مؤلف “معاوية” يرد على الجدل المثار ويوضح: “المسلسل ليس عن صراع صحابة تقاتلوا”

علق الكاتب خالد صلاح، مؤلف مسلسل “معاوية” الذي عرض على قناة “إم بي سي” مطلع شهر رمضان، على ذلك وسط ترقب كبير للمسلسل المثير للجدل.
وكتب الكاتب خالد صلاح على صفحته على الفيسبوك: “لم يكن معاوية مجرد رجل دولة أو قائد عسكري يخوض معاركه على رؤوس الحربة. بل كان رجلاً صاغته الأيام كما تصوغ النار الحديد، قاسياً عند الضرورة، ولطيفاً عند الضرورة، صبوراً ومتفهماً.
“عندما بدأنا هذا المشروع مع MBC Studios، لم يكن هدفنا إنشاء قصة يمكن إضافتها إلى قائمة الروايات المتضاربة، ولا كان هدفنا أيضًا تمثيل رؤية على حساب أخرى. “ولم نكن نريد أن ننظر إلى معاوية كخليفة نقش اسمه على دواوين الحكم، بل كإنسان وجد نفسه في قلب زلزال عنيف، وأجبرته الحياة على لعب دور قيادي في صراعات لم يخترها، بل وضعها القدر بين يديه”، كما أضاف.
وأضاف: «فكروا معي فيما جرى في دراما التاريخ، وتخيلوا فتى نشأ في بيت فخم على سطح أغنى بيت في قريش. من عقال الغطرسة إلى وادي الخسارة والهزيمة. دين من أراد الأذى بالدم والنار بالأمس، كيف قرأ صبي في سن معاوية هذا المشهد؟ فهل تصبح قريش المهزومة، ثم قريش المهزومة بالأمس هي القبيلة الرائدة للدين الجديد؟
وأوضح: “لم يكن معاوية رجل سيف كخالد بن الوليد، ولا زاهداً كعلي بن أبي طالب، ولا حافظاً كعبد الله بن مسعود، ولا أقرب إلى النبي كحذيفة بن اليمان أو عمار بن ياسر، ولكنه كان رجل تفكير طويل وانتظار صامت”. لقد أدرك منذ طفولته أن ليس كل الانتصارات تُحرز في ساحة المعركة، وأن الحرب ليست دائماً الحل، بل إن الحرب تكون أحياناً الفخ الذي يقع فيه المتسرعون. لقد تعلم أن النصر الحقيقي يكمن في الصمود عندما يسقط الآخرون والقتال بالعقل وليس بالغضب.
وتابع خالد: “ولكن أي حياة تستمر دون خسائر؟ لقد أحب وعرف مرارة الخسارة. لقد تركته زوجته الأولى التي كانت أقرب إليه من أي شيء آخر. مات ابنه عبد الرحمن فانطفأت شعلة الأبوّة في داخله. لقد رأى أخاه يزيد ينهار أمامه تحت وطأة الطاعون، ولم يكن أمامه خيار سوى أن يشاهد الموت يأخذ أحباءه واحدًا تلو الآخر. ثم جاء حب آخر، ميسون بنت بهدل، لكن الحب وحده لم يكن كافيا. لم تكن تستطيع أن تتحمل الحياة في القصور. فلم تر في الذهب والحرير ما يغريها بالبقاء، فتركت كل شيء وعادت إلى الصحراء، إلى حياة البساطة التي لم يستطع معاوية بكل قوته أن يمنحها إياها.
وتابع: «ثم جاءت الضربة الكبرى، وهي اغتيال ابن عمه وخليفة المسلمين عثمان بن عفان». وفجأة، لم يعد معاوية والياً يدير شؤون الشام عن بعد، بل أصبح المسؤول عن دم عثمان، والثأر، وإقامة العدل كما رآه من وجهة نظره. وأصبح منتقمًا في عائلة طالبته بالانتقام من القتلة.
وعن الصراعات التي عاشها معاوية كتب مؤلف السلسلة: “لم يكن الصراع مع علي بن أبي طالب قراراً سهلاً، ولم يكن نابعاً من كراهية الإمام العادل، لكنه وجد نفسه وسط معادلة لم يعد يملك رفاهية الانسحاب منها، معادلة تهيمن عليها السياسة بقدر ما تهيمن عليها الدماء”.
وعن البعد الدرامي لشخصية “معاوية” أضاف: “قصتنا في هذا المسلسل ليست عن رجل يسعى للسلطة من أجل السلطة، ولا هي قصة رجل خلق لينتصر أو يهزم. بل كانت رحلة رجل تعلم كيف يتغلب على الريح، ويواجه العاصفة ليس بعناد المغامرين، بل بحكمة من يعرف أن البحر لا يخضع إلا لأولئك الذين يتقنون فن الإبحار. “ولهذا كان معاوية شخصية درامية بامتياز، لأنه لم يكن الزعيم الذي يقرر الأمور بحد السيف وحده، بل كان العقل الذي يحسب كل خطوة، ويدرك أن الزمن هو اللاعب الأكثر حكمة في النهاية”.
ويختتم الكاتب خالد صلاح: «في معاوية لم نكتب التاريخ بمنطق المنتصر والمهزوم». ولم نبحث عن الحقيقة في صياغاتهم الجامدة، بل حاولنا أن نرى الرجل وراء السياسة، وأن نعيد قراءة التاريخ بعيداً عن ضجيج الروايات المتناقضة. ولم نعتبره حاكماً يُكتب اسمه في كتب التاريخ. بعض الكتب أشادت بسيرته، وبعضها الآخر لعنته بلا هوادة. بل رأيناه روحًا عاشت وعانت وانتصرت، روحًا قادت في بعض الأحيان إلى القيادة وفي أحيان أخرى إلى الخطيئة، ثم، مثل كل من سبقوه، ذهب للقاء مصيره. المسلسل لا يتحدث عن صراع بين رفاق تقاتلوا، بل عن رجل خاض أول صراع مع نفسه ثم دفعه طاحونة الصراعات طوعاً أو كرهاً إلى آخر حياته.
انطلق تصوير مسلسل “معاوية” في تونس عام 2022. ويشارك في بطولة المسلسل كل من: لجين إسماعيل “معاوية بن أبي سفيان”، إياد نصار، أيمن زيدان، سامر المصري، وائل شرف، يزن خليل، عائشة بن أحمد، جميلة الشحي، أسماء جلال، أيمن زيدان، سامر المصري، محمد قريع، خالد حمام، حكيم بلكحل، حمد مراد، ياسين بن قمرة، غانم الزرلي. المسلسل من تأليف خالد صلاح، والمخرجان طارق العريان وأحمد مدحت، والإنتاج من شركة MBC.
انقر هنا