غادر وطنك مقابل 5 آلاف دولار.. تقرير يكشف تورط شركة أمريكية في حساب تكلفة تهجير الفلسطينيين من غزة

بقلم: سلمى سمير
كشفت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، أن شركة “بوسطن كونسلتينج جروب” (BCG)، إحدى أشهر شركات الاستشارات الأميركية، شاركت في تطوير نماذج لحساب تكلفة “نقل” سكان غزة إلى مناطق خارج قطاع غزة.
وذكرت الصحيفة البريطانية أن الشركة وقعت عقدا بملايين الدولارات لدعم خطة توزيع المساعدات التي يقدمها صندوق غزة الإنساني الذي أنشأته الولايات المتحدة وإسرائيل.
وبحسب التقرير، فإن الشركة شاركت في تأسيس الصندوق بالتعاون مع الجانبين الإسرائيلي والأمريكي، ودعمت شركة “سيف ريتش سوليوشنز” السويسرية المسؤولة عن تأمين مراكز توزيع المساعدات، والتي تأسست خصيصا لهذا المشروع.
ومع ذلك، أفادت صحيفة واشنطن بوست أن الشركة أنهت تعاونها مع صندوق غزة الإنساني الشهر الماضي بعد مقتل مئات الفلسطينيين أثناء محاولتهم الوصول إلى مراكز توزيع المساعدات. وفي أعقاب ذلك، طردت الشركة اثنين من كبار شركائها.
وفقًا لصحيفة فاينانشال تايمز، شارك أكثر من اثني عشر موظفًا من مجموعة بوسطن الاستشارية في المشروع، الذي يحمل الاسم الرمزي “أورورا”، بين أكتوبر 2024 ومايو 2025. وقد ناقش كبار ممثلي الشركة المشروع، بما في ذلك كبير مسؤولي المخاطر آدم فاربر ورئيس التأثير الاجتماعي ريتش هاتشينسون.
كشفت الصحيفة أن الشركة وضعت نموذجًا ماليًا لإعادة إعمار قطاع غزة بعد الحرب. كما قدّرت تكلفة طرد مئات الآلاف من الفلسطينيين من القطاع. ووفقًا لأحد السيناريوهات، حُسبت تكلفة طرد أكثر من نصف مليون شخص من غزة بناءً على حزمة مالية قدرها 9000 دولار للشخص الواحد، بإجمالي 5 مليارات دولار.
طُرحت نماذج أخرى “للتهجير الطوعي”، منها منح المهاجرين 5000 دولار أمريكي، ودعم إيجارات لمدة أربع سنوات، ومساعدات غذائية لمدة عام. وافترض النموذج أن 25% من سكان غزة سيغادرون، وأن 75% منهم لن يعودوا أبدًا.
وفقًا لتسعة مصادر تحدثت لصحيفة فاينانشال تايمز، ازداد انخراط الشركة الأمريكية تدريجيًا في المشروع عما كان مخططًا له في البداية، رغم إعلانها في البداية أنه مبادرة “غير ربحية” لدعم جهود الإغاثة. إلا أن الشركة صرحت لاحقًا بأن بعض أنشطتها نُفذت دون موافقة رسمية، بسبب “سوء تقدير” من جانب شريكين رئيسيين في وحدة الدفاع الأمريكية التابعة لها في واشنطن.
صرحت الشركة بأنها تعرضت للتضليل مرارًا وتكرارًا من قِبل شركاء المشروع بشأن طبيعة المهام. كما تحدى أحد الشركاء تعليمات واضحة بعدم المشاركة. وأضافت: “لقد أوقفنا العمل، وفصلنا الشريكين المعنيين، ولم نتلقَّ أي تعويض، وبدأنا تحقيقًا مستقلًا. ونتخذ حاليًا إجراءات لضمان عدم تكرار ذلك”.
كشفت صحيفة فاينانشال تايمز أيضًا أن شركة BCG كُلِّفت في الأصل من قِبَل شركة أمريكية تُدعى أوربيس بإجراء دراسة جدوى لمشروع مساعدات جديد. وتم التعاون بالشراكة مع مركز أبحاث إسرائيلي قدّم دراسات حول مساعدات غزة للحكومة الإسرائيلية. وقد اختيرت BCG نظرًا لعلاقتها الوثيقة مع فيل رايلي، الموظف السابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) الذي عمل في أوربيس، وعمل أيضًا مستشارًا لوحدة الدفاع في الشركة.
كشفت التحقيقات أن رايلي استخدم خططًا من أحد شركائه المفصولين، مات شلويتر، لتأسيس شركة أمنية خاصة. وكانت مهمة الشركة تأمين مساعدات إنسانية دون أي مناقصة أو إشراف من وزارة الدفاع الإسرائيلية أو مكتب تنسيق أعمال الحكومة في المناطق (COGAT).
وكانت صحيفة هآرتس الإسرائيلية كشفت في تحقيق سابق أن اختيار شركة التأمين SRS كان جزءا من عملية سرية بإشراف اللواء رومان غوفمان، السكرتير العسكري لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، دون علم الجيش أو الوزارات المعنية.
وذكرت صحيفة فاينانشال تايمز أن الجزء التجاري من المشروع تم تمويله من قبل شركة استثمارية خاصة، دون الكشف عن اسمها.