كيف غيّر عمرو دياب مفهوم الأغنية العاطفية في التسعينيات؟

منذ 7 ساعات
كيف غيّر عمرو دياب مفهوم الأغنية العاطفية في التسعينيات؟

ينتظر جمهور عمرو دياب بفارغ الصبر صدور ألبومه الجديد خلال الساعات القادمة. وقد أحدثت الضجة المحيطة بالألبوم ضجة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، وعادت أغاني “بلانيت” إلى قوائم الأغاني. إلا أن هذا الحضور المتجدد ليس استثناءً، بل هو استمرار لرحلة بدأت في أوائل الثمانينيات، رسّخ خلالها عمرو دياب مكانته كواحد من أكثر الفنانين تأثيرًا في الموسيقى العربية الحديثة.

عند قراءة فصل في كتاب “أيامنا: رؤية موسيقية واجتماعية لمسيرة عمرو دياب” لمصطفى حمدي، الصادر عن دار ريشة، نتوقف عند إحدى اللحظات المحورية التي ساهمت في تشكيل هذا المشروع الموسيقي: مقابلة تلفزيونية شهيرة في منتصف التسعينيات عبّر فيها عمرو عن فلسفته في اختيار كلمات الأغاني ورفضه أن يكون تكراراً للآخرين.

لقاء عمرو دياب مع الإعلامي عماد أديب في برنامجه الشهير “على الهواء” في منتصف التسعينيات، والذي كان يذاع على قناة أوربت.

قال عمرو جملةً تُفسر أفكاره وخياراته في كلمات الأغنية: “سألوني لماذا لم أغني مثل من سبقوني؟ قلت لهم إن عائلتي ربّتني، ودرست، واجتهدت، وكافحت لأصبح مستقلاً، وأمتلك تجاربي الخاصة، لا تجارب الآخرين. لقد منحوني فرصة خوض تجاربي الخاصة”.

وفي هذا الرد أشار عمرو دياب إلى حواره الشهير في بداياته مع الإعلامي مفيد فوزي، الذي حوّل الحديث أمام الجمهور إلى محاكمة لعمرو، بل وفرض عليه أفكاره ومعتقداته الفنية.

لكن عماد أديب استغل تصريح عمرو وسأله: “هل تأخذ وقتك مع كلمات أغانيك؟”

أجاب عمرو: “مررتُ بتجارب كثيرة في حياتي، من بورسعيد إلى الشرقية إلى القاهرة. مررتُ بمشاعر إنسانية كثيرة، مثلاً عندما كان وضعي المالي تحت الصفر، ثم تحسن بعد فترة حتى أصبحتُ ثرياً”. سكنتُ في علية حتى امتلكتُ شقتي الخاصة عام ١٩٨٨. لذلك، أرى كلمات الأغاني من منظور الناس العاديين. أرى الحب من منظور شخص عادي أحبّ وأحبّ، وتغيّر معه العالم، وتأثر بالمجتمع، وعاش تجارب. يجب أن تُعبّر كلمات الأغاني عن الشخص الذي يسمعها.

قبل بضع سنوات، وتحديدًا في أواخر الثمانينيات، كان عمرو دياب يسعى جاهدًا لتطوير كلمات أغانيه وإيصال صوته إلى مواضيع درامية مختلفة عن أعماله السابقة. تحدث مع الشاعر مدحت العدل عن رغبته في تقديم أغنية مشابهة لأغنية “خذ من الغريب” التي غناها محمد الحلو والتي حققت نجاحًا باهرًا.

يقول مدحت العدل: “أعجب عمرو بفكرة الأغنية وطلب مني أن أبتكر أغانٍ درامية بأفكار جديدة. فقلت له سطرًا، على ما أذكر، بدأ بكلمات: (ماذا تقصد بأنك تودعني؟ أنت الذي نسيت ذلك)، واستمر حتى نهاية المقطع”. كان متحمسًا جدًا وطلب مني كتابة بقية كلمات الأغنية. قام فورًا بتلحينها وتسجيلها وإصدارها في ألبوم “شوقنا”.

شكّلت أغنية “ويه يعني” بداية مسار شعري لعمرو دياب، استكشف فيه الأغاني الدرامية وتنوع مواقفها. بالتوازي، اعتمد مشروعه الكتابي على اسمين من عالمين مختلفين، بفلسفتين مختلفتين: الشاعر مجدي النجار، “ضابط الشرطة” السابق، ومدحت العدل، “الطبيب”، الذي اتجه إلى عالم الشعر. كان لكليهما أثرٌ بالغ في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، وساهما في إرساء هذا المسار الشعري الدرامي والفكري.

قدّم عمرو صورًا درامية وغنائية ساهمت في تكوين صورته الذاتية كمغنٍّ. هذا يعني أن معظم أغانيه الدرامية في تلك الفترة كانت على النقيض تمامًا من صورة العاشق المكسور المهزوم التي نجح عبد الحليم حافظ في ترسيخها طوال مسيرته الفنية. هذه الصورة فُرضت على كل من أراد تقديم أغنية درامية عاطفية.

في أغانيه، تحرر عمرو من فكرة “الظلم العاطفي”، وصوّر عاشقًا قادرًا على تجاوز كل شيء. حتى الاتهامات لم تكن تُسمع بنبرة استرضاء أو مطالبة بالمثل.

يتجلى هذا بوضوح في أغنية “مثل الزمن”، كلمات مدحت العدل ولحن عمرو دياب، حيث يقول فيها: مثل الوقت الذي لست متأكدا منه في ثانية واحدة تبيع ما تريد لن نكون مشغولين بك وسأذوب أنا لا أقول أنه أمر محدد أو مكتوب مسبقًا!


شارك