خط التماس.. فيلم عن إعادة مساءلة تاريخ الحرب على لسان المشاركين فيها في مهرجان الإسماعيلية ‎

منذ 5 شهور
خط التماس.. فيلم عن إعادة مساءلة تاريخ الحرب على لسان المشاركين فيها في مهرجان الإسماعيلية ‎

الحروب تطارد المخرجين العرب مهما طالت، لكن شقاً في الروح يظل يطارد صاحبه، يدفعه لاستكشافه ومساءلة التاريخ من خلال صنع فيلم عن هذا الشق. ومن الأمثلة الواضحة على ذلك الفيلم الوثائقي اللبناني «خط الاتصال» للمخرجة سيلفي باليو.

في 150 دقيقة، تحكي باليوت قصة امرأة تعود إلى الماضي وتضع حدًا له، وتحاول إعادة إحيائه باستخدام نموذج معماري مصنوع من الرسومات والطين، وفي هذه العملية تلتقي بأشخاص ينتمون إلى هذا الماضي.

وتدور الأحداث حول الحرب الأهلية اللبنانية الأولى (1975-1990)، حين لم تكن بطلة الفيلم قد تجاوزت الخامسة من عمرها بعد، لكنها تتذكر العديد من الأحداث المربكة المتعلقة بالحرب وأهوالها.

نشأت فداء في قلب بيروت، التي مزقتها الحرب الأهلية لأكثر من عقد من الزمان. تميزت طفولتها بالجحيم الذي أخبرتها عنه جدتها، عالم من الخوف والدمار. هذه التجارب المريرة جعلتهم يتساءلون حول قيمة الحياة، ومعنى الصراعات التي لا تنتهي، ودوافع الناس العاديين الذين شاركوا فيها.

عرض الفيلم ضمن برنامج مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة بمهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة وضمت لجنة التحكيم: مروان عمارة مخرج ومبرمج أفلام (مدير المسابقة)، نور الدين أحمد باحث ومبرمج أفلام، وسلمى الشرنوبي مخرجة أفلام مصرية.

– إعادة النظر في التاريخ

يقوم المخرج بإعادة النظر في التاريخ من خلال إعادة بناء البنية الحضرية لبيروت خلال الحرب الأهلية الأولى. ويستخدم نموذجاً كاملاً لخريطة بيروت، وتصميماً فنياً للمباني والمناطق والشوارع والأحياء، والطين لتجسيد الأفراد.

كما اعتمدت أيضًا على مواد أرشيفية واسعة النطاق حول موضوع الحرب، وخلطت بين الواقع والخيال، وانتقلت بين الاثنين في معظم أحداث الفيلم.

كل هذا حدث على المستوى البصري، أما مستوى الموسيقى التصويرية فكان عبارة عن مزيج من الحوارات بين فداء وشخصيات من طبقات وانتماءات مختلفة شاركت في الحرب الأهلية، وأصوات خيالية ومسجلة لبنادق القنص والقنابل والصراخ والبكاء.

اختار المخرج دمج اللقطات الخيالية وجلسات الحوار في مكان واحد، وهو مبنى سكني مدمر يبدو وكأنه تعرض للقصف للتو. كان يريد أن يخلق جوًا يشبه فترة الحرب ويضع الشخصيات فيها وتوقظ مشاعرهم تجاه ذلك الوقت. ويرصد سلسلة من المواقف القاسية التي عاشتها في طفولتها نتيجة الحرب، مثل رؤية الجثث، وتهديد المسلح، ومقتل والدها.

وتدور الأسئلة التي طرحت على الناس حول سبب مشاركتهم في الحرب الأهلية، وكيف شعروا حيال عمليات القتل، وكيف يشعرون اليوم، بعد سنوات عديدة من أفعالهم. وتراوحت ردود أفعال الناس بين الندم والفخر والدفاع عن النفس والتبرير والاعتذار.

يذكر أن فيلم “خط الاتصال” شهد عرضه العالمي الأول في مهرجان لوكارنو السينمائي الدولي، حيث حقق الفيلم نجاحاً ملحوظاً، وحصل على جائزتين: جائزة موبي لأفضل فيلم أول واعد، وجائزة السينما والشباب الأولى.

تستمر هذه الفعاليات السينمائية لمدة أسبوع. يقدم مهرجان الإسماعيلية مجموعة متنوعة من الأفلام الوثائقية والقصيرة بالإضافة إلى ورش العمل والمناقشات التي يشارك فيها النقاد والمخرجون وعشاق السينما. ويتضمن المهرجان أيضًا عروضًا خاصة للأفلام الوثائقية والرسوم المتحركة القصيرة حول مواضيع إنسانية وثقافية واجتماعية.

يتم تنظيم المهرجان سنويًا من قبل المركز الوطني للسينما. يعد مهرجان الإسماعيلية السينمائي الدولي، الذي تأسس عام 1991، أحد أقدم المهرجانات السينمائية في المنطقة. ويتميز بتركيزه على الأفلام الوثائقية والقصيرة، مما يجعله منصة متميزة للأعمال ذات الطابع الفني المتميز، وداعماً مهماً للمواهب الجديدة في مجال السينما.


شارك