خطيب الجامع الأزهر: لا نقبل تقسيم قضية فلسطين.. ولا مفاوضة على الأوطان

ألقيت خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر من قبل الدكتور. محمود الهواري وكيل الأمين العام للدعوة والإعلام الديني بمجمع البحوث الإسلامية. وكان موضوع الخطبة “واجب الأمة في أوقات الأزمات”.
دكتور. قال وكيل مجمع البحوث الإسلامية لشؤون الدعوة والإعلام محمود الهواري، إن على المسلمين أن يكونوا أذكياء ويقظين وواعين لما يحدث حولهم في كافة مجالات الحياة، وألا ينخدعوا بأحد هنا أو هناك، خاصة في أوقات الأزمات. وتشهد الحقائق التاريخية على مكانة الأمة الإسلامية عندما كان المسلمون يقظين وواعين حقاً لكل ما يحدث حولهم، وكان لديهم الفطنة والذكاء للتعامل معه. ولم يجرؤ البعض على مهاجمة قدرات ومقدرات هذه الأمة إلا بسبب عدم الوعي والفهم الحقيقي لمشاكلنا ودورنا.
وأوضح خلال خطبة الجمعة في الجامع الأزهر بعنوان “واجب الأمة في أوقات الأزمات”، أن على كل فرد في الأمة الإسلامية أن يفهم طبيعة العلاقة مع الصهاينة، والتي تكمن في العداء القديم مع أجدادهم الذين رفضوا الصلح مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- مع أنه لم يطلب منهم أموالاً ولا ممتلكات، بل أراد هدايتهم إلى الله عز وجل.
وأشار إلى أن موقف الصهاينة اليوم يدل على أن رفضهم للسلام متجذر في نفوسهم، وأن عداءهم للإنسانية شديد، وأن كل محاولات التغطية على جرائمهم هي خيانة للإنسانية، لأن الجرائم التي يرتكبونها لا تعبر عن الحضارة أو الرقي كما تدعي المجتمعات التي تدعمهم.
وأضاف خطيب الجامع الأزهر أن الأمة يجب أن تتوحد وتتوحد، لأن الفرقة والانقسام أخطر أعداء هذه الأمة. ولم يضعف موقفها ولم يتأخر دورها إلا بسبب الانقسام. والأعداء يدركون ذلك جيداً، ولذلك يعملون بطرق مختلفة على زيادة الخلافات بين المجتمعات الإسلامية، من أجل تمهيد الطريق لها لمحاولة تحديد مصيرها. التاريخ يتحدث عن نفسه.
وأوضح أنه في أوقات الأزمات من واجب الأمة أن تعلم أن تحرير الوطن يعتمد على الفكر التحرري من خلال الفهم الكامل لمشاكلنا. فلسطين هي مشكلتنا الأولى ويجب أن نذكر أطفالنا بتاريخنا المجيد ونقدم لهم كل الحقائق حتى لا نسمح لأحد أن يضلهم. فلسطين ليست قضية يمكن القبول بالربح والخسارة فيها، بل هي حق ثابت لا يمكن تغييره بالعدوان أو الحروب أو القتل. إن محاولة التعامل معها كمشكلة شعب مخادعة، لأن فلسطين هي مشكلة الأمة الإسلامية كلها، والانتهاكات التي تجري فيها جعلتها مشكلة البشرية جمعاء. ما يقال على لسان المسؤولين في العالم ويردده الإعلام عن الانقسامات كان في البداية مشكلة إسلامية، ثم اختصر وأصبح مشكلة عربية، ثم تم تهميشه فأصبح مشكلة فلسطينية، ثم تم خنقه فأصبح مشكلة الأرض المحتلة.
وتابع: “وكأن البلد بلدين: بلد محتل”. وهذا خديعة وخديعة في المسألة الأولى المصيرية للمسلمين. نحن لا نقبل تقسيم “القضية الفلسطينية” إلى عدة قضايا، لأنها قضية لا يمكن مناقشتها إلا بكلمة واحدة وهي “القضية الإسلامية”. ولا يمكننا أن نتحدث عن الصهاينة إلا في سياق أنهم غرباء في هذا البلد وأن البلد يكرههم بكل ما فيه وكل شيء فيه”.
وأكد أن حب الوطن والدفاع عنه من أصول العقيدة الإسلامية. ولهذا علّمنا الرسول صلى الله عليه وسلم حب الوطن من خلال درس عملي تجلى في حبه صلى الله عليه وسلم لوطنه مكة المكرمة. ولما استقر في المدينة المنورة سأل الله تعالى أن يحببها إليه كما أحب مكة. البلدان الأصلية غير قابلة للتفاوض. الأوطان ليست سلعة يمكن شراؤها وبيعها. وحب الوطن أيضاً من طبيعة الإنسان. قال الله تعالى: (وَلَوْ أَنَّهُ كَتَبَ عَلَيْهِمْ أَنْ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوْ خَرَجُوا مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ)
وفي ختام كلمته أكد أن المواقف المشرفة لمصر وشعبها والأزهر الشريف في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني تدعونا إلى التوحد خلف هذا الرأي الذي يحفظ عقيدتنا وإنسانيتنا، وعدم السماح لأحد بأن يسلبنا شخصيتنا أو يملي علينا قواعده. لم نخلق لنُسلخ آذاننا، ولم نخلق لنقول لأي مخلوق، أياً كان: سمعنا وأطعنا، وإذا لم نحرر عقولنا وإرادتنا فلن نتمكن من تحرير بلادنا.