تحول في العلاقات.. هل فقدت إسرائيل مكانتها كحليف استراتيجي لواشنطن؟

وقد شهدت الأيام الأخيرة تغيراً ملحوظاً في الموقف السياسي الأميركي تجاه إسرائيل. على سبيل المثال، ذكر الكاتب الأميركي توماس فريدمان في مقال له في صحيفة نيويورك تايمز أن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لم تعد تعتبر حليفاً موثوقاً به لواشنطن، بل أصبحت تمثل تهديداً مباشراً للمصالح الاستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط.
وبحسب مقال الصحيفة الأميركية، فإن العلاقات الأميركية الإسرائيلية شكلت ركيزة أساسية في السياسة الخارجية لواشنطن في المنطقة منذ إنشاء الهيكل الأمني الأميركي العربي الإسرائيلي بعد حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973. لكن فريدمان يعتقد أن حكومة نتنياهو الحالية، بطابعها اليميني المتطرف، تتحرك في الاتجاه المعاكس لهذا التحالف التاريخي. وتسعى إسرائيل إلى ضم الضفة الغربية وطرد السكان الفلسطينيين من قطاع غزة لتسهيل مشروع استيطاني أوسع. وهذا يهدد بقطع العلاقات بين واشنطن وتل أبيب.
واللافت للنظر، بحسب المقال، أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، التي تستعد لجولة في الشرق الأوسط دون لقاء نتنياهو، بدأت تنتهج سياسة مستقلة بعيدة عن النفوذ الإسرائيلي، وتدخل في مفاوضات مباشرة مع إيران والحوثيين وحتى حماس. ويرى فريدمان في هذه الخطوات إشارة إلى رفض واشنطن لسياسات حكومة نتنياهو، ورسالة مباشرة مفادها أنها لم تعد تسيطر على قرارات البيت الأبيض كما كانت تفعل في السابق.
وفي مقاله، يتناول الكاتب الأميركي توماس فريدمان أيضاً كيف أحبط نتنياهو، لأسباب سياسية وشخصية، مشروعاً كبيراً كان من شأنه تطبيع العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل مقابل التزام تل أبيب بحل الدولتين عن طريق التفاوض مع السلطة الفلسطينية. واستسلم نتنياهو للضغوط التي مارسها عليه شركاؤه المتطرفون في الحكومة ورفض الدخول في حوار مع الفلسطينيين. وقد أدى ذلك إلى تحطيم فرصة إعادة تشكيل المشهد التحالفي في المنطقة لصالح واشنطن وتل أبيب.
وبحسب مقال في صحيفة نيويورك تايمز فإن جيش الاحتلال الإسرائيلي يستعد لغزو آخر واسع النطاق لقطاع غزة. وتهدف هذه العملية إلى حصر السكان الفلسطينيين في منطقة ضيقة على الحدود المصرية. وتأتي هذه العملية وسط مؤشرات على انتهاكات أخرى قد تشكل غالبيتها جرائم حرب، بحسب تقارير خبراء عسكريين ومحللين سياسيين في الصحافة الإسرائيلية.
وحذر المحلل العسكري في صحيفة هآرتس العبرية، عاموس هاريل، من أن العملية المخطط لها ستكون “عنيفة للغاية” وقد تؤدي إلى تدمير واسع النطاق للبنية التحتية المدنية في قطاع غزة وزيادة عدد الضحايا المدنيين.
وبحسب فريدمان فإن الاستراتيجية الإسرائيلية لا تشكل تهديدا للفلسطينيين فحسب، بل تؤدي أيضا إلى زعزعة استقرار الأردن ومصر، حليفي الولايات المتحدة، حيث تخشى العاصمتان من محاولة طرد الفلسطينيين إلى أرضهم. وتقوض هذه السياسة أيضًا الجهود الرامية إلى دمج إسرائيل في مفهوم الأمن الإقليمي الذي تقوده واشنطن لمواجهة النفوذ الإيراني والصيني، وفقًا لما ذكره هانز فيكسل، المستشار السابق للقيادة المركزية الأمريكية.
وفي نهاية المقال، أطلق فريدمان تحذيراً صارخاً: إن الجيل القادم من اليهود الأميركيين قد ينشأ في عالم تصبح فيه إسرائيل منبوذة دولياً بسبب سياساتها تجاه الفلسطينيين. في نهاية مقاله، اقتبس من افتتاحية صحيفة هآرتس الصادرة في 7 مايو: “يمكننا الاستمرار في تجاهل عدد الضحايا الفلسطينيين في غزة واللجوء إلى الإنكار واللامبالاة والتبرير… لكن الحقيقة المرة لن تتغير: إسرائيل قتلتهم. يجب ألا نغض الطرف. يجب أن نستيقظ ونصرخ بصوت عالٍ: أوقفوا الحرب”.