دفن ألف حاوية.. كيف انكشفت جريمة حرق إسرائيل للمساعدات الإنسانية؟

اعترف جيش الاحتلال الإسرائيلي بإتلاف كميات كبيرة من الغذاء والدواء المخصصة لقطاع غزة. في الوقت نفسه، يرتفع عدد الوفيات بسبب الجوع ويسود غضب دولي.
تتصاعد الأزمة الإنسانية في قطاع غزة المحاصر بشكل خطير: وكما أكدت هيئة البث الإسرائيلية “كان” يوم الجمعة الماضي، قام جيش الاحتلال الإسرائيلي بتدمير عشرات الآلاف من طرود المساعدات – بما في ذلك كميات كبيرة من الغذاء والأدوية – المخصصة لسكان قطاع غزة الجائعين.
ونقل التقرير عن مصادر عسكرية إسرائيلية قولها إن أكثر من ألف شاحنة تحمل مساعدات إنسانية تعرضت للتدمير عمدا.
وأضافت المصادر: “آلاف الطرود الغذائية ملقاة تحت أشعة الشمس، وإذا لم تُنقل إلى غزة، فسنضطر إلى إتلافها”. ورغم تزايد الضغوط الدولية لتسهيل دخول المساعدات، زعمت السلطات الإسرائيلية أن الإتلاف ناجم عن “خلل في آلية توزيع المساعدات” داخل قطاع غزة.
أثارت هذه الخطوة انتقادات واسعة، لا سيما أنها تأتي في وقت يصف فيه خبراء الشؤون الإنسانية والمنظمات الدولية المجاعة في قطاع غزة بأنها غير مسبوقة. أكثر من 2.3 مليون شخص في قطاع غزة على شفا الموت بعد أكثر من 21 شهرًا من الحرب والحصار وسياسات التجويع المتعمدة.
وفي تقرير صادم، اعترف جيش الاحتلال الإسرائيلي بإتلاف ودفن محتويات أكثر من ألف شاحنة مساعدات بعد إتلافها بسبب التأخير الإسرائيلي وسوء الإدارة في عملية التوزيع.
تقرير صادم: الجيش الإسرائيلي يعترف بتدمير ودفن محتويات 1000 شاحنة مساعدات – لأن الإمدادات نفدت، بينما تأخرت إسرائيل في توزيع المساعدات وأساءت التعامل معها.
إذا أخبرك أحد أن الأمم المتحدة هي المسؤولة. pic.twitter.com/FgxUxRGGIV
– إيتان نيشين (@Etanetan23) 25 يوليو 2025
تشهد التقارير الواردة من قطاع غزة على واقعٍ يزداد قتامة: إذ يضطر السكان للبقاء على قيد الحياة على علف الحيوانات، أو العشب، أو لا شيء على الإطلاق. وتعيش الأسر النازحة على قشور البطاطس، أو الأعشاب البرية، أو الدقيق المصنوع من قشور الذرة المجففة. وقد دُمر الوصول إلى المواد الغذائية الأساسية بشكل شبه كامل.
وأفاد الأطباء في المستشفيات والملاجئ الطارئة بزيادة في الوفيات الناجمة عن سوء التغذية، وخاصة بين الأطفال وكبار السن والأشخاص المصابين بأمراض مزمنة.
وفقًا لوزارة الصحة في غزة، لقي 122 شخصًا، معظمهم من الأطفال، حتفهم نتيجة الجوع أو أسبابه. وتشير الإحصاءات إلى أن 11.5% من الأطفال يعانون من سوء التغذية الحاد، وهو معدل يُعتبر كارثيًا وفقًا للمعايير الصحية العالمية. وتحذر المنظمات الإنسانية من أن الأعداد الفعلية قد تكون أعلى بكثير، نظرًا لانهيار أنظمة الصحة والمراقبة في أجزاء كبيرة من قطاع غزة.
إن تدمير المساعدات الإنسانية ليس حادثًا معزولًا، بل هو جزء من نمط حصار طويل الأمد. فرضت إسرائيل حصارًا صارمًا على قطاع غزة لما يقرب من عقدين من الزمن، لكن الوضع تدهور بشكل ملحوظ منذ اندلاع الحرب.
واتهمت منظمات الإغاثة الدولية ووكالات الأمم المتحدة الحكومة الإسرائيلية مرارا وتكرارا بمنع أو تأخير دخول المساعدات، في حين تتعفن عشرات الآلاف من الأطنان من المواد الغذائية والمياه والإمدادات الطبية عند المعابر الحدودية.
في الساعات الأولى من صباح الأحد، شهد قطاع غزة حدثًا إنسانيًا بالغ الأهمية: دخلت قافلة ضخمة من الشاحنات المصرية المحملة بالمساعدات الإنسانية إلى القطاع. انطلقت القوافل من معبر رفح الحدودي باتجاه كرم أبو سالم، ومنها إلى المناطق المتضررة داخل القطاع.
جاءت هذه الخطوة بعد أشهر من التحذيرات الدولية المتزايدة من تفاقم المجاعة والأزمة الإنسانية في قطاع غزة نتيجة استمرار الحرب والحصار. وتزايد الضغط العربي والدولي على الأطراف المتحاربة، ودعا المجتمع الدولي إلى تسهيل وصول المساعدات الإنسانية الحيوية إلى السكان المدنيين في قطاع غزة.
وبعد منتصف الليل بقليل، بدأت الشاحنات التي تحمل مساعدات إنسانية بالدخول إلى غزة من الجانب المصري عبر معبر رفح الحدودي، بعد أن أعلنت إسرائيل عن “وقفات تكتيكية”، أو وقف إطلاق نار مؤقت، في مناطق مختلفة لتسهيل مرور قوافل المساعدات والسماح لبرامج الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة الدولية بدخول غزة بأمان.
ويأتي هذا التنسيق الأمني بعد فترة من التوقف شبه الكامل لحركة الشاحنات بسبب إغلاق معبر رفح، ما أدى إلى أزمة غذائية حادة ونقص في المساعدات الإنسانية.