات السيارات، إذ يقلل من كفاءة الاحتراق ويؤدي إلى ترسب الرواسب في المحرك، ما يزيد من استهلاك الوقود ويؤدي إلى أعطال متكررة في السيارات. في بعض الأحيان يتطلب هذا استبدال أجزاء مهمة من المحرك، مما يؤدي إلى تكاليف صيانة إضافية للسائقين وأصحاب المركبات. يساهم البنزين المغشوش أيضًا في زيادة انبعاثات الملوثات بسبب الاحتراق غير الكامل، مما يؤدي بدوره إلى تلوث الهواء وزيادة مستويات ثاني أكسيد الكربون وأكسيد النيتروجين في الغلاف الجوي. ويؤدي هذا إلى تفاقم مشاكل التلوث البيئي التي تؤثر على الصحة العامة، وخاصة في المدن الكبرى حيث يتزايد التلوث بشكل كبير. وبالمناسبة، فإن الضرر البيئي لا يقل خطورة عن الضرر الاقتصادي، حيث أن عواقب التلوث في شكل أمراض الجهاز التنفسي وتدهور نوعية الحياة يتحملها كل من الدولة والمواطنين.
وأكد النائب أن هذه الظاهرة تمثل عبئا ماليا ثقيلا على المواطنين، حيث يتحملون تكاليف إضافية لصيانة مركباتهم وإصلاح الأعطال المتكررة بسبب استخدام الوقود غير المطابق للمواصفات. وفي الوقت نفسه، يدفع المواطنون المصريون أسعاراً مرتفعة للوقود تعادل تقريباً سعر السوق العالمية. ويرجع السبب في ذلك إلى الإلغاء التدريجي لدعم الوقود، والذي من المفترض، بحسب تصريحات الحكومة، أن يكتمل تقريبا بحلول نهاية العام. وهذا يجعل من أهم الحقوق الأساسية للمواطنين أن يحصلوا على منتج آمن ونقي وخالي من العيوب لسياراتهم، بدلاً من أن يفاجأوا بالبنزين المغشوش الذي يدمر سياراتهم ويضاعف انبعاثاتها.
وأكدت أيضاً أنه من غير المقبول أن تستمر الحكومة في تحصيل مساهماتها المالية من المواطنين دون ممارسة الرقابة اللازمة والحاسمة على جودة المنتجات التي تطلبها من المواطنين بهذا السعر المرتفع. إذا كانت الدولة قادرة على تأمين إيراداتها من ميزانية المواطنين، فإن من واجبها الأخلاقي والقانوني أن تضمن لهم منتجاً يستحق ثمنه، خاصة إذا كان هذا المنتج له تأثير مباشر على أمنهم ودخلهم الشخصي.
وتابع عبد الناصر: “يجب أن نتذكر أن السيارة لم تعد رفاهية للمواطنين، بل ضرورة يومية لمعظم شرائح المجتمع. لذلك، فإن التلاعب بجودة البنزين ليس مجرد مخالفة للأنظمة، بل هو اعتداء مباشر على استقرار الحياة اليومية للمواطنين. عندما يُعلق المواطن في الشارع بسبب البنزين الملوث أو يُجبر على إنفاق آلاف الجنيهات لإصلاح سيارته، تُصبح هذه أزمة وجودية تؤثر بشكل مباشر على الأسر المصرية”.
وأكد عبد الناصر أيضا أن حماية حقوق المواطنين وأمنهم يجب أن تكون على رأس أولويات الحكومة. ونحن على قناعة بأن هذه الأزمة لا يمكن التعامل معها كمسألة تقنية بحتة، بل كمشكلة تمس جوهر العدالة الاجتماعية ومبدأ حماية المستهلكين من الاحتيال والاستغلال. ومن غير اللائق ببلد يريد تحديث بنيته التحتية أن يُخضع مواطنيه لممارسات تجارية غير مسؤولة تقوض الثقة في أهم خدمات الحياة اليومية. ونحن نعتقد أيضًا أن التطورات الحالية قد تؤدي إلى فقدان المواطنين الثقة في نظام الطاقة بأكمله، ولا يمكن تجاهل العواقب السياسية والاقتصادية لذلك.
وتابعت: “نواجه أزمة اقتصادية وبيئية واجتماعية متعددة الجوانب، تتطلب استجابة حكومية واضحة وشفافة تتجاوز مجرد الإنكار، بل يجب عليها التحقيق في الوضع، وعرض نتائج موضوعية على الرأي العام، واعتماد خطة شاملة لضمان حصول جميع المواطنين في جميع أنحاء البلاد على وقود نظيف وآمن”.
واختتمت الدكتورة مها عبد الناصر الإحاطة بدعوة الحكومة إلى تشكيل لجنة تحقيق مشتركة تضم الجهات المعنية، بما في ذلك وزارة البترول والثروة المعدنية، ووزارة التموين والتجارة الداخلية، وجهاز حماية المستهلك، للوقوف على حقيقة ما يحدث في محطات البنزين، والتحقيق في شكاوى المواطنين في هذا الشأن، واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان جودة الوقود المقدم لهم. ولضمان الموضوعية والنزاهة، يجب أن تضم هذه اللجنة موظفين فنيين مستقلين من الجامعات ومراكز الأبحاث. ويجب أن تتمكن هذه اللجنة أيضًا من أخذ عينات من المحطات دون إشعار مسبق لتحليلها ومقارنتها بالمواصفات الرسمية.
وطالبنا أيضًا بتشديد الرقابة على محطات البنزين، وإجراء تحليلات منتظمة للعينات المأخوذة من محطات البنزين المختلفة، ونشر نتائج هذه التحاليل بشكل شفاف للجمهور. وبالإضافة إلى ذلك، يجب اتخاذ إجراءات قانونية صارمة ضد محطات البنزين التي يثبت تورطها في بيع البنزين المغشوش. ويتضمن ذلك إغلاق محطة الوقود والإبلاغ عن المسؤولين عنها إلى النيابة العامة. كما نطلب من شركات توزيع الوقود تضمين شهادات الجودة مع كل شحنة وقود تصل إلى محطات البنزين والتحقق من هذه الشهادات بانتظام.