قضية التآمر 2 في تونس.. التهم الموجهة ومسار المحاكمة

منذ 9 ساعات
قضية التآمر 2 في تونس.. التهم الموجهة ومسار المحاكمة

– يواجه 20 تونسيا تهما خطيرة، من بينها “تأسيس منظمة إرهابية”. ومن أبرز المتهمين في الجلسة المرتقبة الثلاثاء، رئيس البرلمان السابق راشد الغنوشي، ورئيس الحكومة السابق علي العريض. في 19 أبريل/نيسان، حُكم على 40 متهمًا بالسجن لمدد تتراوح بين أربعة أعوام و66 عامًا في محاكمة “التآمر على أمن الدولة 1”.

من المنتظر أن تصدر المحكمة الابتدائية بتونس، الثلاثاء، أحكامها في قضية “المؤامرة على أمن الدولة 2” ضد نحو 20 مواطنا يواجهون تهما خطيرة، من بينها “تكوين منظمة إرهابية”.

ويأتي ذلك بعد أشهر من إعلان المحكمة أحكامها ضد المتهمين في ما يسمى بـ”القضية الأولى للتآمر على أمن الدولة”، على الرغم من الانتقادات الواسعة من المعارضة التي ترى في ذلك “تصفية حسابات سياسية”.

** تم البدء في القضية

وتعود القضية إلى سبتمبر/أيلول 2023، عندما أصدر قاض مذكرات توقيف دولية بحق اثني عشر شخصا، بحسب وكالة الأنباء التونسية.

ومن بينهم: رئيس الوزراء السابق يوسف الشاهد، المديرة السابقة للمكتب الرئاسي لقيس سعيد نادية عكاشة، معاذ الخريجي نجل زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي (في الوثائق الرسمية رشيد الخريجي)، مدير الأمن السابق كمال القيزاني، البرلماني السابق ماهر زيد والوزير السابق لطفي زيتون.

ومع مرور الوقت، ارتفع عدد المتهمين، مما أدى إلى “قضية المؤامرة الثانية” في 22 نوفمبر/تشرين الثاني، بحسب حنان قداس، المتحدثة باسم المكتب القضائي لمكافحة الإرهاب.

وأفاد قدّاس حينها أن قاضي التحقيق لدى المديرية القضائية لمكافحة الإرهاب قضى في 21 نوفمبر/تشرين الثاني بأن استمرار التحقيق في “القضية 2 المتعلقة بالمؤامرة على أمن الدولة” يستوجب إصدار مذكرة توقيف بحق المدير العام السابق للمصالح الخاصة بوزارة الداخلية محرز الزواري.

وأضافت أن قاضي التحقيق أصدر مذكرة توقيف بحق الزواري. وتتعلق القضية بـ “تشكيل تحالف بهدف التآمر على الأمن الداخلي للدولة والتحريض على ارتكاب جرائم إرهابية”. وذكرت حينها أنه “أُلقي القبض عليه مؤخرًا باعتباره مطلوبًا”.

** اتهامات خطيرة ضد 20 تونسيا

ويواجه نحو 20 تونسيا في هذه القضية اتهامات خطيرة، من بينها “تشكيل منظمة إرهابية، والتآمر على الأمن الداخلي للبلاد، وتمويل الإرهاب، وغسل الأموال، ومحاولة الإطاحة بالحكومة، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي للتحريض على العنف”.

وتنقسم قائمة المتهمين إلى ثلاث فئات: المعتقلون، وهم: راشد الغنوشي، وريان الحمزاوي (عمدة سابق)، ومحرز الزواري، وسمير الحناشي (مستشار رئيس الوزراء السابق)، وعلي العريض (رئيس الوزراء السابق)، وحبيب اللوز (زعيم النهضة السابق).

أما الفئة الثانية فتضم أولئك الفارين الذين يحاكمون، ومن بينهم صادق شورو، القيادي السابق في حركة النهضة، والذي يعاني من مرض خطير.

أما الفئة الثالثة، التي حوكمت أثناء الهرب أو في الخارج، فهي: معاذ الخريجي (ابن الغنوشي)، نادية عكاشة، شهرزاد عكاشة (صحفية)، كمال القيزاني (ضابط أمن)، لطفي زيتون (وزير سابق)، يوسف الشاهد، ماهر زيد ورفيق عبد السلام (وزير الخارجية الأسبق).

** ماراثون تجريبي

وفي نيسان/أبريل 2024، أفادت حنان قداس أن “قاضي التحقيق أنهى عمله وأصدر قراراً بتاريخ 12 نيسان/أبريل 2024 بوقف التحقيق في القضية وأبلغ النيابة العامة بذلك”.

وفي 25 مارس/آذار 2025، قررت المحكمة الجنائية “مبدئيا” عدم اتخاذ أي موقف وإحالة أكثر من 20 متهماً في قضية “المؤامرة على أمن الدولة 2” إلى الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس، المتخصصة في قضايا الإرهاب، بحسب وكالة الأنباء الرسمية.

