الضويني: الصهيونية تقزم الصراع إلى خلاف بين الفلسطينيين والاحتلال لإبعاد الشباب عن نصرة فلسطين والقدس

منذ 3 ساعات
الضويني: الصهيونية تقزم الصراع إلى خلاف بين الفلسطينيين والاحتلال لإبعاد الشباب عن نصرة فلسطين والقدس

أكد الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف، أن أهمية هذا المنتدى (منتدى “اسمع وتكلم” الذي ينظمه مرصد الأزهر لمكافحة التطرف) تتجلى في عالم مليء بالصراعات الأيديولوجية والاستقطاب الشديد والمحاولات اليائسة لتدمير الدول والشعوب باستخدام أساليب متنوعة تستهدف قيم الأمة الأصيلة، وخاصة شبابها، وتحاول فصلهم عن عقيدتهم وتاريخهم وهويتهم.

وأضاف: “إذا كانت كل أمة تمتلك ثروة تفتخر بها، وتدخرها لمستقبلها، وقوة تبني عليها مجدها وتقدمها، فإن قمة هذه الثروة تقف شبابها، الذين هم الركيزة الأساسية للمجتمع، وثروته الحية الحقيقية، وأمله العزيز على الدوام”.

وأكد وكيل الأزهر، خلال كلمته في منتدى «اسمع وتكلم» الذي يعقده مرصد الأزهر لمكافحة التطرف للمرة الرابعة، أن من مظاهر الحضارة والتقدم بين الأمم رعايتها للشباب وتسليحهم بما يجعلهم رجالاً قادرين أقوياء تبنى على سواعدهم الأوطان. وبعيدا عن محاولة التلاعب بهذا المنتدى ومصادرة نتائجه التي نأمل أن تعود بالنفع على شبابنا وبلادنا، أود أن أتطرق إلى الأهداف المعلنة للمنتدى، وهي أهداف لا بد من صياغتها وترسيخها في أذهان الناس، وخاصة الشباب.

ووجه عدداً من الرسائل المهمة للشباب، من بينها أهمية “المبادرات التطوعية” المبنية على التوجيهات الإلهية. قال الله تعالى: {وَمَنْ يَتَقَدَّمْ خَيْرًا طَوْعًا فَإِنَّ اللَّهَ شَكْرُهُ لَهُ الْعَلِيمُ} والخير الطوعي لا يقتصر على صلاة التطوع أو صدقة الزكاة المفروضة، بل يشمل كل صور الخير التي تعود بالنفع على البشرية.

وأشار إلى أن التطوع له مكانته في القرآن والسنة، وكأن ذلك دلالة واضحة على أن التطوع عمل ديني بامتياز، وله أجر عظيم لا يعلمه إلا الله. وعندما نضيف إلى ذلك الفوائد الإضافية التي تعود على المتطوعين أنفسهم وعلى المجتمع من حولهم، فإننا نفهم أهمية التطوع والعمل الاجتماعي. ونصح الشباب باكتشاف الخير الكامن في نفوسهم وإيجاد سبل المحبة والمشاعر التي لا تنتظر الأحداث أو الطوارئ بل تبادر إلى فعل الخير دون انتظار مقابل ودعم تماسك المجتمع من خلال تعزيز الثقة بالنفس وتكوين صداقات جديدة وتحسين التواصل مع الجميع وتنمية مشاعر الدفء والرحمة والشفقة.

وأضاف: “لا حياة للأمة إلا بالشباب، لا سيما إذا توافرت لديهم درجة عالية من الوعي والالتزام، والحكمة والاتزان، والعقل والفهم. يجب أن تحتل القضية الفلسطينية، بكل أبعادها الدينية والاجتماعية والسياسية والإنسانية، مكانة خاصة في وجدان الشباب، ليدركوا أن العدو الصهيوني لا حق له في الأرض ولا فيما يدّعيه، وأن ما يحاول هذا العدو المخادع نشره محض كذب، وأن ما تسعى إليه الصهيونية من اختزال الخلافات والصراعات، وتحويلها إلى خلافات بين الفلسطينيين والعصابة الإسرائيلية، وفصلها عن إطارها الإسلامي، ليُصبح الشباب، بعيدًا كل البعد عن نصرة فلسطين والقدس، مجرد وهم”.

