أزمة النقد المسرحي على طاولة نقاش المهرجان القومي للمسرح

منذ 3 ساعات
أزمة النقد المسرحي على طاولة نقاش المهرجان القومي للمسرح

ضمن المحور الفكري للمهرجان القومي للمسرح المصري الثامن عشر، المُقام برعاية وزارة الثقافة المصرية، وبرئاسة الفنان محمد رياض، عُقدت ندوة بعنوان “أشكال الخطاب النقدي الجديد بين النقد الانطباعي والنقد التطبيقي”. وقد جمعت الندوة نخبة من النقاد والباحثين، منهم الناقد باسم صادق، والناقد محمد النجار، والكاتب محمد عبد الوارث. وأدار الندوة الدكتور أحمد عامر، وشارك فيها نخبة من المسرحيين والمتخصصين في النقد والبحوث المسرحية.

– باسم صادق: التحول الكبير في العملية الإبداعية أعطى قوة أكبر للصورة البصرية.

وفي مداخلته، ناقش الناقد باسم صادق بحثه المعنون “الخطاب النقدي الجديد في المسرح المصري المعاصر: قراءة تطبيقية لعروض هاملت المعكوس، وماكبث، والمصنع، والملك لير”، مسلطاً الضوء على التحولات الجمالية والنوعية التي شهدها المسرح المصري في العقدين الأخيرين.

أوضح صادق أن هذه التحولات ليست سطحية، بل جوهرية في أنماط التعبير الجمالي والخطاب الفكري. وهذا يتطلب حتمًا تحولات موازية في الخطاب النقدي، الذي كان يعتمد سابقًا على التحليلات البنيوية أو التفسيرية باستخدام الأدوات التقليدية.

وأضاف: “مع التغيير الجذري في العملية الإبداعية، أصبحت الصورة البصرية هي القوة المهيمنة، بعناصرها السينوغرافية المتجددة، وتفكيك الدراما الكلاسيكية إلى أجزاء منفصلة مرتبطة ببعضها البعض عبر روابط درامية. وهذا ما دفع النقد إلى البحث عن أدوات معاصرة أكثر تمردًا، تنحرف عن الأشكال النقدية الكلاسيكية”.

– محمد النجار: النقد الحقيقي يرافق الإبداع، أما النقد الانطباعي فيدخلنا في الأزمات.

في كلمته، سلّط الناقد محمد النجار الضوء على التحديات الرئيسية التي تواجه النقد المسرحي الجديد حاليًا. وأكد على الفجوة بين الأدوات الكلاسيكية “النمطية” التي لا تواكب التطورات، وأشكال الخطاب النقدي الجديدة التي تسعى لمواكبة حركة المسرح المعاصر.

أكد أن النقد الانطباعي، المبني على مزاج الناقد، يُمثل أزمة حقيقية، إذ قد يُلحق ضررًا غير مبرر بالأداء المسرحي. وشدد على أهمية تحرر النقاد من قناعاتهم الشخصية وأدواتهم الجامدة.

وأضاف النجار: “لم تعد المشكلة مقتصرة على المنهج الدراسي، بل طالت أدوات النشر. فمع تحول صحيفة “مسرحنا” إلى نسخة إلكترونية، واقتصار مجلة “المسرح” على عدد شهري، بالإضافة إلى ضيق المساحة على مواقع الصحف الإلكترونية، أصبحت فرص النشر الجاد نادرة ومحدودة”.

ودعا إلى تجاوز مرحلة النقد التطبيقي المحض والانفتاح على أشكال جديدة من الخطاب تواكب الحركة الفنية، كما حدث في العصور السابقة عندما تطور النقد بالتوازي مع الحركة المسرحية منذ أرسطو وكتابه «فن الشعر».

– محمد عبد الوارث: الناقد فقد سلطان المعرفة الشاملة.. والمتلقي أصبح أكثر تقدماً.

من جانبه، قدم الناقد محمد عبد الوارث مداخلة حافلة بالأسئلة والتأملات، بدأها بسؤال: كيف نصل إلى مفهوم الخطاب النقدي؟، موضحاً أن الخطاب هنا يشير إلى اللغة التي يكتب بها النقد وقدرته على التواصل مع المتلقي.

أشار عبد الوارث إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصةً بعد ثورة يناير، أحدثت تحولاً جذرياً في الخطاب النقدي. لم يعد السؤال المطروح هو معرفة الناقد، بل قدرته على مواكبة التغيرات. وحذّر من أن الناقد لا يزال محصوراً في دائرة المعرفة التقليدية التي تجاوزها كلٌّ من المُنشئ والمتلقي.

قال عبد الوارث: “يجب أن ندرك أنه مع تطور التكنولوجيا وتعدد منصات الإعلام، فقد الناقد سلطة المعرفة الشاملة التي كان يتمتع بها سابقًا. وهذا يتطلب الآن خطابًا نقديًا مختلفًا قادرًا على مخاطبة جمهور مختلف ومتنوع”.

وأكد أن كل وسيلة إعلامية تخلق جمهورها الخاص، مما يعني أن النقاد بحاجة إلى إعادة التفكير في أدواتهم وخطابهم لتلبية متطلبات العصر الحديث.

في ختام الجلسة، اتفق المتحدثون على ضرورة تطوير أدوات النقد المسرحي، والاعتراف بمكانته ضمن الحركة الإبداعية. ودعوا إلى الانفتاح على المدارس الحديثة، واستخدام الوسائط الجديدة، وتوسيع مساحة النقد المسرحي في الصحافة والمجلات الثقافية.

شهدت الجلسة تفاعلاً جماهيرياً حيوياً. تُعد هذه الندوة من أهم جلسات المحور الفكري، وتطرح أسئلةً حساسة حول مستقبل الخطاب النقدي المسرحي في مصر والمنطقة العربية.


شارك