صحف إسرائيلية: مصر رفضت اعتماد سفيرنا وعلاقتها معنا تشهد توترا غير مسبوق

في الأشهر الأخيرة، ومع تصاعد العنف الإسرائيلي في قطاع غزة، مما أسفر عن مقتل عشرات الآلاف من المدنيين وتدمير البنية التحتية على نطاق واسع، أصبح من الواضح أن الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو، بدعم من اليمين المتطرف، تعتزم تنفيذ خطة لإعادة التوطين القسري. وإزاء هذه التطورات، طرأت توترات كبيرة على العلاقات بين القاهرة وتل أبيب، وهو ما انعكس بوضوح في التحرك الدبلوماسي بشأن تبادل السفراء بين البلدين.
قررت القاهرة عدم تعيين سفير جديد لها في إسرائيل بعد أن أعلنت الحكومة الإسرائيلية عن خطط لتكثيف عملياتها العسكرية ضد حركة حماس في قطاع غزة، حسبما أفاد موقع صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، الأحد، نقلا عن مسؤولين مصريين. وأضاف المسؤول أن مصر قررت أيضا عدم منح الموافقة الدبلوماسية للسفير الإسرائيلي المعين في القاهرة، أوري روثمان. وتم تعيين روثمان قبل عدة أشهر، لكنه لم يغادر إسرائيل بعد.
انتهت فترة عمل السفير المصري السابق لدى إسرائيل خالد عزمي قبل نحو عام، بعد أن تم تمديدها لمدة عام آخر. ومنذ عودته إلى مصر، واصل الدبلوماسيون المصريون إدارة السفارة المصرية في شارع بازل في تل أبيب، ولكن من دون سفير.
وكان من المتوقع في البداية أن يتم تعيين الدكتور طارق دحروج، الدبلوماسي المخضرم الذي شغل عدة مناصب عليا في وزارة الخارجية المصرية، سفيرا جديدا لدى إسرائيل. ومن بين المناصب البارزة التي شغلها سابقًا رئاسة إدارة ليبيا في الوزارة وخدمته السابقة سفيرًا لمصر لدى باكستان. وهو خريج جامعة السوربون في باريس. ومع ذلك، فقد حصل في وقت لاحق على منصب مرموق آخر، حيث تم تعيينه هذا الأسبوع سفيراً لمصر في فرنسا.
وفي وزارة الخارجية المصرية، يعتبر منصب السفير لدى إسرائيل من أكثر المناصب “حساسية”، ويحتاج المرشحون لهذا المنصب، كما هو الحال بالنسبة للسفراء لدى الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، إلى موافقة الرئيس المصري وأجهزة المخابرات.
ويعكس قرار مصر عدم الموافقة على اعتماد أوري روثمان تدهور العلاقات الدبلوماسية بين القاهرة وتل أبيب. ورغم أن روثمان تم تعيينه منذ أكثر من خمسة أشهر، فإنه لا يزال يتعين عليه الحصول على ما يسمى “الاعتماد الدبلوماسي” من الحكومة المصرية، وهو إجراء ضروري لتولي منصبه.
تتطلب الإجراءات الدبلوماسية العادية أن تطلب الدولة المرسلة رسميا ترخيص سفيرها من الدولة المضيفة، وقد ترفض الدولة المضيفة أو تؤخر ردها لأسباب سياسية. في كثير من الأحيان يتم التعبير عن الرفض من خلال تجاهل الطلب بدلاً من رفضه بشكل علني. ويبدو أن هذا كان الحال أيضًا مع روثمان.
وفي السياق نفسه، نقلت صحيفة هآرتس الإسرائيلية عن أميرة أورون، السفيرة الإسرائيلية السابقة لدى مصر، قولها إن مصر لن تعين سفيراً جديداً لدى إسرائيل إلا بعد انتهاء الحرب في قطاع غزة. وأضافت في تصريح لصحيفة عبرية، الأحد، أن القاهرة سترفض أيضا أوراق الاعتماد الرسمية للسفير الإسرائيلي المعين لدى القاهرة، أوري روثمان. وهي وثيقة رسمية تعلن عن تعيين ممثل دبلوماسي في بلد ما.
وقالت أورون التي أنهت عملها كسفيرة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي: “كلما استمرت الحرب وتزايدت العمليات العسكرية، زاد الضغط على غزة، مما سيكون له تأثير سلبي على مصر، وسينظر إليها هناك على أنها تهديد لأمن البلاد ومصالحها”.
وأشارت إلى أن استمرار الحرب “يسبب اضطرابات بين الجمهور المصري والجمهور الإسلامي بشكل عام،
وفي وقت سابق من اليوم نفسه، ذكرت وسائل إعلام عربية أن مصر قررت عدم تعيين سفير جديد لها في إسرائيل، ما أدى إلى تأخير الموافقة على تعيين أوري روثمان. وعلق أورون قائلا: “على الرغم من أن هذا لا يعني تدهور العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، إلا أنه يحمل دلالة رمزية واضحة”.
وأوضحت أن غياب السفراء “ليس أمرا جيدا”، لكن السفارتين المصرية والإسرائيلية في تل أبيب والقاهرة استمرتا في العمل بالتنسيق الكامل. واختتمت حديثها بالإشارة إلى أن أورون والسفير المصري لدى إسرائيل أنهيا رسميا فترة عملهما، وأن السفير المصري عاد إلى بلاده قبل أشهر قليلة.
وقال دبلوماسي مصري كبير لصحيفة يديعوت أحرونوت العبرية إن التدهور في العلاقات بين البلدين جاء نتيجة مباشرة لإعلان إسرائيل عن هجوم بري واسع النطاق على قطاع غزة. وظل مجهول الهوية. وأكد أن قرار مصر بتجميد التمثيل الدبلوماسي جاء ردا مباشرا على هذا التصعيد العسكري.
ومنذ ذلك الحين، ظلت القاهرة صامتة، وامتنع كبار السياسيين المصريين عن الإدلاء بتعليقات علنية على تصرفات مستشاري رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. لكن الدبلوماسي المصري أكد أن “جميع الخيارات لا تزال مطروحة”.