خبير: الاعتراف بفلسطين مهم ويجب إقرانه بوقف الإبادة ومحاسبة إسرائيل

منذ 4 ساعات
خبير: الاعتراف بفلسطين مهم ويجب إقرانه بوقف الإبادة ومحاسبة إسرائيل

** الخبير الفلسطيني نهاد أبو غوش في حديث لوكالة الأناضول: إن الدول الغربية التي تسببت في نكبة الشعب الفلسطيني هي التي تعترف بدولتنا اليوم. وهناك مخاوف من أن تكون الاعترافات مجرد تصريحات شفوية لا تتبعها أي خطوات عملية. ولا ينبغي أن يكون الاعتراف بالدولة مشروطا من الجانب الفلسطيني. ينبغي أن يُعهد إلى واشنطن بتطبيق القانون الدولي، لكن ترامب لا يفعل ذلك.

يصف نهاد أبو غوش، الكاتب السياسي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، تزايد الاعتراف بدولة فلسطين بأنه خطوة مهمة تمنح الشعب حق تقرير مصيره بعد ظلم تاريخي كبير. ويدعو إلى خطوات عملية ترافق هذه الخطوة، لا سيما محاسبة إسرائيل على جرائمها.

جاء ذلك في مقابلة مع أبو غوش لوكالة الأناضول للأنباء، علق فيها على اعتراف بريطانيا وكندا وأستراليا والبرتغال، الأحد، بدولة فلسطين.

يوم الاثنين، اعترفت فرنسا ومالطا ولوكسمبورغ وبلجيكا وأندورا وموناكو بدولة فلسطين في “مؤتمر حل الدولتين” بنيويورك. وبذلك، ارتفع عدد الدول المعترفة بالدولة إلى 159 من أصل 193 دولة عضوًا في الأمم المتحدة. وقد أبدت إسرائيل استياءها الشديد من هذا القرار، واصفةً إياه بـ”تسونامي سياسي”.

هددت إسرائيل الفلسطينيين الذين رحّبوا بهذه الخطوة بالعقاب. وتعهد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأن “دولة فلسطين لن تُقام”، بينما أعلن وزير ماليته بتسلئيل سموتريتش أن “الرد الوحيد على الاعتراف بدولة فلسطين هو الضم الفوري” للضفة الغربية المحتلة.

** خطوة مهمة

ويرى أبو غوش أن “أي اعتراف بالحقوق الفلسطينية يعد خطوة مهمة نحو العدالة لشعب ظل مضطهداً لمدة قرن من الزمان ويتعرض لأعظم ظلم في التاريخ”.

ويشير إلى أن “الدول الغربية التي أنزلت الظلم والكوارث بالشعب الفلسطيني تعترف الآن بدولتنا. هذه الخطوة طال انتظارها، لكنها مهمة”.

وفيما يتعلق باعتراف لندن بدولة فلسطين، يشير الخبير إلى أن بريطانيا العظمى هي التي أسست إسرائيل، وأن فرنسا هي التي ضمنت تفوقها العسكري ومكنتها من الحصول على تقنيات مهمة.

ويعتقد الفلسطينيون أن جذور مأساتهم تعود إلى وعد بلفور عام 1917، عندما كتب وزير الخارجية البريطاني آنذاك آرثر بلفور رسالة إلى زعيم الحركة الصهيونية يعد فيها بإنشاء “وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين”.

ومنذ ذلك الحين، يلوم الفلسطينيون بريطانيا على معاناتهم بعد إنشاء دولة إسرائيل في عام 1948 وحرمان الفلسطينيين على مدى عقود من الزمن من حقوقهم في أرضهم التاريخية.

ويرى الخبير الفلسطيني أن هذه الاعترافات “خطوة مهمة تأتي في ظل حرب إبادة وجرائم غير مسبوقة، أعقبها التهديد الإسرائيلي بضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة واستكمال حرب الإبادة”.

ويعرب أبو غوش عن خشيته من أن يظل الاعتراف بهذه الدول “مجرد تصريحات لفظية لن تتبعها خطوات عملية”.

وللتصدي لذلك، دعا إلى “خطوات عملية، بما في ذلك مقاطعة إسرائيل، وفرض حظر على الأسلحة ضدها، وحماية حل الدولتين”.

وتابع: “يجب ألا نكتفي بالإعلان عن حقوق الشعب الفلسطيني، بل أن نحميها أيضًا. يجب ألا نترك لإسرائيل مجالًا على الأرض للتصرف بشكل أحادي بدعم من الولايات المتحدة، التي تدعم رؤيتها لحل قائم على التهجير والإبادة الجماعية والتطهير العرقي”.

