من التحالف إلى التناحر.. محطات التوتر بين ترامب وماسك تكشف لعبة المصالح في قمة السلطة الأمريكية

تشهد العلاقة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورجل الأعمال إيلون ماسك تغيرات دراماتيكية وسريعة، وتتأرجح بين التحالف والصراع.
وفيما يبدو أنه “شهر عسل سياسي” قصير، كشفت الخلافات مرة أخرى عن تضارب في المصالح بين الرجلين الأقوى في أميركا.
نهاية شهر العسل السياسي بين ترامب وماسك
توترت العلاقات بين السياسي البارز والاقتصادي الأمريكي البارز عقب موجة من التعليقات الساخرة والتهديدية على حسابات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورجل الأعمال إيلون ماسك على مواقع التواصل الاجتماعي. هدد ماسك بتشكيل حزب ثالث لمنافسة الجمهوريين والديمقراطيين، ما دفع ترامب للرد بتعليقات لاذعة وساخرة، مذكّرًا ماسك بدعم البلاد لشركته.
وجاءت موجة الاشتباكات بعد عام من التعاون بين الجانبين، حيث شكلا تحالفا لتطبيق إجراءات جمركية مثيرة للجدل عالميا.
خلفية العلاقة بين أهم رجلين في أمريكا
ونقلت صحيفة الشروق عن نيويورك وبوليتيكو وإن بي سي، أبرز المحطات في العلاقة بين ترامب وماسك، التي وصلت إلى نقطة تحول مثيرة للجدل في الداخل والخارج.
إيلون ماسك: التقلبات السياسية تحددها المصلحة الذاتية
تذبذب موقف إيلون ماسك السياسي بين الجمهوري والديمقراطي، ما بين مدح ترامب ومهاجمته. وهذا يعكس تصريحه السابق عام ٢٠١٤ بأنه “نصف ديمقراطي ونصف جمهوري”، لكنه رأسمالي محافظ، في إشارة إلى معارضته للضرائب وزيادة الإنفاق الحكومي.
ورغم تغير مواقفه، فإن توجهه الرأسمالي المحافظ ظل ثابتاً باعتباره العامل الحاسم في مواقفه.
– حرب إلكترونية بدأت عام 2016
بدأ الخلاف بين ترامب وماسك بعد انتخابات عام 2016، عندما أعلن ماسك أن ترامب لا يملك الشخصية اللازمة لتمثيل أمريكا وأعرب عن دعمه لهيلاري كلينتون.
استمرت معارضة ماسك لترامب طوال فترة رئاسته، وبلغت ذروتها باستقالته من مجلسين استشاريين احتجاجًا على سياسات ترامب المتعلقة بالمناخ والسفر.
لكن ترامب فاجأ الجميع عام ٢٠١٩ بإشادته بماسك، واصفًا إياه بـ”العبقري”. عمل الاثنان معًا خلال جائحة كوفيد-١٩، ناشرين نظريات المؤامرة ومنتقدين سياسات الإغلاق، مما أدى إلى تقارب مؤقت بينهما.
تغيير مسار ماسك الجمهوري وأول مواجهة علنية مع ترامب
ورغم أنه يصوت عادة للديمقراطيين، تحول ماسك إلى الجمهوريين في عام 2022 بعد اعتراضه على دعم بايدن للنقابات.
تزامن هذا التغيير في المسار مع جدال حاد بينه وبين ترامب بعد انتقاد الأخير لصفقة الاستحواذ على تويتر. ردّ ماسك واصفًا ترامب بـ”العجوز البغيض”، وردّ ترامب باتهاماتٍ لاذعة، شملت الكذب والتملق للبيت الأبيض. واستمرت المناقشة بتبادل عام للآراء وصف فيه ماسك ترامب بأنه “بطل العالم في الهراء”.
الاجتماع السري في بالم بيتش ومؤشرات عودة التحالف
في مارس/آذار 2024، التقى ماسك وترامب في منتجع في بالم بيتش وسط تقارير عن صفقة لتمويل حملة ترامب، التي كانت تعاني من مشاكل مالية بسبب إجراءات جنائية، لكن ماسك نفى ذلك.
لكن في مايو/أيار، أسس ماسك “لجنة العمل السياسي الأميركية” لدعم ترامب، وظهر معه في فعاليات الحملة الانتخابية بعد محاولة الاغتيال، وعرض عليه الدعم المالي بقيمة تقدر بنحو 290 مليون دولار.
وتشير التقارير إلى وجود اتفاق يهدف إلى تحسين وضع شركة تسلا في حال فوز ترامب بالرئاسة.
تعيين ماسك وزيراً في حكومة ترامب.. وخلاف جديد خلف الكواليس
بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية، عيّن ترامب ماسك وزيراً للكفاءة الحكومية لتنفيذ خطة تقشف شملت وقف الأبحاث البيئية وتسريح الموظفين.
لكن الخلاف بينهما تصاعد مجددًا بعد أن ألغى ترامب صلاحية ماسك في فصل الموظفين. لم يُعلّق ماسك علنًا، واستمر في دعم ترامب حتى نهاية ولايته كوزير للخارجية في 30 مايو/أيار 2025.
– شرارة نزاع جديد: مرشح ناسا والتمويل الديمقراطي
قبل يومين من مغادرة ماسك منصبه، اندلعت أزمة جديدة بعد أن علم ترامب أن أحد حلفاء ماسك – جيرارد إيزاكمان، المرشح لمنصب مدير وكالة ناسا – كان يمول حملة ديمقراطية.
ورد ترامب بإلغاء تعيين إيزاكمان، مما أدى إلى تجدد التوترات، خاصة في ضوء تضارب المصالح بين ماسك والإدارة الجديدة.
القانون العظيم الجميل… نقطة محورية جديدة
وتزامن رحيل ماسك مع الجدل الدائر حول قانون “الجميلة الكبيرة” لخفض التكاليف، والذي أضر بمصالح تيسلا من خلال خفض الحوافز الضريبية لمشاريع الطاقة النظيفة.
هاجم ماسك مشروع القانون وهدد أعضاء الكونغرس المؤيدين له. وامتدت هجماته إلى ترامب نفسه، متهمًا إياه بالتورط في قضية جيفري إبستين، ومطالبًا بإقالته وتشكيل حزب جديد.
– هدوء مؤقت ومكالمة اعتذار قصيرة
ورد ترامب على هجوم ماسك ووصفه بأنه “مدمن فقد عقله”، ليرد ماسك بمكالمة هاتفية واعتذار رسمي، ثم حذف تغريداته المسيئة في وقت لاحق.
رغم قبول ترامب الاعتذار، تصاعدت الأزمة مجددًا في أواخر يونيو. جدد ماسك هجومه على القانون وعلى ترامب نفسه. ردّ ترامب بمنشورات حادة قال فيها: “لولا دعم الحكومة، لكان ماسك عاد إلى جنوب أفريقيا”.