وأوضح أن إصرار العدو الصهيوني على طمس القضية الفلسطينية من عقول الشباب المسلم وإعطائهم صورة زائفة يؤكد ضرورة الوعي بهذه المشكلة وأبعادها. إن القضية الفلسطينية لها في جوهرها بعد ديني، وترتبط بأبعاد أخرى، مثل البعد الداخلي، والبعد القومي العربي، والبعد الإنساني. من ينظر إلى فلسطين من منظور واحد فقط دون النظر إلى الجوانب الأخرى فهو لا يرى الحقيقة كاملة. ومن هنا فإن من واجب الشباب أن يدركوا الطبيعة العدوانية والعنصرية والتوسعية والاستعمارية للعدو الصهيوني، وأن يشاركوا في المبادرات التطوعية لكشف المخططات الإرهابية الصهيونية الهادفة إلى تدمير الأمة العربية والإسلامية.

وأضاف: “لقد تخلى العالم المتحضر عن قضيته لولا الشعوب الواعية التي تُدرك خطر الصهيونية على العالم، وتُعبّر عن ذلك بسلام وهدوء في عواصم العالم. إن الانتهاكات المستمرة وعمليات الاستيطان والتهجير ومصادرة الأراضي من قبل العدو الصهيوني تُجبر الشباب على المبادرة والتطوع من أجل فلسطين. عليهم الانخراط في مبادرات مجتمعية لإعادة المكانة الحقيقية للقضية الفلسطينية في عقول وقلوب ومشاعر وحواس ووعي الناس، لتبقى دائمًا في مقدمة أولويات الأمة العربية والإسلامية والإنسانية جمعاء، وتتخذ موقفًا واضحًا من تحرير كامل الأرض الفلسطينية كواجب وطني وديني وقومي وتاريخي وإنساني”.

وأوضح الضويني أن الإسلام عقيدة صافية تنير قلب المؤمن، وشريعة تنبض بما يصلح حال الإنسان في دنياه وآخرته، ونظام أخلاقي رفيع يتخلل حياة المجتمع. فهو يبعث رائحة السلام والهدوء. إن الأمة الإسلامية وشعوبها المؤمنة في كل أرض، وفي كل عصر، وفي كل جيل، ظلت متمسكة بإسلامها، محافظة على دينها ومقدساتها، معتزة بقيمها وأصالتها، عاملة على توحيد صفوفها وكلمتها، واعية لرسالتها، ومثمنة مكانتها الحضارية بين الأمم. لم تنطفئ أنوار الإيمان فيه أبدًا. بل إن الأمة الإسلامية كانت دائما تمتلك عقولا مستنيرة تفهم النص وتستوعب الواقع، فوجد ارتباطا وثيقا بين الأصالة والحداثة. ونتيجة لذلك ازداد إيمان الأمة ويقينها بربها وتمسكها بمبادئ وأخلاق دينها.

واختتم وكيل الأزهر كلمته مؤكداً أن كل مسئول يجب أن يتحمل المسؤولية الملقاة على عاتق المؤسسات الدينية وعلمائها. وأكد على ضرورة فهم واقع الناس والتحديات التي تواجههم في كافة مجالات الحياة: السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية وغيرها. وأكد أيضاً على ضرورة وجود خطاب متوازن يتصدى للخطابات المخالفة، ويحمي إيمان الناس وإيمانهم بربهم، ويحافظ على مقدرات مجتمعاتهم، ويضمن أمنهم وسلامتهم.


شارك