حاكم الشارقة يتسلم تكريما خاصا من اليونسكو بمناسبة إنجاز المعجم التاريخي للغة العربية

نال صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة تكريماً خاصاً من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) بمناسبة إنجاز المعجم التاريخي للغة العربية وإدراجه رسمياً في مكتبة اليونسكو.

جاء ذلك خلال احتفال رسمي أقيم بمقر منظمة اليونسكو في العاصمة الفرنسية باريس تحت شعار “اللغة العربية جسر بين التراث والمعرفة”. حضر الحفل سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، حرم صاحب السمو حاكم الشارقة رئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، والشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة هيئة الشارقة للكتاب.

وكان في استقبال صاحب السمو حاكم الشارقة لدى وصوله مقر اليونسكو، السيدة أودري أزولاي المديرة العامة لليونسكو. فهد سعيد الرقباني سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى فرنسا؛ عبدالله بن محمد العويس رئيس وزارة الثقافة؛ جمال الطريفي رئيس الجامعة القاسمية؛ أحمد بن ركاض العامري، الرئيس التنفيذي لهيئة الشارقة للكتاب؛ علي الحاج العلي، المندوب الدائم لدولة الإمارات العربية المتحدة لدى اليونسكو؛ محمد حسن خلف مدير عام هيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون؛ طارق سعيد علاي مدير عام المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة؛ وسفراء الدول العربية المعتمدين لدى اليونسكو.

ألقى صاحب السمو حاكم الشارقة كلمةً خلال الحفل، قال فيها: “يشرفني أن أقف بينكم اليوم في هذا الصرح الثقافي العريق، اليونسكو، التي نُكرّم رسالتها النبيلة ونفخر بشراكتها المثمرة، لنحتفل معًا بإنجاز علمي وثقافي رائد: المعجم التاريخي للغة العربية. ومما يزيد هذه اللحظة رمزيةً وعمقًا تزامنها مع اليوم العالمي للتنوع الثقافي من أجل الحوار والتنمية، الذي أقرته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) مناسبةً سنويةً لتعزيز التفاهم والاحترام المتبادل بين الثقافات، وتوطيد التقارب الإنساني”.

وتابع أن اللغة هي أهم وسيلة للثقافة: “لا شك أن اللغة، مهما كانت، هي أهم وسيلة للثقافة وأصدق تعبير عن هوية شعب. ونحن إذ نحتفل اليوم بالمعجم التاريخي للغة العربية، فإننا نكرم من خلال هذا الاحتفال عنصرًا من ذلك التنوع الإنساني الكبير الذي تمثله اللغة العربية بكل ثقلها الثقافي وتأثيرها العلمي والإنساني”.

وعن أهمية المعجم في توثيق تطور المفردات العربية، قال صاحب السمو حاكم الشارقة: “اللغة العربية لغة حية عبر القرون، تحمل تراث أمة، وتضم علومًا ومعارف لا تُحصى. إنها لغة القرآن الكريم، وأداة تعبير الفلاسفة والعلماء، وأداة إبداع الشعراء والمفكرين. وإلى يومنا هذا، لا تزال تؤدي دورها في مجال المعرفة. إلا أنه لم يكن هناك مشروع علمي يوثق تطور مفرداتها ودلالاتها عبر القرون، كما هو الحال في اللغات الأخرى. لذلك، وُلد المعجم التاريخي للغة العربية حلمًا تطور إلى مشروع، ومشروعًا تكلل بالنجاح بفضل الجهود الجماعية، وتكامل الخبرات، والإرادة الصلبة.”

أوضح حاكم الشارقة دور الجهات المعنية بإنجاز المعجم التاريخي قائلاً: “أشرفت الشارقة، من خلال مجمع اللغة العربية التابع لها، وبالتعاون مع اتحاد المجامع العلمية واللغوية بالقاهرة، بالإضافة إلى المجامع والمعاهد والمؤسسات اللغوية في العالم العربي، على إنجاز هذا المعجم الذي يقع في 127 مجلدًا، كما هو موضح في النسخة المطبوعة. المعجم متوفر بنسختين: ورقية وإلكترونية. وأتقدم بالشكر الجزيل لمئات الباحثين والمدققين من مختلف الدول العربية على جهودهم المبذولة في إنجاح هذا العمل”.

وأكد على حق اللغات في الوجود والتطور، وعدم اختزالها في لغة واحدة. قال: “بإحياء تاريخ اللغة العربية وإبراز خصوصيات تطورها، نؤكد للعالم في الوقت نفسه أن لكل لغة الحق في الوجود والتطور والاحتفاء. فالعدالة الثقافية تقتضي ألا تُختزل الإنسانية في لغة واحدة، وألا تُختزل حضارات الشعوب في نموذج واحد. فكما يضمن التنوع البيئي استمرارية الحياة، فإن التنوع الثقافي واللغوي يضمن استمرارية الإبداع البشري وتجدده”.

