أحمد هيكل يتحدث عن أزمات الاقتصاد المصري و”الحل اللي هيطلعنا من اللي احنا فيه”

وأوضح أحمد هيكل، رئيس مجلس إدارة شركة القلعة، في حواره مع الإعلامي نشأت الديهي ببرنامج «بالورقة والقلم»، أن التضخم الحالي في مصر هو نتيجة لارتفاع سعر صرف الدولار، والذي بدوره يرجع إلى اعتماد البلاد على كميات ضخمة من الواردات. وأشار إلى ثلاثة قطاعات تستهلك موارد البلاد من النقد الأجنبي.
وأشار إلى أن قطاع الطاقة يمثل أحد أكبر التحديات، واصفاً إياه بـ«محرقة الدولار»، إذ تحتاج مصر نحو ملياري دولار شهرياً لاستيراد أنواع مختلفة من الوقود، إما بشراء النفط الخام وتكريره محلياً، أو باستيراد المنتجات البترولية النهائية بأسعار عالمية مع بيعها محلياً بالجنيه المصري، وهو وضع غير قابل للاستمرار.
وأوضح أن القطاع الثاني هو قطاع الأغذية، حيث تعتمد مصر بشكل كبير على الواردات مثل القمح والذرة لتلبية احتياجاتها الأساسية، وهو ما يزيد الضغوط على موارد الدولار. وأشار إلى أن المشكلة الكبرى هي ضعف الصادرات، إذ إن حجم الصادرات المصرية لا يتناسب مع حجم الاقتصاد، مؤكداً أن مصر بحاجة إلى زيادة صادراتها بشكل كبير.
وأضاف أن هناك حاليا أزمة مياه مؤقتة أخرى، لكن الفيضانات الشديدة في النيل الأزرق والأبيض في السنوات الأخيرة ساعدت في التخفيف من المشكلة.
الإصلاحات في قطاع الطاقة ضرورية
وأكد هيكل أن معالجة أزمة الطاقة تتطلب العمل على محاور مثل زيادة الإنتاج المحلي من الطاقة. وأكد أهمية زيادة إنتاج الطاقة محلياً، وهو ما تعمل الحكومة حالياً على تحقيقه عبر توسيع الاستثمارات في القطاع. وأشار إلى أن مشروع بناء محطة الطاقة النووية يعد خطوة مهمة لضمان إمدادات مستقرة من الطاقة وتقليل الاعتماد على المنتجات النفطية المستهلكة يوميا.
وأشار هيكل إلى أن هناك تطورات إيجابية في مجال تحسين كفاءة الطاقة. على سبيل المثال، ارتفعت كفاءة محطات الطاقة من 35 إلى 41 في المائة، مما يعني أنه يمكن توليد المزيد من الكهرباء بنفس كمية الوقود. علاوة على ذلك، تم ضخ استثمارات ضخمة في شبكة الكهرباء الوطنية.
ومن ناحية أخرى، أشار إلى أن هناك جوانب أخرى لم يتم التركيز عليها حتى الآن، مثل العزل الحراري. وهذه عملية بسيطة يمكنها توفير كميات هائلة من الطاقة في مصر، ولا تتطلب سوى الإرادة لاتخاذ القرار.
وأكد هيكل أن أحد أهم الإصلاحات هو الاستغلال الأمثل لكل نوع من أنواع الطاقة. وأوضح أن إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية أمر غير منطقي لأنها أغلى منتجات معالجة النفط. بدلاً من حرق الطاقة الشمسية، يجب استخدام بدائل مثل الغاز الطبيعي أو الفحم أو الطاقة الشمسية.
أخطاء تسعير الطاقة وأثرها على الاقتصاد
وانتقد سياسة تسعير الطاقة السابقة، مشيراً إلى أن تثبيت سعر الديزل لفترة طويلة من 1992 إلى 2003 كان خطأ فادحاً لأنه عزز صناعات لم تكن مصر تتمتع فيها بأي ميزة تنافسية لمجرد حصولها على الطاقة المدعومة. وأوضح أن هذه السياسة أدت إلى مشكلتين رئيسيتين: الأولى زيادة دعم الطاقة ووجود عجز في الموازنة، وتخصيص موارد الطاقة لصناعات غير أساسية لا تمتلك مصر فيها أي ميزة تنافسية، وهو ما أدى إلى استهلاك غير مبرر للطاقة.
“الحل الذي يخرجنا من الوضع الذي نحن فيه”
وقال هيكل إن الحل الذي سيخرجنا من الوضع الذي نحن فيه هو العمل الجاد وزيادة الإنتاج في القطاعات ذات القيمة المضافة العالية والتركيز على الصادرات كعنصر أساسي لزيادة موارد الدولة من النقد الأجنبي، لأننا «في سباق مع الزمن»، حسب قوله.
وقال هيكل إن أي تأخير في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية يشبه اكتشاف السرطان في مراحله المبكرة أو المتأخرة. كلما تم تحديد المشكلة وإيجاد الحلول مبكرا، كلما زادت فرص التعافي، في حين أن التأخير يؤدي إلى تفاقم الوضع.
وأكد هيكل أن أحد أهم مفاتيح التغلب على الأزمة هو تشجيع القطاع الخاص على التوسع في استثماراته بشكل فوري. وأضاف أن أي شركة تستطيع زيادة حجم أعمالها عليها التحرك فورا، لأن الاقتصاد المصري يحتاج إلى وقت طويل حتى يصل إلى التوازن.
وأكد هيكل أنه يجب العمل على جانبين، الأول دعم القطاع الخاص من خلال إزالة المعوقات البيروقراطية وخلق بيئة استثمارية مواتية تضمن سرعة تنفيذ المشروعات الجديدة. ثانياً، يجب تحسين إدارة أصول الدولة من خلال زيادة الكفاءة التشغيلية، فهناك العديد من الأصول التي يمكن إدارتها بشكل أفضل لتحقيق أقصى قدر من المنافع منها.
واقترح هيكل السماح للقطاع الخاص بالاستحواذ على حصة تتراوح بين 20 و25% في بعض الشركات المملوكة للدولة، بشرط أن يتولى إدارتها بشكل كامل. ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى تحسين كفاءة هذه المؤسسات وزيادة قيمتها السوقية، في حين تستمر الدولة في الاستفادة من العوائد المالية الناجمة عن هذه الإدارة عالية الكفاءة.
وأوضح هيكل أن هذه الخطوة ستؤدي إلى مزيج ناجح بين القطاعين العام والخاص. وتستفيد الدولة من تحسن الأداء وارتفاع العائدات، في حين يستفيد المستثمرون من فرص استثمارية جديدة.
اقرأ أيضا:
معدل التضخم ينخفض إلى 1.4% على أساس شهري في فبراير
تباطأ معدل التضخم السنوي للجمهورية بأكملها إلى 12.5٪ في فبراير