تنازلات إسرائيلية وعدد جديد للأسرى.. أحدث تطورات اتفاق وقف النار في غزة

قبل أيام، تناولت عدة تقارير وتصريحات رسمية إسرائيلية تنازلات تل أبيب بشأن صفقة تبادل الأسرى، ما أدى إلى تباين في الآراء حول نطاق هذه التنازلات وطبيعتها.
أفاد موقع أكسيوس الأمريكي، الخميس، نقلاً عن مصدرين، أن مصر وقطر والولايات المتحدة قدّمت لإسرائيل وحماس مقترحاً مُحدّثاً لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل أسرى يوم الأربعاء. وأضافت المصادر أن إسرائيل قدّمت تنازلات جديدة في هذا الصدد.
وفي وقت سابق، نقلت القناة 13 الإسرائيلية عن المبعوث الأميركي لشؤون الأسرى آدم بوهلر قوله: “نحن أقرب إلى التوصل إلى اتفاق من أي وقت مضى، وإذا لم يحدث ذلك الآن، فسيكون ذلك بسبب عناد حماس”.
انتشار جيش الاحتلال في قطاع غزة
أفاد موقع “واللا” الإخباري الإسرائيلي، الجمعة، بتحقيق تقدم كبير في المفاوضات بشأن إطلاق سراح السجناء خلال الـ24 ساعة الماضية، بعد أن أعطى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الضوء الأخضر لتخفيف العملية العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة.
وأضاف موقع “واللا” أن عملية معقدة وحساسة للغاية تجري خلف الكواليس بشأن قائمة الأسرى الذين تصر حماس على إطلاق سراحهم مقابل إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين الأحياء.
وبحسب مصادر مطلعة على العملية، فإن وكالة الأنباء الفلسطينية “معا” قالت إن سبب التأخير في الإعلان عن وقف إطلاق النار هو إصرار حماس على إطلاق سراح “أسرى رفيعي المستوى وأسماء مهمة للغاية”.
نقل موقع أكسيوس، الخميس، عن مصدرين مطلعين قولهما إن مصر وقطر والولايات المتحدة قدمت مقترحا محدثا، الأربعاء، بشأن اتفاق لوقف إطلاق النار والإفراج عن رهائن إسرائيليين وسجناء فلسطينيين.
وبحسب موقع أكسيوس، فإن الاتفاق الذي تم التفاوض عليه يشمل وقف إطلاق النار لمدة 60 يوما في قطاع غزة، والإفراج عن عشرة رهائن أحياء، وإعادة رفات 18 رهينة آخرين، والإفراج عن سجناء فلسطينيين من السجون الإسرائيلية، وزيادة هائلة في المساعدات الإنسانية لقطاع غزة.
وعلى مدى الأيام العشرة الماضية، جرت محادثات بين وفود من حماس وإسرائيل في الدوحة، وبحسب مسؤولين إسرائيليين ومصادر مطلعة، فقد نجحت في حل النزاعات.
أما حماس، فقد كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، الجمعة، عن تقديرات عسكرية تفيد بأن الحركة لا تزال تمتلك قدرات قتالية في قطاع غزة رغم أكثر من عام من العمليات العسكرية المكثفة.
وبحسب مصادر في الجيش الإسرائيلي، فإن عملية “جدعون” لم تكن مدرجة في ميزانية عام 2025، ما أدى إلى خلافات حادة مع وزارة المالية بشأن تكلفة استمرار العملية، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية “سما”.
بعد أشهر من القتال المتواصل، كان الجيش قد خطط لفترة تعافي حتى عام 2025، لكن تطور الأعمال العدائية أجبره على مواصلة الحرب وتجديد استدعاء نحو 150 ألف جندي احتياطي.
وبحسب الصحيفة، أمرت القيادة السياسية الجيشَ بالاعتماد بشكل أقل على قوات الاحتياط وأكثر على الجنود النظاميين. وقد أدى ذلك إلى تباطؤ وتيرة القتال واعتدالها. حاليًا، لا تشارك في العمليات سوى أربع أو خمس فرق قتالية رئيسية، وهو ما يمثل اختلافًا ملحوظًا عن المناورات المكثفة التي جرت في الأشهر الأولى من الحرب.
وأكد ضباط على الأرض أن الجيش يتقدم ببطء نحو معاقل حماس، في حين لا يزال إخلاء السكان من مناطق القتال صعبا على الرغم من التحذيرات المتكررة.
وأشاروا أيضاً إلى أن المواجهة الحالية تفتقر إلى المناورات الشاملة، وأن التكتيكات تركز على تدمير البنية التحتية بدلاً من المواجهة المباشرة، حيث تعتمد حماس على تكتيكات حرب العصابات.
وبحسب التحقيق، هناك انقسام داخل الجيش بين أولئك الذين يطالبون باستمرار القتال حتى “استنزاف” حماس وأولئك الذين يعتبرون التوصل إلى اتفاق لتحرير الجنود المختطفين ضروريا.
