مدير مركز الأزهر للفتوى: الأسرة أساس العمران والوحدة العلمائية طريق لوحدة الأمة

منذ 4 ساعات
مدير مركز الأزهر للفتوى: الأسرة أساس العمران والوحدة العلمائية طريق لوحدة الأمة

أكد الدكتور أسامة هاشم الحديدي، مدير عام مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، أن الإسلام ليس مجرد شعائر معزولة عن الواقع الإنساني، بل هو منظومة متكاملة من العبادات والقيم والأخلاق، تُشكل أساس المسؤولية والتقدم الحضاري على الأرض. وأكد أن الأسرة، وفقًا لتعاليم الإسلام الشاملة، هي اللبنة الأهم في بناء البشرية، وأن الأسرة السليمة تعني أيضًا مجتمعًا سليمًا. كما أكد على أن القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة قد أرسيا أسسًا متينة للحفاظ على الأسرة وحمايتها.

وأكد أن العبادة الحقة لا تتحقق إلا بالقيم التي توجه السلوك وتنظم المعاملات، وأن الشريعة الإسلامية مرتبطة بالحياة ارتباطاً وثيقاً بل تكمل الواقع في ضوء أهداف سامية، وفي مقدمتها العدل والرحمة والكرامة والرخاء. جاء ذلك خلال خطبة الجمعة التي ألقاها في المركز الإسلامي بلندن، ضمن فعاليات لقاء علماء المسلمين بالعاصمة البريطانية لمناقشة قضايا الأسرة والتماسك الاجتماعي، تطبيقاً لمبدأ “الوحدة العلمية” الذي يدعو إليه الأزهر الشريف.

أكد الحديدي على أهمية التكامل الإنساني والتفاهم الدولي، مستشهدًا بالآية الكريمة: ﴿يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير﴾. هذه الآية رسالة عالمية للبشرية جمعاء، وتفتح آفاقًا واسعة للتواصل بين الحضارات والتفاهم بين الثقافات. وأضاف أن التمايز الحقيقي يكمن في التقوى والعمل الصالح، لا في الجنس أو العرق أو لون البشرة.

وتابع: “إن التمكين في الأرض وعدٌ إلهيٌّ لا يتحقق إلا بجمع الإيمان والعمل الصالح، كما قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلْيُمْكِنْ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارتضى لَهُمْ وَلْيَأْتِيَهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونِ وَلَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [الفسقة: 11]، مشيرًا إلى أن أصل التمكين يكمن في العبادة الخالصة والعمل الجاد القيمي.

كما أكد أن الإسلام لا يفرق بين الأخوة الدينية والإنسانية، بل يجمعها في وئام فريد. وأوضح أن وثيقة المدينة المنورة، التي أصدرها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة، تُمثل نموذجًا واقعيًا وتقدميًا للتعايش بين مختلف الأديان والأعراق في وطن واحد، وتضمنت أحكامًا حضارية تكفل الحقوق، وتجعل الجميع أمة واحدة، إلا من ظلم وخيانة.

فيما يتعلق بالوحدة الإسلامية، أكد الحديدي أنها ليست شعارًا سياسيًا، بل هي مبدأ ديني وأخلاقي قائم على المعرفة والتواصل والتراحم. واستشهد بقول الله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}. وأشار إلى أن الفرقة والتشرذم لا يخدمان إلا أعداء الأمة.

اختتم مدير عام مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية خطبته مؤكدًا أن “الوحدة العلمية” لعلماء المسلمين من جميع أنحاء العالم هي أساس بناء أمة واحدة. وأضاف أن اجتماع العلماء اليوم في لندن، الذي نوقشت فيه قضايا الأسرة والتماسك الاجتماعي في جو من المحبة والإخاء، هو تطبيق عملي لمبدأ الوحدة العلمية الذي يسعى إليه الأزهر الشريف من خلال رسالاته وبرامجه العالمية.

عقب صلاة الجمعة، دار نقاش مفتوح بين الدكتور أسامة الحديدي وعدد من المصلين، الذين طرحوا تساؤلات حول الخطبة ومواضيع وقضايا أخرى تهم المسلمين في أوروبا عمومًا والمملكة المتحدة خصوصًا. وأشاد العديد من الحضور بجهود الأزهر في نشر الفكر الوسطي وتصحيح المفاهيم المغلوطة وتعزيز التواصل الحضاري. وأكدوا أن دور علماء الأزهر في المجتمعات الغربية كان له أثر إيجابي كبير على المسلمين، إذ عزز ثقتهم بهويتهم الدينية والثقافية.

تُعدّ هذه الخطبة جزءًا من سلسلة أنشطة يُجريها الأزهر الشريف في مختلف الدول، مؤديًا بذلك دوره العالمي، ساعيًا إلى تعزيز الخطاب الديني المعتدل، ونشر القيم الإسلامية الأصيلة، وترسيخ التعايش السلمي بين أفراد المجتمع.


شارك