تقرير يرصد خطة إسرائيل لقتل الفلسطينيين في معسكر الاحتجاز جوعا أو بالرصاص

منذ 5 ساعات
تقرير يرصد خطة إسرائيل لقتل الفلسطينيين في معسكر الاحتجاز جوعا أو بالرصاص

وقال خبراء دوليون لوكالة الأناضول إن الخطة تهدف إلى إبقاء الفلسطينيين في منطقة معزولة، وهو ما يمثل تتويجا لسياسة الإبادة الجماعية في قطاع غزة. جون كويجلي، خبير في القانون الدولي: إجبار الفلسطينيين على الانتقال إلى منطقة محددة يعد انتهاكا خطيرا لحقوق الإنسان. نمر سلطاني عضو هيئة تدريس القانون في جامعة لندن: إسرائيل تنوي حصر الفلسطينيين في مساحة تقل عن 20% من قطاع غزة. المتحدث السابق باسم الأونروا كريستوفر جانيس: إذا لم يقرر الناس المغادرة، فإن إسرائيل ستتركهم يموتون جوعاً.

ويحذر خبراء دوليون من أن معسكر السجن الذي تخطط إسرائيل لبنائه في مدينة رفح جنوب قطاع غزة تحت اسم “المدينة الإنسانية”، هو خطة لتهجير الفلسطينيين بالقوة، وأن من يرفض مغادرة المخيم سيموت جوعاً أو إعداماً.

وأكد هؤلاء الخبراء لوكالة الأناضول أن هذه الخطة تشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي، وتمثل “ذروة الإبادة الجماعية” التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.

في الأسبوع الماضي، كشف وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس عن خطة جديدة لإنشاء معسكر اعتقال، وصفه بأنه “مدينة إنسانية” من الخيام وسط أنقاض رفح. وتنص الخطة على نقل 600 ألف فلسطيني إلى المخيم في البداية بعد فحوصات أمنية دقيقة، ثم يُمنعون من المغادرة.

ويأتي هذا الاقتراح في وقت تواصل فيه إسرائيل حصار قطاع غزة وإغلاق معابره الحدودية، مما يسمح فقط بدخول كميات صغيرة للغاية من المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وهو ما لا يلبي احتياجات الفلسطينيين.

مؤخرًا، لعبت حماس دورًا مشبوهًا في تعاملاتها مع مؤسسة غزة الإنسانية، التي وُجد أنها نصبت “مصائد موت” للفلسطينيين الجائعين الذين قتلتهم إسرائيل في الطوابير. دفع هذا حماس إلى حظر المؤسسة ومنع أي تعامل تجاري معها.

**انتهاك خطير للقانون الدولي

وقال البروفيسور جون كويجلي، الخبير في القانون الدولي وأستاذ فخري في جامعة ولاية أوهايو، إن الخطة الإسرائيلية تنتهك القانون الإنساني الدولي.

وأضاف كويجلي أن هذه الخطة تمثل انتهاكا آخر لالتزامات إسرائيل كقوة احتلال في قطاع غزة.

وتابع: “إن القوة المحتلة ملزمة بحماية أرواح السكان المدنيين، ومحاولة إجبار السكان على التركيز في منطقة معينة تشكل خرقا خطيرا لهذا الالتزام”.

وانتقد إسرائيل لتصويرها خطتها على أنها “طوعية”، قائلاً: “إن الطريقة التي تصف بها إسرائيل هذا الوضع توحي بأن هؤلاء الناس سيقبلون هذا المصير طواعية. لكن هذا يشبه انتزاع رد فعل طوعي من شخص يتعرض للتعذيب”.

وأكد: “لا يمكنك غزو بلد وتدميره ثم تسأل شعبه هل يريدون المغادرة طواعية”.

ودعا كويجلي المجتمع الدولي، وخاصة الأمم المتحدة، إلى التحرك لوقف هذه الخطة الإسرائيلية.

** التعريف الحرفي لمعسكر الاعتقال

وقال الدكتور نمر سلطاني، عضو هيئة التدريس في كلية الحقوق بجامعة لندن، إن تصريحات إسرائيل تظهر بوضوح نيتها “نقل الناجين من المجازر والمجاعة قسراً إلى منطقة صغيرة واحتجازهم هناك ومنعهم من المغادرة”.

وكان يعتقد أن هذا الخيار غير متاح للمدنيين، وأنهم سوف يوضعون في سجن أو “غيتو” تحت السيطرة الإسرائيلية، وهو التعريف الحرفي لمعسكر الاعتقال.

يُذكرنا معسكر الاعتقال المُخطط له في رفح بمعسكرات الاعتقال النازية سيئة السمعة في أربعينيات القرن الماضي. وتعتزم تل أبيب استخدامه لاعتقال الفلسطينيين وتجويعهم وإجبارهم على الهجرة إلى الخارج، وفقًا لمراقبين دوليين ووسائل إعلام عبرية، بما فيها صحيفة هآرتس.

وأضاف الخبير القانوني أن إسرائيل تنوي حصر الفلسطينيين في مساحة تقل عن 20% من مساحة قطاع غزة، أي نحو 360 كيلومترا مربعا.

وتابع سلطاني: “هذا المخيم هو تتويج لسياسة الإبادة الجماعية التي تجري في قطاع غزة منذ أكتوبر 2023”.