وأشارت الصحيفة إلى أن هدف العملية تحول تدريجيا من “هزيمة حماس” إلى الضغط على حماس لإطلاق سراح الأسرى.
التنازلات الإسرائيلية ومعضلة موراج
وفقًا لموقع أكسيوس، وافقت إسرائيل على تقليص وجودها العسكري خلال وقف إطلاق النار. وخفّضت مطلبها بالبقاء في منطقة تمتد خمسة كيلومترات شمال ممر فيلادلفيا على الحدود بين غزة ومصر إلى كيلومتر ونصف فقط، وهو ما يقترب من مطلب حماس.
ووافقت إسرائيل أيضا على نشر جيشها في دائرة لا تزيد على كيلومتر واحد في مناطق أخرى على طول الحدود مع قطاع غزة.
عُدِّلَت نسبة عدد الأسرى الفلسطينيين إلى عدد الرهائن الإسرائيليين المُطلَق سراحهم بشكل طفيف. وكان من المُخطَّط سابقًا إطلاق سراح 125 سجينًا يقضون أحكامًا بالسجن المؤبد لقتلهم إسرائيليين، و1111 سجينًا اعتُقِلوا بعد هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول.
وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية “معا”، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي بقيادة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يستعد للانسحاب من معظم الأراضي التي يحتلها في قطاع غزة.
تشمل الأهداف التخلي عن السيطرة على محور موراج جنوب قطاع غزة، والانسحاب بشكل كبير من الحدود الأمنية، السياك (السياج الأمني)، الذي امتد لمسافة كيلومترين تقريبًا داخل قطاع غزة خلال عملية “جدعون” المدرعة. ويتعين على الجيش الآن العودة إلى خط يبعد بضع مئات الأمتار فقط عن الحدود في بعض المناطق.
ويعتبر محور موراج بمثابة مركز عبور للشاحنات التي تحمل المساعدات الإنسانية، ومركز وصول إلى جميع مراكز التوزيع للفلسطينيين.
وتطالب حماس بانسحاب الجيش الإسرائيلي من المحور، وهي الخطوة التي قد تعيق خطة إسرائيل لبناء ما يسمى بالمدينة الإنسانية في رفح، والتي من شأنها أن تسمح باستمرار تدفق المساعدات الدولية دون تدخل حماس.
وبحسب مصادر سياسية، يسعى نتنياهو للتوصل إلى اتفاق مبدئي للإفراج عن الأسرى في أسرع وقت ممكن. ولهذا الغرض، أوعز للوفد الإسرائيلي بالبقاء في الدوحة، على أمل التوصل إلى اتفاق خلال الأيام المقبلة.
مع ذلك، تتباين الآراء داخل الجيش الإسرائيلي بشأن نطاق هذا التنازل وطبيعته. صرّح رئيس الأركان إيال زامير هذا الأسبوع بأن الجيش سيبقى مرنًا وسيترك القرار للقيادة السياسية.
وأضاف زامير “إذا تم التوصل إلى اتفاق، فيجب علينا الاستعداد وفقًا لتعليمات القيادة السياسية”، في رسالة واضحة مفادها أن الجيش لن يعارض هذه الخطوة ولكنه سيتكيف مع القرارات.
وبحسب صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، فإن هذا يعني عملياً أنه إذا قرر نتنياهو قبول الاتفاق، حتى لو كلفه ذلك انسحاباً كبيراً، فإن الجيش سيكتسب القوة ولن يصبح عائقاً.
مع ذلك، لا يتفق جميع العسكريين مع هذا النهج. يعتقد بعض المسؤولين العسكريين أن الانسحاب من محور موراج سيعيد رفح فعليًا إلى سيطرة حماس، ويقوّض نجاحات عملية جدعون، لا سيما في الحفاظ على خط التماس.
وفي الوضع الراهن، ووفقاً لمسؤولين عسكريين كبار، فإن هذه التنازلات لا تمثل وقفاً مؤقتاً للأعمال العدائية في رفح فحسب، بل أيضاً بداية لعملية من شأنها أن تؤدي إلى إنهاء الحرب ككل.
ويدرك الضباط أن الخطوة التالية قد تكون البدء في مفاوضات لوقف إطلاق نار شامل تحت الضغط الأميركي، خاصة في ظل التدخل المتزايد من جانب الرئيس دونالد ترامب.
ومن الناحية العسكرية، فإن التخلي عن المحور قد يزيد من صعوبة السيطرة على اللوجستيات في المنطقة، ويمنح حماس حرية العمل، ويزيد من تعقيد سيطرة الجيش على ممر فيلادلفيا ومعبر رفح الحدودي.
وبحسب مصادر عسكرية، لا يزال هناك احتمال أن يتمكن جيش الاحتلال الإسرائيلي من استعادة السيطرة على المحور ومنطقة رفح بالكامل، إذا لم تلتزم حماس ببنود الاتفاق، ولم تنفذ المرحلة الثانية من الإفراج عن جميع الأسرى.