محمود محيي الدين: قرارات ترامب الأخيرة قد تكون بمثابة المسمار الأخير في نعش النظام الاقتصادي الدولي

إن العالم الآن في حالة حرب تجارية رسميا، والوضع الحالي يمثل فرصة فريدة للبلدان الناشئة ذات الدخل المتوسط.
قال الدكتور محمود محيي الدين المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل التنمية، إن قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخيرة قد تكون بمثابة المسمار الأخير في نعش النظام الاقتصادي الدولي كما نعرفه. وأشار إلى أن النظام الجديد لا يزال في مراحله الأولى من التطوير، وأن ملامحه لا تزال غير معروفة.
وأضاف محمود محيي الدين في حواره مع قناة العربية بزنس، أن النظام الاقتصادي العالمي، سواء في إطار منظمة التجارة العالمية أو قبل إنشائها، كان يرتكز على قواعد واضحة للتجارة الدولية. ومع ذلك، فقد تم التلاعب بكل هذه القواعد. لا أعتقد أن هذه مسألة اقتصادية سياسية سيتم حلها مع رحيل ترامب أو بعد انتخابات التجديد النصفي، لأنه من الصعب ببساطة استعادة العالم إلى ما كان عليه.
قرر ترامب، الأربعاء الماضي، فرض رسوم جمركية بنسبة 10% على مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والمغرب، ورسوم جمركية بنسبة 20% على الأردن. كما قرر فرض رسوم جمركية بنسبة 41% على سوريا، و31% على ليبيا، و39% على العراق.
كما قرر فرض رسوم جمركية بنسبة 34% على الصين، و20% على الاتحاد الأوروبي، و24% على الواردات من اليابان. كما فرض رسوما جمركية بنسبة 10% على الواردات من المملكة المتحدة وسنغافورة والبرازيل. يتعين على كندا والمكسيك، أكبر شريكين تجاريين للولايات المتحدة، بالفعل فرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على العديد من السلع.
وأوضح محيي الدين أن ترامب وصل إلى السلطة في ظل نظام اقتصادي عالمي هش يتمتع بقوة تنافسية كبيرة. وأوضح أنه حتى قبل تولي الرئيس ترامب منصبه وقراراته الأخيرة، كان هناك أكثر من 3400 قيد على التجارة الدولية. وأشار أيضا إلى وجود انحرافات كبيرة عن قواعد التعاون والتفاعل الدولي في مجالات التجارة والاستثمار والمنظمات المالية والاقتصادية الدولية، والتي يجري حاليا مراجعتها.
ويرى محيي الدين أن النتائج تفوق النوايا، إذ لا أحد يعلم ما إذا كانت هذه القرارات بدوافع تجارية أو اقتصادية بحتة، أم أنها مجرد تنفيذ لنوايا ترامب، كما لخصها في كتابه «فن التفاوض». وأضاف أنه في الأيام الأخيرة، وبعد قرارات الرسوم الجمركية، حث بعض المقربين من الرئيس الأمريكي زعماء العالم على التفاوض معه بشأن خفض الرسوم الجمركية. ولكن الثقة المنهارة في النظام العالمي تجعل من الصعب العودة إلى الوضع الراهن قبل هذه التدابير.
وزعم محيي الدين أن العالم دخل رسميا في حرب تجارية. كان ترامب وفريقه يريدون الحفاظ على هيمنة الدولار كعملة عالمية مع العمل على خفض قيمته لتحفيز التجارة والإنتاج. وهذا يعكس تناقضا من شأنه أن يعرض مكانة الدولار للخطر في المستقبل.
ويعتقد أن الوضع الحالي يمثل فرصة خاصة للدول الناشئة ذات الدخل المتوسط، حيث يمكنها استخدام مرونتها لتنويع اقتصاداتها، وتسريع التحول الرقمي، وتكثيف التعاون الإقليمي بما يتجاوز ما هو ممكن حاليا. وأشار إلى مثال مجموعة دول رابطة دول جنوب شرق آسيا، التي اتخذت بالفعل خطوات عملية في هذا الاتجاه.