وأحالت دائرة الادعاء القضية إلى المحكمة يوم 15 مايو/أيار 2024، وبدأت الجلسات يوم 2 مايو/أيار 2025، ثم تأجلت عدة مرات حتى عقدت يوم 1 يوليو/تموز. وحددت المحكمة يوم 8 يوليو/تموز (اليوم الثلاثاء) موعدا للنطق بالحكم، وفق ما ذكرت وسائل إعلام تونسية.

** “الحساب السياسي”

وتواصل حركة النهضة المعارضة نفي الاتهامات الموجهة لقادتها، وتصف العملية بـ”التصفية السياسية”، وذلك بحسب بيان لها بعنوان “الأكاذيب والوقائع في قضية المؤامرة 2” نشر في الأول من يوليو/تموز.

وقالت حركة النهضة: “تجري اليوم محاكمة ما يسمى بملف المؤامرة 2، الذي يتورط فيه الشيخ راشد الغنوشي رئيس البرلمان الشرعي (الذي حله الرئيس قيس سعيد) ويوسف الشاهد ونادية عكاشة وعدد من الوزراء السابقين والشخصيات البارزة”.

وأضافت: “في سياق حملة التضليل المستمرة والمنهجية التي تهدف إلى القضاء على المعارضين وإسكات الأصوات، يتم الاستشهاد بقضية المؤامرة الثانية، المبنية على تصريحات مخبر سري وشهادة شهود تفتقر إلى أدنى مصداقية، كدليل إضافي على انحراف نظام العدالة واستغلاله لأغراض السلطات”، بحسب البيان.

واعتبرت حركة النهضة أن هذه القضية “مجرد حلقة جديدة في سلسلة المحاكمات العبثية التي تكشف عن مدى تسييس القضاء وتدهوره من خلال توجيه تهم ملفقة بناء على اتهامات مجهولة ومصادر كاذبة”.

** المؤامرة 1.. أحكام ضد 40 شخصًا

في 19 أبريل/نيسان، أصدرت محكمة تونسية أحكاما بالسجن تتراوح بين أربع سنوات و66 سنة على 40 متهماً في قضية “المؤامرة على أمن الدولة 1”.

ونقلت وكالة تونس إفريقيا للأنباء عن مساعد النائب العام الأول بدائرة مكافحة الإرهاب (لم يتم الكشف عن اسمه) قوله إن هذه الأحكام “قابلة للاستئناف وفقا للقانون التونسي”.

وأضاف المصدر القضائي: “الحكم الصادر بحق الهاربين واجب النفاذ فوراً، ما يعني أن الأحكام الصادرة بحق الهاربين ستنفذ فور القبض عليهم”.

وحسب المصدر ذاته، فإن التهم تتعلق بارتكاب عدة جرائم ضد المتهمين، وعلى وجه الخصوص “التآمر على الأمن الداخلي والخارجي للدولة، وتأسيس والانضمام إلى منظمة إرهابية مرتبطة بجرائم إرهابية، وارتكاب هجوم بقصد تغيير هيكل الدولة أو تحريض السكان على هجمات متبادلة باستخدام الأسلحة”.

وتشمل التهم أيضا “التحريض على الشغب والقتل والسرقة على التراب التونسي” في أفعال “مرتبطة بجرائم إرهابية وتعريض الأمن الغذائي والبيئة للخطر”.

وتزعم جماعات المعارضة ومنظمات حقوق الإنسان أن القضية “سياسية بطبيعتها” ويتم استخدامها للقضاء على المعارضين السياسيين وإسكات الأصوات المنتقدة للرئيس سعيد، وخاصة أولئك الذين يعارضون إجراءاته الاستثنائية.

مع ذلك، أكدت السلطات التونسية مرارًا أن المعتقلين يواجهون تهمًا تتعلق بأمن الدولة، مثل “التآمر على أمن الدولة” أو “الفساد”. كما تنفي احتجاز أيٍّ منهم لأسباب سياسية.

في 25 يوليو/تموز 2021، بدأ قيس سعيد فرض إجراءات استثنائية، من بينها حل الغرفتين القضائية والبرلمانية، وإصدار قوانين بمراسيم رئاسية، واعتماد دستور جديد عبر استفتاء، وإجراء انتخابات برلمانية مبكرة.

وتعتبر بعض القوى التونسية هذه الإجراءات “انقلابا على الدستور وترسيخا للحكم المطلق”، فيما تعتبرها أخرى “تصحيحا لمسار ثورة 2011” التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي آنذاك (1987-2011).

وقال سعيد إن إجراءاته “إجراءات دستورية لحماية الدولة من الخطر الداهم”، مؤكدا أن الحريات والحقوق لن تتأثر.


شارك