رفيق اللحن والصمت.. نصير شمة يودّع زياد رحباني بكلمات مؤثرة

قال الفنان العراقي نصير شمة إن رحيل الموسيقار زياد الرحباني كان “لا يُطاق”، مؤكدًا أن العلاقة التي جمعتهما كانت أعمق من مجرد صداقة. ووصفه بأنه “رفيق الألحان والأحاديث والضحكات الهادئة ولحظات الصمت الطويلة التي نتعلم فيها كيف تتحدث الموسيقى حين تصمت الكلمات”.
وفي تصريحات خاصة لـ”الشروق”، أضاف شمة أن زياد ليس فنانًا عاديًا، بل هو “ظاهرة روحية وموسيقية ووجودية. يشبه ذلك الشرق المتعب؛ يضحك وهو ينزف، ويسخر وهو يحترق، ويعزف وهو يختنق بصوته الداخلي”.
وعن لقائه الأخير مع الرحباني في بيت العود بأبوظبي، قال شما: «شعرت وكأن الزمن توقف لحظة لأستمع إلى كل التعب الكامن وراء صوته وما لم يقله، وكان ذلك كثيراً».
اعتبر توقيت وفاة زياد “ليس محض صدفة”، مضيفًا: “إنه صوتٌ يغادرنا وسط ضجيج الموت اليومي في غزة، فلسطين، وعلى خرائطنا التي تآكلت بفعل الخيانة. كأن العالم العربي يعيش حزنًا جماعيًا لا ينتهي، وكأن زياد، الذي لطالما عبّر عن غضبه وغضبه وألمه، يريد الرحيل وسط هذا الصمت الدولي ليُكمل صرخته إلى الأبد”.
وتابع: “كان من القلائل الذين جددوا الأغنية اللبنانية المعاصرة، ليس فقط من خلال التوزيعات الموسيقية أو الكلمات، بل من خلال روحه المتمردة، ورؤيته الثاقبة، وتلك المسافة الذكية التي حافظ عليها دائماً؛ لا على حافة السلطة ولا على حافة الإنكار، بل وسط الدماء”.
وأكد أن زياد “يحتل مكانة لا تمحى في مسيرة فيروز، ليس فقط لأنه ابنها الموسيقي، بل أيضاً لأنه واحد من الذين عبروا عن ضميرها المعاصر وسمحوا لصوت فيروز بطرح أسئلة جديدة ومحرقة وحقيقية”.
واختتم شما حديثه قائلاً: “زياد عرف كل هذا الألم، ولكنه هذه المرة ليس بيننا. رحل جسده، لكن صوته سيبقى كنغمة غير مكتملة، يسألنا كل يوم: لماذا ماتت قلوبنا قبلنا؟”