لماذا يرتعد الاتحاد الأوروبي كـ”فأر” أمام ترامب؟

بقلم : أسماء البطكوشي
رغم أن الاتحاد الأوروبي يمثل قوة سياسية واقتصادية هائلة على الساحة الدولية، إلا أن مواقفه المتكررة ضد إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أثارت تساؤلات لدى الكثيرين: لماذا ينسحب الاتحاد؟ ولماذا لا يُؤكد ثقله في تعامله مع واشنطن؟
لماذا يرتجف الاتحاد الأوروبي كالفأر أمام ترامب؟ كان هذا السؤال محور مقالٍ لألكسندر هيرست نُشر في صحيفة الغارديان، والذي تناول نقاط ضعف أوروبا في مواجهة خطاب ترامب الشعبوي وسلوك إدارته المدفوع بالضغوط.
يستذكر الكاتب الحملات الساخرة التي شنتها الدول الأوروبية على ترامب خلال ولايته الأولى. ومن الجدير بالذكر بشكل خاص الفيديو الهولندي الشهير الذي خاطب فيه ترامب قائلاً: “نعلم أن أمريكا تأتي أولاً… ولكن هل يمكننا أن نأتي ثانياً أيضاً؟” ورغم طابعها الكوميدي، يبدو أن الرسالة الأوروبية لم تكن مجرد مزحة؛ بل تعكس عقلية تصالحية لا تزال سائدة في مؤسسات الاتحاد الأوروبي.
يوضح هيرست أن الدول الأوروبية قررت الانسحاب طواعيةً خشيةً من صعوبات في المفاوضات التجارية مع إدارة ترامب. كان بإمكانها الاحتفاظ بحرية اختيارها، لكنها فضّلت الرضوخ لضغوط البيت الأبيض، واستثمار مبالغ طائلة في صفقات الأسلحة الأمريكية، والتراجع عن مواقفها البيئية، والموافقة على واردات الغاز الأمريكية، وعدم الردّ بحزم على الحرب التجارية الأمريكية.
وسلط الكاتب الضوء على اتفاق التجارة الذي أعلن عنه الشهر الماضي الرئيس الأمريكي ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، وتساءل لماذا يعتبر الاتحاد الأوروبي، العملاق، نفسه “فأرًا” ولماذا لا يفعل ما فعلته الصين بالرد على ترامب بالرسوم الجمركية حتى يتراجع.
يجادل الكاتب بأنه على الرغم من نفوذه، فإن الاتحاد الأوروبي يعجز عن استخدام أدواته. لو أراد، لكان بإمكانه استخدام “آلية مكافحة الإكراه” لمنع صادرات أمريكية مهمة، أو فرض ضرائب على شركات وادي السيليكون، أو التهديد بإلغاء حماية الملكية الفكرية.
ومع ذلك، ورغم هذا النفوذ، تواصل أوروبا التراجع بدلًا من لعب أوراقها. ويعتقد الكاتب أن الولايات المتحدة ستخسر أكثر من أوروبا إذا قررت الأخيرة مواجهة نفوذ ترامب. ويجادل بأن الرأي العام الأوروبي، الرافض لترامب، قد يوفر غطاءً سياسيًا لتصعيد محتمل.
وانتقد هيرست النظرة الأوروبية إلى نفسها، حيث لا تزال واشنطن تراها حليفاً يمكن احتواؤه واسترضاؤه، في حين يراها ترامب طرفاً ضعيفاً يمكن إخضاعه.
يُجادل المقال بأن العالم يتجه نحو منطق مناطق النفوذ بدلًا من الالتزام بالقانون الدولي. ويستغل ترامب هذا التحول دون رؤية متماسكة. في المقابل، لا تزال أوروبا من الأطراف القليلة التي تؤمن بالقانون والمؤسسات.
ويشير هيرست إلى أنه على الرغم من إيمان الاتحاد الأوروبي بالقانون والمؤسسات، فإنه يظل مقيداً بمنظور أميركي يحد من قدرته على اتخاذ موقف قوي، سواء فيما يتصل بأوكرانيا أو قطاع غزة.
في الختام، دعا الكاتب الاتحاد الأوروبي إلى التطور من وكالة موجهة نحو المستهلك إلى هيئة صنع القرار. وينبغي تحقيق ذلك من خلال تدابير ملموسة، مثل فرض ضرائب عادلة على الشركات، وضرائب على الثروات، وتسعير انبعاثات الكربون، والاستثمار في التكنولوجيا والفضاء. وأشار إلى أن ميزانية ناسا وحدها تفوق بكثير ميزانية نظيرتها الأوروبية.