جفاف وفيضانات.. ذوبان الجليد يهدد مليارات البشر في يوم المياه

في عام 2024، فقد 11 ألف شخص حياتهم بسبب الكوارث الطبيعية، وخاصة الفيضانات والجفاف. وبحسب التقديرات الدولية، بلغت قيمة الأضرار 320 مليار دولار.
ترتبط معظم الكوارث الطبيعية بالمياه. إنهم مسؤولون عن 70% من جميع الوفيات الناجمة عن الكوارث الطبيعية في جميع أنحاء العالم.
تحذر المنظمة العالمية للأرصاد الجوية من أن عدد الكوارث الناجمة عن الفيضانات ارتفع بنسبة 134%، وأن عدد ومدة الجفاف ارتفع بنسبة 29% منذ عام 2000. ولكن لماذا؟
وتشير الأمم المتحدة في تقرير صدر مؤخرا إلى أن ارتفاع درجات الحرارة على كوكب الأرض يعود إلى تغير المناخ. تذوب الأنهار الجليدية بشكل أسرع من أي وقت مضى، مما يؤدي إلى المزيد من الفيضانات والجفاف والانهيارات الأرضية وارتفاع مستوى سطح البحر. يؤثر على مليارات الأشخاص.
اختارت الأمم المتحدة “الحفاظ على الأنهار الجليدية” موضوع اليوم العالمي للمياه هذا العام، والذي يصادف 22 مارس/آذار.
وأكدت على أهمية الحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري. إبطاء تراجع الأنهار الجليدية مع إدارة المياه الناتجة عن الذوبان بشكل أكثر استدامة.
ما هي الأنهار الجليدية؟
يعرف المركز العربي للمناخ الأنهار الجليدية بأنها كتل هائلة من الجليد تتشكل نتيجة تراكم وضغط الثلوج في المناطق الجبلية والقطبية.
تصف اليونسكو الجبال بأنها “أبراج المياه”؛ ويوضح أن النهر يخزن المياه على شكل جليد وثلج خلال المواسم الباردة ويطلقها للمستخدمين في المناطق الأبعد كمصدر رئيسي للمياه العذبة خلال المواسم الأكثر دفئًا.
وأضافت أن الجبال تلعب دورا فريدا ومهما في دورة المياه العالمية لأنها تؤثر على دوران الهواء، مما يحدد بدوره أنماط الطقس وكميات الأمطار.
الذوبان المتسارع
يؤدي تغير المناخ إلى تسريع ذوبان الأنهار الجليدية مما يؤدي إلى هطول أمطار غزيرة وكوارث طبيعية. ويؤدي هذا إلى تدفقات مياه أكثر تقلباً وغير منتظمة وغير آمنة.
يسلط تقرير الأمم المتحدة عن تنمية المياه في العالم لعام 2025 الضوء على أهمية مياه الجبال في ضمان الأمن الغذائي والطاقة لمليارات البشر الذين يعيشون في الجبال أو عليها أو أسفلها.
70% مياه عذبة
وبحسب المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، فقدت الأنهار الجليدية أكثر من 600 جيجا طن من المياه في عام 2023. وهذه أكبر خسارة جماعية يتم تسجيلها على الإطلاق منذ خمسين عامًا.
وذكرت المنظمة أن حوالي 70% من المياه العذبة على الأرض توجد على شكل ثلج أو جليد، وتغطي الأنهار الجليدية حوالي 10% من مساحة اليابسة على الأرض.
وتشير بوابة الأمم المتحدة للمياه إلى أن ما يقرب من ملياري شخص يعتمدون على المياه من الأنهار الجليدية والثلوج الذائبة والمياه السطحية من الجبال للحصول على مياه الشرب والزراعة وإنتاج الطاقة.
يساهم ذوبان الأنهار الجليدية المتزايد بشكل كبير في ارتفاع مستوى سطح البحر العالمي. وبحسب الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، فإن مستوى سطح البحر أصبح الآن أعلى بنحو 20 سنتيمتراً عما كان عليه في عام 1900.
وتشير اليونسكو إلى أنه من الممكن إنقاذ الأنهار الجليدية في ثلثي مواقع التراث العالمي إذا تم الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية.
كوارث المياه
وتشير بوابة الأمم المتحدة للمياه إلى أن معظم الكوارث مرتبطة بالمياه. وستصبح الفيضانات والانهيارات الأرضية والعواصف وموجات الحر وحرائق الغابات والبرد القارس والجفاف وتفشي الأمراض المنقولة بالمياه أكثر تواترا وشدّة، وذلك في المقام الأول بسبب تغير المناخ.
ووجد البنك الدولي في تقريره لعام 2022 أن الكوارث المرتبطة بالمياه تمثل 70% من جميع الوفيات المرتبطة بالكوارث الطبيعية.
احتياطيات المياه آخذة في الانخفاض
على مدى السنوات الخمسين الماضية، تقلصت احتياطيات المياه الطبيعية بمقدار 27 تريليون متر مكعب؛ وبحسب تقرير البنك الدولي، فإن الأسباب هي تآكل التربة، واستنزاف المياه الجوفية، وفقدان الأراضي الرطبة.
وأشار إلى أن واحداً من كل عشرة أشخاص يعيش اليوم في بلد يعاني من نقص حاد في المياه.
وبحلول عام 2040، سيعاني طفل من كل أربعة أطفال من هذه الأمراض الصعبة. تؤدي الأحداث المناخية المتطرفة إلى تقلبات قوية في دورة المياه.
وتشير تقديرات البنك الدولي إلى أنه بحلول عام 2050، قد يتأثر ما يقرب من نصف سكان العالم بالجفاف، مما يؤدي إلى تعطيل الأنشطة الزراعية وسبل العيش.
مواردنا المحدودة
ورغم أن الأنهار الجليدية ليست معروفة بشكل كبير في مصر، فإنها تتأثر بشكل مباشر بارتفاع معدلات الجفاف وهطول الأمطار عند منابع نهر النيل.
مصر هي واحدة من البلدان الأكثر جفافا في العالم. وبحسب وزارة الري فإن معدل هطول الأمطار السنوي لا يتجاوز 1.30 مليار متر مكعب (المتر المكعب يعادل 1000 لتر).
ويشكل نهر النيل، الذي يبلغ حجمه 55.5 مليار متر مكعب، نحو 97% من موارد المياه في مصر.
تعاني مصر من عجز مائي يقدر بنحو 54 مليار متر مكعب سنويا. ويبلغ إجمالي الموارد المائية نحو 60 مليار متر مكعب، في حين أن الطلب يقدر بـ 114 مليار متر مكعب.
ولتعويض هذا العجز المائي، تعتمد مصر على إعادة استخدام نحو 21 مليار متر مكعب في الزراعة، وتستورد في الوقت نفسه نحو 34 مليار متر مكعب من المياه الافتراضية في شكل سلع ومنتجات زراعية.