أهالي شرقي خان يونس.. انهكهم النزوح و«محور ملعون» يفصلهم عن ديارهم

يفصلهم “محور ملعون” عن مدنهم وقراهم ومنازلهم وحياتهم. تحت وطأة النزوح المستمر، الذي كانت آخر موجة منه قبل نحو نصف عام، أصبحت هذه الذكريات مجرد ذكريات عالقة في أذهانهم. التشرد والفقر ونقص الدعم والصمود يحفران في أعماقهم.
سكان المنطقة الشرقية من محافظة خانيونس جنوب قطاع غزة، أهلهم الأعزاء في مدنهم التي كانت تسمى بالجنة لجمالها، طُردوا من منازلهم وتركوا في العراء بين المراعي المستهدفة وجوانب الطرق المدمرة.
يعاني سكان المناطق الشرقية، التي أخلاها جيش الاحتلال بالكامل، ظروفًا قاسية. في مايو/أيار الماضي، نزحوا من منازلهم بسبب القصف المدفعي والجوي، ولم يتمكنوا من حمل أمتعتهم أو ملابسهم معهم.
أطلقت منظمات حقوق الإنسان والجمعيات الخيرية والمواقع الرسمية الممثلة للمنطقة الشرقية نداءات استغاثة لتقديم العون والدعم للنازحين في المنطقة.
“كفى. نريد العودة إلى ديارنا. نفضل الموت هناك على تحمل هذا الذل”، تقول أم محمد رضوان، نازحة من بني سهيلة، في مسجد بلال غرب المدينة المكتظة بالنازحين منذ أشهر.
وأضافت لوكالة صفا للأنباء: “لقد حطمنا الطرد. يتزاحم الناس في المسجد. هناك صراخ كل يوم، والأطفال لم يعودوا قادرين على التحمل”.
– انعدام الحياة
“لا خصوصية لدينا، ولا حياة، ولا ملابس، ولا دخل يساعدنا على مواجهة هذه المأساة”، يقول محمد النجار، وهو نازح من بلدة عبسان الكبيرة.
واشتكى لوكالة صفا للأنباء من قلة الدعم، مضيفًا: “نحن نُنسى. اليهود يُفسدون بلادنا، ونحن مُلقون في الشوارع. لا أحد يسأل عنا”.
ويناشد أبو إبراهيم نصيرة أهل الخير وأصحاب الضمائر الحية والمنظمات الخيرية والحقوقية مساعدتهم وتوفير السكن الذي يخفف من الاكتظاظ والمعاناة التي يعيشونها في معظم مخيمات اللجوء.
وفي تصريح لوكالة “صفا” للأنباء، أعرب عن حزن أهالي المنطقة بسبب رفض جيش الاحتلال السماح لهم بالعودة إلى منازلهم.
يقول: “أعلنوا مناطق خضراء، وسعدنا بفرحة سكان المناطق المحيطة. لكن الجيش لا يزال يصنف مناطقنا حمراء”.
يردد بغضب: «محور ملعون يفصلنا عن وطننا وجيش يتحكم في مصير حياتنا».
تتمركز قوات جيش الاحتلال على عدة محاور بين شرق خان يونس وغربها، مقسمةً إياها إلى ما يُسمى محور “كيسوفيم”، الممتد من الحدود إلى البحر. وفي قطاع غزة، يُضاف محور تقسيم رابع إلى فرق “مفلاسيم” و”نتساريم” و”فيلادلفي”.
أكد شهود عيان ومصادر ميدانية لوكالة صفا الإخبارية استشهاد عدد كبير من أبناء المنطقة الشرقية أثناء توجههم إلى مدنهم. كما أكدوا أن هناك شهداء لا يزالون جثثهم ملقاة في الشوارع، وأن جيش الاحتلال يطلق النار على كل من يدخلها.
وثّقت مصادر رسمية موجات نزوح جماعي متتالية من الأحياء والبلدات شرق خان يونس. وتراوحت تقديرات موجات النزوح الأخيرة بين آلاف الأشخاص الذين غادروا خان يونس، بما في ذلك موجة يوليو 2024 التي نزح فيها أكثر من 180 ألف شخص خلال أيام قليلة، وموجات نزوح مستمرة منذ مارس 2025.
• التحول المستمر
وقالت دائرة الإعلام الحكومي لوكالة صفا للأنباء إن قسما كبيرا من سكان المناطق الشرقية نزحوا إلى منطقة المواصي ووسط وغرب خانيونس والمخيمات هناك.
يوضح أن عدد سكان محافظة خان يونس بأكملها قبل الحرب كان يزيد عن 479,500 نسمة. وإذا ما أضفنا التجمعات والأحياء الشرقية (بني سهيلة، وعبسان، والفخاري، والقرارة، وخزاعة، وبقية المنطقة الشرقية)، فإن هذه التجمعات السكانية والنازحين المقيمين فيها مجتمعين بلغ عددهم أكثر من 220,000 نسمة.
وتؤكد الحكومة أن عدد القتلى في المناطق الشرقية لمحافظة خانيونس تجاوز 2500 قتيل.
يشار إلى أن الفرق الحكومية لم تستكمل حتى الآن عملية حصر السكان وتقييم الأضرار الفعلية في المناطق الشرقية بمحافظة خانيونس.
وأفاد مكتب الإعلام أن أوامر الإخلاء والعدوان والتدمير وجهت لعدد من البلدات شرق المحافظة منها بني سهيلة وعبسان والقرارة والفخاري وخربة خزاعة وعدد من المديريات الشرقية.
يتوزع النازحون من المنطقة الشرقية في منطقة المواصي غرب خان يونس، الوجهة الرئيسية للنازحين من المنطقة، بالإضافة إلى مخيمات ومناطق وسط وغرب خان يونس، ومراكز الإيواء الحكومية، والمناطق الساحلية المفتوحة، والمخيمات المؤقتة غرب محافظة خان يونس. وأكد المكتب الإعلامي انعدام أي مساعدات إنسانية في هذه المناطق.
منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل بدعم أمريكي حرب إبادة جماعية وجريمة تجويع أسفرت عن استشهاد أكثر من 63 ألف شخص، وإصابة أكثر من 170 ألف شخص، وفقدان أكثر من 14 ألف شخص تحت الأنقاض.