أعرب صاحب السمو حاكم الشارقة عن خالص امتنانه لمنظمة اليونسكو لاعترافها بالمعجم التاريخي للغة العربية، وللمشاريع الثقافية المشتركة بين الشارقة والمنظمة، قائلاً: “إن اعترافنا بهذا العمل في إطار اليونسكو يُرسل رسالة واضحة مفادها أن الثقافة لا تعرف حدودًا، وأن الإنجازات العربية، التي تُحقق بصدق وروح جماعية، تحظى بتقدير عالمي. ومن هذا المنبر، أود أن أعرب عن عميق امتناني لليونسكو ودولها الأعضاء لإيمانهم الراسخ بقيمة اللغة العربية، ولشراكتهم البناءة معنا في العديد من المبادرات، وأبرزها جائزة الشارقة – اليونسكو للثقافة العربية، التي نعتبرها رمزًا للتلاقي الثقافي بيننا في الشارقة وهذه المنظمة الدولية بجميع دولها الأعضاء”.

واختتم كلمته قائلاً: “دعونا نمضي قدمًا معًا، أصدقائي. دعونا نتكاتف، دعونا نعزز الحوار الثقافي فيما بيننا، دعونا نعمل على الحفاظ على تراثنا الإنساني المشترك، دعونا نعمل معًا لضمان سماع صوت كل ثقافة، واحترام كل لغة، وتشبث كل شعب بهويته وثقافته الأصيلة”.

وألقت أودري أزولاي المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) كلمة ترحيبية بصاحب السمو حاكم الشارقة. وأعربت عن سعادتها بزيارة الوفد لإمارة الشارقة عاصمة المعرفة والثقافة العالمية التي تستثمر وتشارك في العديد من مجالات عمل اليونسكو. وحظيت الشارقة بألقاب وتقديرات ثقافية عالمية، منها اختيار منظمة اليونسكو للشارقة عاصمة عالمية للكتاب عام 2019، ما يؤكد التزام الشارقة بالكتب والتراث الثقافي والمعرفة والتعددية الثقافية وغيرها.

وأشادت أودري أزولاي برؤية الشارقة بقيادة صاحب السمو حاكم الشارقة الذي يبني سياسته كلها على الثقافة والمعرفة وينظم العديد من الفعاليات والمهرجانات والمعارض المثيرة للاهتمام في مختلف مجالات الثقافة والفن والتاريخ. وأشارت إلى أن هذه المبادرات والفعاليات الثقافية، ومن بينها جائزة الشارقة – اليونسكو للثقافة العربية، تدعم الحوار بين الثقافات، وتجسد العلاقة المتينة بين الشارقة واليونسكو والتي استمرت لأكثر من 25 عاماً.

أشاد المدير العام لمنظمة اليونسكو بمبادرة الشارقة لتوقيع اتفاقية رقمنة أرشيف اليونسكو. ويمثل هذا دعماً كبيراً للحفاظ على تراث المنظمة الواسع من الكتب والوثائق وغيرها من القطع الأثرية، والذي يمتد لأكثر من 80 عاماً من تاريخ المنظمة الغني، والذي شهد العديد من الأحداث والمواقف والاتفاقيات والمبادرات.

وأعربت عن فخرها بالإنجاز الذي حققه المعجم التاريخي للغة العربية والذي تم إنجازه بإشراف وإشراف حاكم الشارقة وبمشاركة مئات الباحثين والمدققين و20 مؤسسة لغوية في العالم العربي. وقد دخل في موسوعة غينيس للأرقام القياسية كأكبر قاموس تاريخي بـ 127 مجلداً، وأدرج رسمياً في مكتبة اليونسكو، حيث أصبح متاحاً للمعلمين والباحثين والطلاب وكل من يريد تعلم اللغة العربية.

وأوضحت أن اللغة العربية غنية بالمحتوى والقيمة وأن هناك علماء وكتاب في مجالات مختلفة. إنها لغة تتكيف وتتطور مع مرور الوقت ويتحدثها ملايين الأشخاص حول العالم. وأشارت إلى أنها وجدت في القاموس التاريخي للغة العربية كلمة (سلام) وهي مكونة من ثلاثة أجزاء (سين، لام، ميم)، ولها معنى يشبه معنى جميع اللغات الأخرى.

وقع صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي، حاكم الشارقة، نسخة من المعجم التاريخي للغة العربية وأهداه لمنظمة اليونسكو.