أمين عام مجمع البحوث الإسلامية: جيل اليوم يواجه ضغوطا غير مسبوقة والتحديات الفكرية أخطر من أي وقت

منذ 8 ساعات
أمين عام مجمع البحوث الإسلامية: جيل اليوم يواجه ضغوطا غير مسبوقة والتحديات الفكرية أخطر من أي وقت

أكد الأستاذ الدكتور محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، أن جيل اليوم يواجه ضغوطًا غير مسبوقة نتيجة التنافس الشديد على الفرص، والرغبة الشديدة في الكماليات إلى جانب إشباع الحاجات الأساسية. وأضاف أن تحديات فكرية ومعرفية جسيمة قد تتسلل، فتُشكل الهوية، وتُحدد الطموحات، وتُحدد الاتجاه، حتى يجد الشباب أنفسهم في نهاية المطاف يطاردون سرابًا لا نهاية له.

جاء ذلك خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية للمنتدى الثقافي للشباب الذي تنظمه الأكاديمية بالتعاون مع مجلس الشباب المصري للتنمية بمركز مؤتمرات الأزهر تحت عنوان “الشباب وتحديات العصر”.

أكد الجندي أنه يتعامل مع الشباب كأبٍ رحيم، يرى في عيونهم أمل الغد، ويستشعر في عزيمتهم قوة المستقبل. وأوضح أن عنوان المنتدى يُعبّر عن تماسٍّ بين الواقع والمستقبل، يتطلب إعدادًا جادًا ورؤيةً واضحة، ويخاطب العقل المستنير، والضمير الحي، والعزيمة التي لا تلين لدى الشباب. وأوضح أن الأمة الإسلامية تجاوزت تحدياتٍ كثيرة على مر العصور، بفضل الله، ثم بفضل جهود أبنائها وشبابها، المستلهمين بطاقة الإيمان والعلم والعمل. وذكر أن التحديات الراهنة، على اختلاف أشكالها، تتطلب نفس الروح والعزيمة التي تحلى بها أجدادنا.

وأوضح أننا نعيش في زمنٍ تتعدد فيه مصادر المعرفة، وتتناقض فيه التصورات، وتنتشر فيه الشكوك بأشكالٍ مبهرة. لذا، فإن التمييز بين الحقيقة والكذب ضرورةٌ لا ترف، لا سيما وأن الانحرافات الفكرية هي الخطوة الأولى التي أوقعت مجتمعاتٍ كثيرةً في هاويةٍ عميقة.

وجّه الدكتور محمد الجندي رسائل مباشرة عديدة للشباب، حثّهم فيها على تقوية عقولهم بالمعرفة النافعة والتعلم المنهجي لحماية أنفسهم من التضليل والأفكار الدخيلة. كما حثّهم على تنمية وعي نقدي لا يأخذ الأفكار بظاهرها، بل يسأل “لماذا؟” و”كيف؟” و”ما الدليل؟”، ويُقيّم كل معلومة بالعقل والمنطق.

أكد سموه على ضرورة التمسك بالهوية والثقافة والقيم الدينية والوطنية واللغة والتاريخ والتراث، فهي درعٌ يحمي الشباب من الانجراف وراء ثقافة التغريب والاستهلاك. وأكد سموه أن الانفتاح لا يعني التخلي عن المبادئ الأساسية، وأن الانعزال لا يغني عن الحوار. كما حثّ سموه الشباب على الانفتاح على اختلاف الآراء، والسعي وراء الأفكار التي توسع الآفاق وتثري الفهم، دون الانجراف إلى نقاشات عقيمة تُنهكهم أو تعصبٍ قد يفضي إلى سقوطهم. وأكد سموه أن الشباب هم نبض الأمة وسر نهضتها، ففي أحضانهم تكمن قوة البناء، وفي عقولهم نور الإبداع، وفي قلوبهم دفء الإيمان والعزيمة. وأضاف سموه أنهم من سيكتبون تاريخًا جديدًا للأمة، ويحيون فيها روح الحضارة والتقدم.

ودعا الشباب إلى عدم اليأس أو الانجراف وراء الإحباط. إنهم جيلٌ خُلِق لإحداث التغيير، وحمل الرسالة بوعيٍ وقلبٍ صادق. وحثّهم على الاستثمار اليومي في اكتساب المعرفة النافعة أو تطوير أفكارٍ بنّاءة، وأن تكون لديهم رؤيةٌ واسعةٌ كسعة الأفق، وعقلٌ شامخٌ كشموخ الجبال، وأن يتخذوا خطواتٍ حاسمةٍ في مواجهة العقبات، وخاصةً التحديات الإقليمية.

وخاطب الشباب قائلاً: “حافظوا على هويتكم في عالمٍ مليءٍ بالتوجهات والاتجاهات المختلفة. هويتكم سر قوتكم. واصلوا التطور ولا تتوقفوا عن التعلم، فالعالم لا ينتظر المتأخرين. احذروا الأفكار الهدامة والمتطرفة، فالعقل السليم لا يسمح للشر بالنمو. ساهموا مساهمة إيجابية في عائلاتكم ومجتمعكم ووطنكم. النجاح الحقيقي يكمن في مساعدة الآخرين. اصنعوا المستقبل بأيديكم ولا تنتظروا الظروف المثالية، بل اصنعوه بعزيمتكم وجهدكم الصادق. كونوا قادةً، لا تابعين. وتذكروا أن القيادة الحقيقية تبدأ بالانضباط الذاتي والقيم الأخلاقية الرفيعة.”

وأكد أن الدين الإسلامي الحنيف هو دين العقل والفكر، يدعو إلى التأمل والتفكر، ويحترم كرامة الإنسان، ويشجع على العمل والبناء، وينبذ الجمود والانغلاق. وأضاف أن الانتماء إلى الإسلام لا يتعارض مع الإبداع والانفتاح، بل يرشدهما ويصقلهما لخدمة الإنسانية والمجتمع.


شارك