طلب إحاطة للحكومة بشأن انفجار خط الغاز الواقع عند مدخل مدينة أكتوبر

تقدمت النائبة الدكتورة مها عبد الناصر، عضو مجلس النواب عن الحزب المصري الديمقراطي، بطلب إحاطة إلى رئيس مجلس الوزراء، ووزير البترول والثروة المعدنية، ووزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، بشأن انفجار خط الغاز عند مدخل مدينة 6 أكتوبر.
في بداية سؤاله، قال عبد الناصر: “تابعنا جميعًا مؤخرًا الحادث الخطير الذي وقع على طريق الواحات – الطريق المؤدي إلى مدينة 6 أكتوبر – غرب سوميد. اشتعلت النيران في خط أنابيب غاز طبيعي بسبب قيام أحد المقاولين بأعمال حفر دون تنسيق مسبق مع شركة الغاز الطبيعي، الشركة المسؤولة عن تشغيل الشبكة في هذه المنطقة. لم يكن هذا الحادث، الذي وثّقته الكاميرات وانتشر على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، مجرد “حادث عشوائي” بل كارثة حقيقية قُتل وجُرح فيها نحو 15 شخصًا. هذا الحادث يُنذر بوضوح بحالة من الإهمال المؤسسي والتراخي الإداري والخلل الفني الذي قد يُسبب، في حال تكراره، خسائر بشرية ومادية لا تُعوّض”. وأكد عبد الناصر أن الغريب في هذه الحادثة هو بيان وزارة البترول الذي حمل المقاول المسؤولية المباشرة عن الحفر دون استشارة شركة الغاز. يكشف هذا البيان عن وجود خلل هيكلي لا يمكن تجاهله. ورغم أن مرتكب الحادث معروف، إلا أن السياق الذي سمح له باختراق خط أنابيب غاز نشط بسهولة ودون رقابة أو تحقق، يشير إلى وجود فجوة خطيرة في نظام التنسيق بين الأطراف المعنية بتنفيذ المشاريع الوطنية والبنية التحتية الحيوية. وتتجاوز هذه المشكلة خطأ شركة البناء وتتعلق بعدم وجود نظام قوي لمنع الاضطرابات بين أعمال البناء وشبكات المرافق في مواجهة المشهد الحضري المتسارع دون وجود أدوات الحماية والمراقبة المناسبة لمواكبة هذه الوتيرة.
وأشار النائب إلى أن اللافت في هذه الحادثة ليس فقط خطورة الحادثة بل تكرار النمط نفسه. وقد وقعت حوادث مماثلة في عدة مناطق خلال السنوات الأخيرة، ما أدى إلى مقتل أبرياء وإلحاق أضرار بالمرافق العامة والخاصة نتيجة نفس الإهمال. تقوم شركة ما بحفريات غير منسقة وتحدث كارثة في حين يتم إرسال سيارات الإطفاء، وإصدار التصريحات الرسمية، وتهدئة الوضع في وسائل الإعلام، فإن الأسباب الحقيقية لهذه الحوادث لا تزال قائمة، بل وتتم حمايتها في بعض الأحيان من خلال حالة من التساهل المؤسسي أو عدم القدرة على تطبيق قواعد صارمة على الجميع.وأضاف النائب المصري أن الوضع أصبح أكثر خطورة لأن موقع الحادث لم يكن في منطقة نائية، بل على مدخل مدينة سكنية وتجارية كبيرة تمر بها آلاف المركبات يوميا، وتتمتع بكثافة سكانية عالية. كان من الممكن أن يؤدي اشتعال الغاز في هذا الموقع بالتحديد إلى انفجار هائل كان من شأنه أن يخلف عددًا مروعًا من الضحايا. إن مجرد التفكير في أن الاشتعال قد ينتشر إلى خطوط الأنابيب المجاورة أو أن النيران قد تنتشر إلى منطقة أكبر تحتوي على مركبات ومنشآت مدنية أمر يثير الذعر ويثير السؤال: كيف يمكن ترك خطوط أنابيب الغاز بسهولة دون حماية أو مراقبة ميدانية مستمرة؟ كيف يمكن لشركة أن تبدأ أعمال الحفر دون مراجعة مخططات خطوط الأنابيب أو التواصل مع مشغلي البنية التحتية؟وتساءل عبد الناصر من هو المسؤول الحقيقي عن هذه الفوضى؟ هل يكفي أن تشير وزارة البترول إلى إهمال «العميل» دون استشارة الجهات المحلية التي أصدرت رخصة الحفر؟ أين كان يقع مكتب المدينة أو المنطقة؟ من قام بمراجعة طلب الترخيص؟ هل كان هناك تصويت سابق كان من المفترض أن يتم ولكن لم يتم؟ لا ينبغي ترك كل هذه الأسئلة دون إجابة، لأنها تمس جوهر السلامة العامة وتثير تساؤلات حول آليات المراقبة والتنسيق التي ينبغي أن توجد بين الوزارات والمرافق وأجهزة إنفاذ القانون.وأشار عبد الناصر إلى أن هذه الحوادث توضح طبيعة العلاقة الحالية بين المقاولين العاملين في هذا القطاع ومقدمي الخدمات. كما يظهر أن قضية استخدام البطاقات بين الأطراف المختلفة يتم تهميشها بشكل كبير قبل البدء في أي عمل متعلق بالبنية الأساسية. إن هذه العلاقة التي ينبغي أن تقوم على الشفافية والانضباط، أثبتت أنها هشة وغير مستقرة في هذه الحالة، حيث يمكن لأطراف غير مؤهلة أو غير ملتزمة أن تقوم بأعمال حساسة دون أي حد أدنى من الرقابة أو المساءلة. من غير المقبول أن تُترك أعمال الحفر حول خطوط الغاز أو المياه أو الكهرباء للخطأ البشري، لأن الخطأ هنا لا يؤدي فقط إلى تأخير المشروع أو تكاليف إضافية، بل قد يؤدي -لا قدر الله- إلى وفاة شخص.
وأكدت أن الحادث وقع في وقت تنفذ فيه البلاد بعضاً من أكبر مشاريع البنية التحتية في تاريخها الحديث. وهذا يجعل من هذه الحادثة ضربة موجعة للجهد الوطني برمته، ويثير تساؤلات حول مدى وعي الجهات المنفذة بمسؤولياتها، خاصة في مناطق التوسع العمراني الجديدة حيث يتم مد المرافق تحت الأرض والمتشابكة، مما يتطلب درجة عالية من الدقة والتنظيم.
وأشارت أيضاً إلى أن الأسباب الحقيقية لهذه الحوادث تتمثل في غياب التنسيق، وتجاهل الخرائط الجيولوجية، وغياب قاعدة بيانات مركزية يمكن ربط تصاريح الحفر بها، وعمل الشركات دون إشراف أو توجيه. إن الخطر لا يكمن في اندلاع الحرائق فحسب، بل أيضاً في إمكانية وقوع حوادث مماثلة مرة أخرى في مناطق أخرى إذا لم يتم كسر هذه الدائرة المفرغة من الإهمال الإداري والتنظيمي.
ورغم كل هذا فإن الحقيقة الأبرز في هذه الكارثة تظل أن حياة المواطنين أصبحت رهينة لقرارات محلية تعسفية، وغياب المساءلة الفعالة، والثغرات الإدارية. وتسمح هذه الصلاحيات للشركة بالحفر فوق خط أنابيب الغاز دون أن يحذرها أحد، أو يوقفها، أو حتى يتحقق من تصاريحها.
واختتمت مها عبد الناصر إحاطتها بدعوة الحكومة إلى البدء فوراً في تحقيق شامل وعاجل لمعرفة حجم وملابسات هذه الحادثة وتقديمها للرأي العام المصري بكل شفافية. كما طالبت مجلس النواب الموقر بتقديم تقرير مفصل حول الموضوع يتضمن شرحا وافيا لآليات تعويض كل المتضررين من هذه الحادثة سواء أهالي المتوفين أو المصابين أو المواطنين الذين فقدوا ممتلكاتهم نتيجة هذه الحادثة. ودعت الحكومة أيضًا إلى تحديد كافة الإجراءات الاحترازية والاستباقية التي تنوي اتخاذها لمنع تكرار مثل هذه الحوادث المؤسفة.