وأضاف: “لم تترك إسرائيل ملاذا آمنا للفلسطينيين في قطاع غزة، وفرضت شروطا تؤدي إلى إبادتهم جسديا. والدليل على الإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل واضح”.

منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل بدعم أميركي جريمة إبادة جماعية في قطاع غزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير، متجاهلة النداءات والأوامر الدولية من محكمة العدل الدولية لوضع حد لها.

خلّفت الإبادة الجماعية أكثر من 198 ألف قتيل وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، وأكثر من 10 آلاف مفقود. وشُرّد مئات الآلاف، وأودت المجاعة بحياة الكثيرين، بمن فيهم الأطفال، وأدت إلى دمار واسع النطاق.

** “الهجرة الطوعية” خدعة قديمة

وأشار سلطاني، وهو عضو في مركز دراسات فلسطين في المملكة المتحدة، إلى أن مصطلح “الهجرة الطوعية” مستخدم منذ فترة طويلة في الأدبيات الصهيونية.

وأضاف: “إن هذه العبارة تستخدم كغطاء لطرد الشعب الفلسطيني من وطنه من خلال خلق ظروف قسرية تجبر السكان على الفرار”.

وتابع: “إن محكمة العدل الدولية أكدت في رأيها الاستشاري لعام 2024 هذه البيئة القسرية التي خلقتها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية”.

وأضاف: “لقد هدد الوزراء الإسرائيليون الفلسطينيين مرارًا وتكرارًا بنكبة جديدة، حتى قبل وقوع المجازر. إن عواقب نية الإبادة الجماعية التي تحاول إسرائيل إخفاءها بكلمة “طوعية” واضحة”.

** إسرائيل تقتل الفلسطينيين جوعًا

وفي تقييمه للوضع، قال المتحدث السابق باسم الأونروا كريستوفر غونيس إنه لا يمكن الحديث عن “إعادة التوطين الطوعي” في قطاع غزة.

وأوضح: “إذا قُصف الناس، ودُمّرت منازلهم، ولم يعد بإمكانهم الوصول إلى المياه والمدارس والمستشفيات، فلن يكون هناك مجالٌ للنزوح الطوعي إلى بلدٍ آخر. سيتحول مكانهم إلى معسكر اعتقال، وربما يكون هذا قد حدث بالفعل”.

وأضاف المسؤول السابق في الأمم المتحدة أنه إذا لم يقرر الفلسطينيون الانسحاب، فإن “إسرائيل ستتركهم يموتون جوعاً. وهناك أدلة كافية على أن هذا يحدث بالفعل”.

وتابع: “أما من يبقون (في غزة) فسوف يموتون من الجوع أو يفتقرون إلى المياه النظيفة والرعاية الطبية والمأوى والملابس، كما هو الحال في معسكرات الاعتقال”.

وأكد أن ما يحدث حاليا هو استمرار لمخطط بدأ عام 1948، قائلا: “النكبة الفلسطينية مستمرة، ومحكمة العدل الدولية أكدت أن الوجود الإسرائيلي في قطاع غزة المحتل غير قانوني، لأنه ينتهك حق الفلسطينيين في تقرير المصير ويجب أن ينتهي في أسرع وقت ممكن”.

** “الإبادة الجماعية النازية”

إسرائيل، الدولة التي تمثل الشعب اليهودي، ترتكب مجازر على غرار النازية في غزة. إنها تُجوّع الناس وتحرمهم من الطعام والدواء والماء والكهرباء،” تابع غانيس. “نشهد إبادة جماعية على غرار النازية تُرتكب ضد الفلسطينيين على يد ضحايا الهولوكوست.”

واختتم قائلاً: “من المُخزي أن تكون دولٌ مثل ألمانيا والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة متواطئةً في هذه الجريمة، بينما تظل الولايات المتحدة شريكها الأهم. يجب على الأفراد والمنظمات والمؤسسات الرسمية الوفاء بالتزاماتهم القانونية بموجب القانون الدولي”. **رفض الأمم المتحدة

قوبلت هذه الخطة بمعارضة دولية. وصرح المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني: “وفقًا لتصريحات السلطات الإسرائيلية، هناك نية لتنفيذ عملية تهجير قسري جديدة واسعة النطاق للفلسطينيين من غزة إلى رفح”.

وأضاف المفوض العام للأونروا في منشور على منصة X يوم الأربعاء: “لا يمكننا أن نبقى صامتين ومتواطئين في هذا النزوح القسري واسع النطاق”.

وقالت مديرة العلاقات الخارجية والإعلام في الأونروا تمارا الرفاعي في بيان صحفي الخميس إن تسمية هذا المكان بـ”مدينة إنسانية” يعد “إهانة لمبدأ الإنسانية، إذ لا يوجد أي جانب إنساني وهذه المدينة (المزعومة) ليس لها أي صلة بالإنسانية على الإطلاق”.

وأعربت عن اعتقادها بأن “ركوب الخيل” لـ 600 ألف فلسطيني في هذا المبنى في المرحلة الأولى، ثم تسكين سكان قطاع غزة بالكامل (2,114,000 نسمة) في مساحة محصورة تحت مراقبة صارمة من قبل الجيش الإسرائيلي، “سيحول غزة، التي كانت تعتبر في السابق أكبر سجن مفتوح في العالم، إلى أكثر سجن مفتوح اكتظاظا ومراقبة في العالم”.


شارك