مآسي عقارات القبة المنكوبة.. الموت يحتضن الجيران بين الركام |فيديو

كان آخر لقاء بين العم شعبان وعائلته وجيرانه منتصف ليل الجمعة، بعد أن أخرج هو وابنته أمتعتهما من المبنى الذي سكنه لعشر سنوات. قبل ثلاثة أشهر، ظهرت تشققات في الجدران، مما جعله يخشى العيش فيه خوفًا من انهياره في أي لحظة. ثلاثون دقيقة كانت كفيلة بنهاية حياة الرجل الستيني وعائلته بعد واقع مأساوي كاد أن ينتهي بكارثة، لكن القدر سار على غير ما يرام.
في الواحدة ظهرًا، كانت شوارع حي القبة الضيقة شبه خالية، بلا مشاة ولا أطفال. لاحت مأساةٌ في الأفق. هزّ دويّ قويّ المنطقة، تلته سحبٌ من الغبار كادت أن تُعمي أعين السكان. قال عاطف س.، أحد سكان المنازل المجاورة: “كان الناس في طريقهم إلى صلاة الجمعة عندما لاحظنا طبقة الغبار في الشوارع. ركضنا جميعًا لإنقاذهم”.
بدأت معاناة سكان المبنى رقم ٢٠ في شارع أبو سيف بحي القبة قبل نحو ثلاثة أشهر عندما بدأت جدرانه بالتشقق دون سابق إنذار. وأبلغ شعبان المنطقة قائلاً: “ذهبتُ إلى المنطقة وأبلغتهم بالوضع، فقالوا مرارًا: سنأتي للمعاينة، لكنهم رفضوا اتخاذ قرار بالهدم أو التدمير”.
تفاقمت أوضاع سكان عمارة “القبة” قبل أيام من عيد الأضحى المبارك، فاضطروا لمغادرتها خوفًا من انهيارها المفاجئ مع اتساع الشقوق والصدوع في الجدران. إلا أن “العم شعبان” بقي في العمارة مع عائلته (ابنته أمل وزوجته وأحفاده) حتى عصر الجمعة، ريثما يتم إيجاد سكن بديل.
وكان العم شعبان قد غادر منزله القديم قبل نصف ساعة فقط عندما أخبره أحد الجيران عبر الهاتف أن المبنى تحول إلى أنقاض بعد رحيله: “سمعت الناس ينادوننا ويقولون لي إن المنزل الذي كنت معزولًا عنه والمنزل المجاور له انهارا على السكان.. منحني الله حياة جديدة عندما غادرت أنا وعائلتي هذا المنزل”، قال العم شعبان في بث مباشر على ايجي برس.
منذ بداية الكارثة، تدخل السكان المحليون وأنقذوا بعض السكان من تحت الأنقاض. إلا أن ضيق الشوارع ونقص الإمدادات صعّبا عمل فرق الإنقاذ. ولا يزال البحث عن مفقودين أو ناجين تحت الأنقاض مستمرًا، بينما تواصل قوات الدفاع المدني بالقاهرة البحث عن مفقودين آخرين تحت الأنقاض.
انتشلت قوات الدفاع المدني بالقاهرة حتى الآن ثلاث جثث، وتم انتشال تسعة مصابين، بينهم طفل، من تحت الأنقاض. ولا يزال البحث جاريًا عن المزيد من المصابين.