خبير سياسي: يجب إيجاد حلول سياسية بسوريا للتغلب على الانقسامات

منذ 5 ساعات
خبير سياسي: يجب إيجاد حلول سياسية بسوريا للتغلب على الانقسامات

أكد المحلل السياسي المتخصص في الشأن السوري زكي الدروبي أن سوريا في هذه المرحلة الانتقالية شديدة التعقيد تواجه قرارات مصيرية قد تحافظ على جغرافيتها التاريخية وتستعيد مكانتها الإقليمية أو تعمق الانقسامات الاجتماعية القائمة.

في تصريحات متلفزة، أضاف أنه بعد أن كشفت الأحداث الأخيرة في المحافظات الساحلية والسويداء هشاشة الوضع الراهن والانقسامات المجتمعية، أُعيد إحياء النقاش حول النموذج الفيدرالي كحلٍّ مُحتمل لمعالجة مسألة التنوع واللامركزية في الحكم. وتجلى ذلك بوضوح بعد سقوط النظام، حيث فُككت أجهزة الأمن والشرطة بالكامل، مما خلق فراغًا أمنيًا وعمّق الانقسامات. في غضون ذلك، أعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عن هجمات متكررة ضد المدنيين وقوات جيش سوريا الجديد.

أوضح الخبير السياسي أن الاشتباكات الدامية بين الدروز والبدو في السويداء أودت بحياة المئات، وشردت 175 ألف شخص، وألحقت أضرارًا بالبنية التحتية للمياه والكهرباء. وعلى الساحل السوري، تعرض المدنيون العلويون لاعتداءات جماعية، أسفرت عن مقتل 1426 شخصًا، معظمهم من المدنيين.

وأشار إلى أن التدخل الإسرائيلي المستمر في جنوب سوريا يلعب دورًا سلبيًا في فرض سيطرة الدولة على هذه المناطق. فقد اخترقت القوات الإسرائيلية المنطقة العازلة، وأنشأت اثنتي عشرة قاعدة عسكرية جديدة، وتقدمت إلى أطراف دمشق، منتهكة بذلك اتفاقية فك الاشتباك لعام ١٩٧٤.

وأكد الدروبي أنه في الوقت الذي تقدم فيه إسرائيل نفسها على أنها حامية للدروز، وتوفر الحماية العسكرية لبعض القرى الدرزية وتقصف مواقع رئيسية في دمشق رداً على الأحداث الأخيرة في السويداء، فإن الحكومة السورية سعت إلى تجنب التصعيد المباشر مع إسرائيل من خلال سحب الأسلحة الثقيلة من المنطقة العازلة وتعزيز الحوار الدبلوماسي من خلال الوساطة الدولية، في إطار رفض أي وجود عسكري إسرائيلي في المنطقة.

وأضاف أن كل هذه الأحداث عززت فقدان الثقة بقدرة الحكومة المركزية على توفير الأمن، وزادت من حدة الدعوات إلى نظام لامركزي، مما دفع مناطق مثل السويداء إلى المطالبة بالحكم الذاتي. في غضون ذلك، تأسس المجلس السياسي لوسط وغرب سوريا في أغسطس/آب 2025 بمشاركة سياسيين، للمطالبة بتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، وإرساء نظام فيدرالي يحترم حقوق جميع المكونات.

وأكد أن قوات سوريا الديمقراطية لا تزال تفرض واقعاً إدارياً منفصلاً في الشمال الشرقي، رغم الاتفاق الموقع مع دمشق في مارس/آذار 2025. ولا تزال الخلافات حول طبيعة الحكم والتكامل العسكري قائمة، وتحذر الحكومة من أن الفيدرالية، تحت تأثير القوى الإقليمية، قد تؤدي إلى انقسامات طائفية، كما هو الحال في الجنوب، حيث تحاول إسرائيل إنشاء منطقة نفوذ لها.

وقال إن أنصار الفيدرالية في سوريا يرون أنها ضمانة أساسية لحماية حقوق الأقليات والتوزيع العادل للسلطة والثروة بين مختلف المناطق، مشيرًا إلى نماذج عالمية ناجحة مثل سويسرا وكندا والعراق.

أكد الدروبي أن نجاح النموذج الفيدرالي يتطلب عقدًا اجتماعيًا جديدًا وحوارًا وطنيًا شاملًا يضمن الوحدة ويراعي الخصوصيات. كما يجب معالجة الأسباب الاقتصادية للأزمة ورفع العقوبات لتسهيل إعادة الإعمار.

وأوضح أن الاقتصاد السوري انكمش بأكثر من 85% منذ عام 2011. وتضرر نصف البنية التحتية للكهرباء، ودُمرت شبكات الطرق والمياه. وتُقدر تكلفة إعادة الإعمار بنحو 400 مليار دولار، ناهيك عن سيطرة قوات سوريا الديمقراطية على مناطق النفط والغاز في الشرق، مما يحرم الحكومة من إيرادات حيوية.

واختتم حديثه بالقول إن النموذج المركزي التقليدي أثبت عجزه عن إدارة التنوع في سوريا، في حين يقدم النظام الفيدرالي بديلاً يوفر الأمل في العدالة والمساواة بين جميع السوريين بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية.


شارك