تشكيل الهيئة الوطنية للمفقودين في سوريا.. هل تكشف مصير المختفين قسرا؟

بعد أكثر من خمسة أشهر من الإطاحة بنظام بشار الأسد، أعلنت السلطات الانتقالية السورية عن تشكيل لجنة وطنية للتحقيق في مصير آلاف المفقودين والمختفين قسراً.
ينص المرسوم رقم 19 لعام 2025، الذي وقعه الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع، على أنه بناءً على الصلاحيات المخولة لرئيس الجمهورية العربية السورية ووفقاً لأحكام الإعلان الدستوري، يُعلن ما يلي من أجل الكشف عن مصير آلاف المفقودين في سورية وضمان العدالة لعائلاتهم: تُنشأ هيئة مستقلة تسمى “الهيئة الوطنية للمفقودين”، مهمتها التحقيق والكشف عن مصير المفقودين والمختفين قسراً، وتوثيق الحالات وإنشاء قاعدة بيانات وطنية وتقديم المساعدة القانونية والإنسانية لعائلاتهم.
وينص المرسوم على تعيين محمد رضا جلخي رئيساً للهيئة وتكليفه بتشكيل فريق عمل وإعداد اللوائح الداخلية خلال مدة أقصاها 30 يوماً من تاريخ هذا الإعلان. وقالت صحيفة الغد إن الهيئة ستتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري وستقوم بمهامها على كامل الأراضي السورية.
في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، أطاحت فصائل المعارضة المسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام (HTS) بنظام بشار الأسد بعد هجوم مفاجئ استمر 12 يوماً فقط. وبعد ذلك تم فتح أبواب السجن وتم إطلاق سراح الآلاف من السجناء. خلف القضبان، وخاصة في سجن صيدنايا شمال دمشق، خرجت إلى النور فظائع وجرائم لا توصف.
وأعلنت المعارضة السورية في رسالة بثها التلفزيون الرسمي، الإطاحة بنظام بشار الأسد الذي حكم البلاد قرابة 24 عاما، وإطلاق سراح جميع السجناء.
ودعت المعارضة حينها الشعب السوري والمقاتلين إلى حماية ممتلكات الدولة.
وظهرت مجموعة من تسعة أشخاص في استوديو الأخبار، حيث قرأ أحدهم بياناً منسوباً إلى غرفة عمليات فتح في دمشق. وجاء فيها: “تحررت مدينة دمشق، وأسقط الطاغية بشار الأسد، وأُطلق سراح جميع المعتقلين ظلماً من سجون النظام”.
في 5 يناير/كانون الثاني 2025، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بمقتل 700 سجين في سجون نظام الرئيس السابق بشار الأسد، ودعا إلى تقديم المسؤولين عن هذه الجرائم إلى العدالة.
وقال المرصد في بيان: “حصل المرصد السوري على وثائق جديدة تثبت وفاة 700 سجين في سجون النظام السابق نتيجة التعذيب والإهمال الطبي”.
وأوضح المرصد أن أعداد الضحايا التي يتم توثيقها يومياً من خلال الوثائق الموجودة في السجون ومراكز الاعتقال في المحافظات السورية تكشف عن الفظائع التي ارتكبها النظام السابق بحق المعتقلين خلال السنوات الأخيرة. وشمل ذلك اختفاء الأشخاص والفشل في إعادة جثثهم إلى عائلاتهم. وهذا يتطلب محاسبة المسؤولين عنه، وهو واجب إنساني وأخلاقي.
وأشار إلى أن عدد المدنيين الذين قتلوا في سجون النظام السابق ارتفع إلى أكثر من 66475 منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011.
ودعا المجتمع الدولي إلى التدخل الفوري ودعم فرق الإنقاذ في البحث عن المقابر الجماعية ومراكز الاعتقال السرية والمساهمة في كشف مصير المختفين قسراً والمفقودين.
وفي بيان منفصل، أعلن المرصد عن اكتشاف أربع مقابر جماعية في محافظة درعا جنوبي سوريا، تحتوي على رفات 163 جثة، بينهم نساء وأطفال.
وبعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد، بدأت السلطات الجديدة والسكان في تحديد مواقع المقابر الجماعية المحتملة حول العاصمة دمشق.
إن مصير عشرات الآلاف من الأشخاص المفقودين والمعتقلين في سوريا والمقابر الجماعية التي دفن فيها النظام السوري السجناء الذين من المفترض أنهم ماتوا تحت التعذيب يمثل أحد الجوانب الأكثر لفتا للانتباه في المأساة السورية بعد أكثر من 13 عاما من الصراع المدمر الذي فقد فيه أكثر من نصف مليون شخص حياتهم.