صحفي إسرائيلي: إسرائيل تفشل استراتيجيا.. لم نستعد الرهائن ولا قضينا على حماس

نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية مقالا حاد اللهجة ونقديا حول المعضلة الأخلاقية والسياسية والإعلامية التي تجد إسرائيل نفسها فيها بسبب التجويع المتعمد لقطاع غزة.
وفي رسالة نادرة، ادعت الصحيفة: “إن العالم لا يرى سوى صورة طفل جائع، وهي صورة لا يمكن تفسيرها بأي منطق يمكن للعقل البشري أن يفهمها”.
كتبت الصحيفة: “إن الشكاوى المتكررة من تقصير وسائل الإعلام الإسرائيلية في الاستجابة لصور غزة ليست سوى محاولة لتشتيت الانتباه تُخفي الحقيقة الأعمق: فالمشكلة لا تكمن في وسائل الإعلام أو قدرتها على نشرها، بل في الواقع نفسه”. وأشارت إلى أنه “لا يوجد تفسير مقبول للنظرة الفارغة لطفل جائع، وقد انطفأ شعلة التبرير منذ زمن طويل”.
وأضاف المقال: “إن تشكيل لجان تقصي حقائق، أو إشراك خبراء إعلاميين، أو تجنيد مشاهير، لن يُغيّر حقيقة أن إسرائيل تشن حربًا بلا أهداف واضحة، وعواقبها وخيمة على الجميع: الرهائن، والجنود، وسكان غزة غير المنتمين لحماس”. ومع ذلك، يُجادل كاتب المقال بأن “تغيير نظرة العالم إلى إسرائيل لا يتطلب دعاية جديدة، بل واقعًا جديدًا”.
وفي مقال آخر في صحيفة يديعوت أحرونوت، كتب المحلل الإسرائيلي غادي عزرا أن “هذه الحرب تمثل وضعا غير مسبوق في التاريخ الحديث، حيث أن المساعدات الإنسانية التي تقدمها إسرائيل، والتي كان من المفترض أن تعمل على تحسين صورتها الدولية، أصبحت عاملاً يقوض شرعيتها”.
أشار عزرا إلى أن “سوء التخطيط وغياب التنسيق في إدارة المساعدات الإنسانية، بالإضافة إلى تحويل نقاط التوزيع إلى بؤر للفوضى والصراع، أضعف مكانة إسرائيل في العالم بدلًا من تعزيزها”. وكتب: “الجوع من أهم المحفزات الأخلاقية في ضمير المجتمع الدولي، ويأتي في المرتبة الثانية بعد الفقر، كما تُظهر أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة”.
وفي حين أن إسرائيل كانت تهدف إلى إظهار إنسانيتها من خلال هذه المساعدات، إلا أن ما حدث هو العكس تماما، وخاصة في ظل المشاهد المتكررة للهجوم على الطرود الغذائية، والفوضى، ووفاة المدنيين في مناطق توزيع المساعدات.
وأكد عزرا أن المعضلة الأساسية هي أن إسرائيل تخوض حربا بلا أفق وبلا استراتيجية خروج واضحة.
من جهة أخرى، اعتبر الكاتب الإسرائيلي عكيفا لام أن إسرائيل تعاني من فشل استراتيجي لأنها لم تحقق بعد أياً من أهدافها المعلنة: لا إطلاق سراح الرهائن، ولا انهيار حماس، ولا ضمان أمن سكان الجنوب.
وأشار إلى أن “الضغط العسكري لا يحرر الرهائن، بل يقتلهم”، في وقت تنفذ فيه إسرائيل انسحابات وتغير مواقعها باستمرار، في حين تتزايد سيطرة حماس الفعلية على الأراضي وخطوط الإمداد.
وأكد لام أن الصور القادمة من غزة – الأطفال الجائعون والأسر النازحة والدمار الشامل – كانت لها تداعيات عالمية لم تتمكن إسرائيل من احتوائها، حيث لم يعد النقاش يركز على من بدأ الحرب، بل على من يواصل استمرارها.
يزعم: “الرواية الإسرائيلية لم تعد مقنعة. العالم لا يهتم بالسياق أو الخلفية، ولا يكترث بحسابات الائتلاف، أو قوانين الطوارئ، أو تعقيد المفاوضات. لا يرى العالم إلا الحد الأدنى، والحد الأدنى هو صورة طفل جائع على الصفحة الأولى من صحيفة ديلي إكسبريس، كما يزعم الكُتّاب الإسرائيليون”.
ويضيفون أن “التعاطف ليس استراتيجية”، وأن تجاهل الواقع على الأرض – سواء من قِبل قيادة إسرائيل أو مؤيديها – سيؤدي إلى مزيد من الانحطاط الأخلاقي والسياسي. ويدعون إلى إنهاء الحرب بشكل عاجل والبحث عن حلول حقيقية لإنقاذ ما تبقى من شرعية إسرائيل المفقودة.