العدس.. طعام الرُضّع في غزة بعد نفاد حليب الأطفال

منذ 11 ساعات
العدس.. طعام الرُضّع في غزة بعد نفاد حليب الأطفال

عندما سُمع بكاء طفلتها في مخيم اللاجئين، تساءلت بعض النساء عن سبب بكائها الشديد. ظنّوا أنها تتألم. أجابت الأم أن طفلتها جائعة ولم تشرب الحليب منذ يومين.

فجأةً، دوّى صوتٌ وقال: “ضعي عدسًا مطبوخًا في قارورتها”. أدارت الأم وجهها نحو الصوت، فإذا بأمٍّ تحمل طفلًا عمره بضعة أشهر بين ذراعيها. نظرت إليه بتساؤل. تابعت الأخرى: “سأفعل ذلك مع ابني. ليس لديّ حليبٌ لأطعمه عدسًا بدلًا من تركه يموت جوعًا”.

يُعدّ حليب الأطفال والحليب العلاجي ضروريين للأطفال في قطاع غزة. إلا أن نقصهما في المستشفيات والأسواق يُفاقم معاناتهم.

وقالت المواطنة دعاء شها لوكالة صفا للأنباء: “في البداية كنت متخوفة من تأثير العدس على ابنتي التي لم تبلغ بعد عاماً ونصفاً، ولكنني اضطررت لاتباع نصيحة هذه الأم حتى لا تموت جوعاً”.

وتضيف: “أطبخ العدس، ثم أخففه بالماء وأتركه ليبرد. بعد ذلك، أضعه في زجاجة وأطعمه لطفلي لإشباع جوعه. ومع ذلك، فهو ليس بديلاً عن الحليب”.

وتابعت: “لا خيار أمامنا. نخلق الحياة من العدم لنتجنب مرارة الفقد. أرواحنا سئمت مرارة الأيام دون أحبائنا، ولا نريد فراقًا أكبر. لهذا السبب اخترعنا حليب العدس للأطفال”.

تُشير إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يُغلق المعابر عمدًا ويمنع دخول أغذية الأطفال، مما يُسبب جوعًا للأطفال. تُناضل من أجل حماية الأطفال من الطعام لأنهم الوحيدون القادمون من غزة.

حذرت مستشفيات قطاع غزة من كارثة صحية وشيكة تهدد حياة آلاف الأطفال الخدج والرضع في الحاضنات، نتيجة نقص الحليب المخصص للعلاج بأنواعه المختلفة، العادي والعلاجي.

وبحسب منظمة الصحة العالمية، منذ بداية العام، تم إدخال ما يقرب من 112 طفلاً فلسطينياً إلى مستشفيات قطاع غزة يومياً لتلقي العلاج من سوء التغذية الناجم عن الحصار الإسرائيلي الخانق.

لا يختلف وضع ولاء السرساوي، فهي أم لطفلين، أصغرهما لم يتجاوز عامًا واحدًا. تعاني ولاء كثيرًا بسبب نفاد حليب طفلها ورفضه تناول بعض الأطباق التي تُعدّها. لذلك، اضطرت لتجربة حليب العدس لمعرفة مدى تقبله.

“حاولت أن أعطيه خضاراً مطبوخاً وعدساً مسلوقاً، لكنه رفض أن يأكل شيئاً وبكى لأنه أراد الحليب”، يقول السرساوي لصفاء.

وأضافت: “سمعتُ ما تفعله الأمهات عندما يطبخن العدس ويخففنه بالماء. فقررتُ تجربته، على أمل أن تتسرب بعض العناصر الغذائية إلى جسمه. وضعتُه في زجاجة، فشربه ظانًّا أنه حليب”.

تبكي الأم على ابنها الصغير وتتحدث بحزن: “ما ذنب هؤلاء الأطفال في حرمانهم من الطعام؟ أنا وابني نأكل نفس الطعام. قد يسبب هذا الطعام التهابًا معويًا، لكننا نتحمل المخاطرة حتى لا يؤدي الهزال إلى سوء تغذية حاد ووفاة”.

تتساءل: “إلى متى سيستمر هذا؟ يريدون قتلنا وإعطائنا حليب الأطفال. على الأقل حينها سنموت من أجل أطفالنا بضمير مرتاح. كفى خداعًا. اليوم وافق على شرب حليب العدس، لكن مع مرور الوقت سيعتاد عليه ويبدأ بكرهه”.

“في كل مرة أضع فيها العدس المخفف في الزجاجة وأعطيه لطفلي، أشعر وكأن سكيناً طعنت في قلبي، نظراً لحالة طفلي الذي يريد الحليب ويُكذب عليه بالعدس”، تقول السرساوي.

وتناشد الأم بشكل عاجل كافة الأطراف بالتدخل لتوفير الحليب الصناعي والأطعمة الأساسية لحماية الأطفال من سوء التغذية.

وأفاد مكتب الإعلام الحكومي في غزة، بأن 66 طفلاً توفوا بسبب سوء التغذية الحاد نتيجة استمرار قوات الاحتلال في إغلاق المعابر ومنع إدخال حليب الأطفال والمكملات الغذائية المخصصة للفئات الضعيفة والمعرضة للخطر، وخاصة الرضع والمرضى.

أعلنت وزارة الصحة في غزة، يوم الأربعاء، أن الوضع الصحي والإنساني قد وصل إلى “مستويات كارثية” نتيجة استمرار الإبادة الجماعية. وأشارت إلى تفاقم سوء التغذية لدى الأطفال، وخاصةً الرضّع، نتيجة نقص الحليب العلاجي.

منذ الثاني من مارس/آذار، أغلقت إسرائيل معابرها الحدودية مع قطاع غزة، مانعةً دخول المساعدات الإنسانية والمواد الغذائية والطبية، بما فيها حليب الأطفال. وقد أدى هذا إلى انزلاق قطاع غزة إلى المجاعة وأودى بحياة العديد من الأشخاص.


شارك