وطالب أبو غوش أيضا بأن “تقترن هذه الاعترافات بمطالبة بمحاسبة إسرائيل بموجب القانون الدولي ومنعها من مواصلة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة”.

وأكد أن “الاعتراف يمنح دولة فلسطين الحق المطلق في تقرير المصير. وهذا ليس هبة من أحد، بل هو حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره”.

**الاعترافات مرجع قانوني.

وقال الخبير الفلسطيني: “لا ينبغي ربط هذا الحق بشروط تفرضها هذه الدول على الجانب الفلسطيني، لأن هذه الدول اعترفت بإسرائيل دون قيد أو شرط، رغم مجازرها الدموية خلال النكبة (مايو/أيار 1948). وهذا دليل على أننا كنا وما زلنا الضحايا”.

وحول شرعية هذه الاعترافات يقول أبو غوش إنها “تمثل مرجعية قانونية وسياسية يمكنها أن تعطي الشرعية لنضالنا المستمر والذي لن ينتهي إلا بنيل الحقوق الفلسطينية”.

ويرى أن “استغلال هذه الاعترافات يجب أن يرتكز على الإنجازات السياسية والدبلوماسية والنضالية التي حققها الفلسطينيون، وأن تكون هذه الإنجازات موحدة”، ويحذر من أن “الانقسام يعيق استغلال هذه الإنجازات، وللأسف نجد أنفسنا في حالة من الانقسام”.

وأكد أن على قادة الفصائل الفلسطينية “تجاوز خلافاتهم فوراً وصياغة رؤية وخطة وطنية شاملة تأخذ في الاعتبار الاعتراف الدولي وكل أشكال النضال السياسي والدبلوماسي والشعبي”.

وتابع: “إننا نواجه يوميا التهجير والإبادة الجماعية (من قبل إسرائيل) في غزة، وكل هذا يجب أن يكون جزءا من برنامج نضالي مشترك”.

لقد كان وضع الفلسطينيين منقسما سياسيا وجغرافيا منذ عام 2007: حيث تسيطر حماس على قطاع غزة، في حين تحكم حكومة شكلتها حركة فتح بقيادة الرئيس محمود عباس الضفة الغربية المحتلة.

**وضع إسرائيل “في أدنى مستوياته”

وفيما يتعلق بموقف واشنطن، يقول أبو غوش إن الاعترافات تتناقض مع موقف الولايات المتحدة، التي ألقى رئيسها دونالد ترامب بكامل ثقله خلف نتنياهو، وانحاز إلى الفصيل الأكثر تطرفا وفاشية في إسرائيل.

وأكد أن “هذا التحيز لا يصب في مصلحة الولايات المتحدة ويتعارض مع مسؤوليات القوة العظمى”.

ويطالب الخبير الفلسطيني بأن تُوكل إلى واشنطن “مهمة تطبيق القانون الدولي وخلق السلام في العالم”، مضيفاً: “لكن ترامب لا يفعل ذلك”.

ويعتقد أيضًا أن “اعتماد إسرائيل على ترامب لا يمكن أن يدوم. تشير استطلاعات الرأي إلى تغييرات جدية في المجتمع الأمريكي لصالح فلسطين، كما أن نسبة متزايدة من أعضاء الحزب الجمهوري تنظر إلى إسرائيل كعبء”.

وعن إمكانية ضم الضفة الغربية للسيادة الإسرائيلية، يقول أبو غوش: “السلوك الإسرائيلي في الأشهر الأخيرة لم يعد يسير وفق خطوات منطقية، بل يعتمد على جنون العظمة، مثل العدوان على الدوحة (قبل أسبوعين) والإبادة المستمرة في غزة”.

ويخلص الخبير إلى القول: “نتنياهو يخوض حربه الخاصة، محاولاً البقاء في السلطة بأي ثمن، حتى على حساب السجناء وسمعة إسرائيل التي وصلت إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق”.

يُشار إلى أن الاعتراف بدولة فلسطين تزامن مع حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة، المستمرة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والتي أسفرت عن سقوط 65,344 شهيداً و166,795 جريحاً معظمهم من الأطفال والنساء، فضلاً عن المجاعة التي أودت بحياة 442 فلسطينياً، بينهم 147 طفلاً.

في هذه الأثناء، قتل الجيش الإسرائيلي والمستوطنون في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، ما لا يقل عن 1042 فلسطينياً، وأصابوا نحو 10160 آخرين، واعتقلوا أكثر من 19 ألفاً، وفقاً لأرقام فلسطينية رسمية.

 


شارك