مفتي الجمهورية: الواقع متغير بطبيعته ولا بد أن تواكبه الفتوى بعلم ورؤية واعية تُراعي احتياجات الناس

إن الفتوى عنصر أساسي في تنظيم الحركة الاجتماعية وتوجهها نحو الاستقرار والوعي والاعتدال.
إن الفتاوى ليست منفصلة عن الواقع، بل تتحرك معه وتساهم في التعامل معه والاستجابة لتطوراته.
لقد قطعت دار الإفتاء شوطاً كبيراً في الفضاء الرقمي، ونحن ملتزمون بالوصول إلى أوسع شريحة ممكنة من الجمهور من خلال هذه الوسائل.
وإيماناً منا بدور المرأة في الشأن الديني والاجتماعي قمنا بتأهيل مفتين مؤهلات علمياً وعملياً.
ولمواجهة التحديات المشتركة، هناك حاجة ماسة إلى تكامل المؤسسات الدينية والاجتماعية. ونحن نرحب بالتعاون مع وزارة التنمية الاجتماعية وشئون الأسرة القطرية.
أكد الدكتور نذير محمد عياد مفتي الديار المصرية ورئيس الأمانة العامة لهيئات ومؤسسات الإفتاء في العالم، أن الفتاوى عنصر محوري في تنظيم الحركات الاجتماعية وتوجيهها نحو الاستقرار والوعي والاعتدال. وأشار إلى أن الفتاوى ليست منفصلة عن الواقع بل تنسجم معه وتساهم في الانخراط فيه والتفاعل مع تطوراته.
جاء ذلك خلال لقائه بثينة بنت علي الجبر النعيمي وزيرة التنمية الاجتماعية وشؤون الأسرة بدولة قطر، على هامش اجتماعات مجمع الفقه الإسلامي الدولي بالعاصمة القطرية الدوحة. تناول اللقاء العديد من المشاكل والقضايا المشتركة ذات الاهتمام المشترك.
وأوضح المفتي أن “الواقع متغير بطبيعته، ولا بد أن تواكب الفتاوى هذا الواقع بعلم ورؤية واعية تراعي احتياجات الناس، وتعالج المشكلات الراهنة بلغة مدروسة ومنهج سليم”. وأضاف أن الفتوى كما نفهمها ليست مجرد إجابة على سؤال، بل هي عملية معرفية واجتماعية متكاملة تؤثر في حياة الأفراد والمجتمعات وتوجه السلوك العام.
واستعرض مفتي الجمهورية خلال اللقاء عدداً من المبادرات والمشروعات المتميزة التي أطلقتها دار الإفتاء المصرية، ومن بينها مركز الاستشارات الزواجية الذي يهدف إلى إعداد الراغبين في الزواج وإدارة الأزمات الأسرية وتعزيز تماسك الأسرة من خلال الدعم المتخصص والمنهج الديني والإنساني الشامل. ويقدم المركز أيضًا “وحدة الحوار” التي يتم فيها تناول الأفكار الإلحادية والشكوك الأيديولوجية باستخدام الحجج والمنطق والحوار الهادئ.
وتحدث المفتي أيضاً عن مركز السلام لدراسة التطرف، وهو مركز بحثي متخصص يدرس ظاهرة العنف والتطرف الديني. ويتناول قضايا الإسلاموفوبيا من خلال تحليل الخطاب الإعلامي العالمي وتقديم أدلة علمية سليمة تساعد في تصحيح المفاهيم العامة عن الإسلام والمسلمين.
وأشار إلى أن الدار أعدت “المؤشر العالمي للفتوى”، موضحاً أنه أداة تحليلية دقيقة ساعدت في رصد اتجاهات الفتوى العالمية وتقييم الخطابات الفتوية المختلفة، مما أسهم في صياغة إرشادات أكاديمية وإعلامية في مجال الفتاوى تتسم بالاعتدال والانضباط.
وأكد مفتي مصر أن دار الإفتاء المصرية قطعت شوطا كبيرا في المجال الرقمي، من خلال المنصات التفاعلية والتطبيقات الذكية والاستخدام المتزايد لتقنيات الذكاء الاصطناعي لنقل الفتاوى وصياغتها بما يتناسب مع الفضاء الإلكتروني دون المساس بالمعايير الشرعية والعلمية.
وأضاف: «نسعى للوصول بهذه الوسائل إلى أكبر شريحة ممكنة من الجمهور، وخاصة الشباب»، مشيراً إلى أن دار الإفتاء المصرية تولي اهتماماً خاصاً لتدريب كاتبات الفتوى. وتعمل على تأهيل كتّاب الفتاوى المؤهلين علمياً وعملياً، والذين يملكون الأدوات اللازمة لفهم النصوص الإسلامية بعمق، والقدرة على التعامل مع واقع اليوم. ويأتي ذلك انطلاقاً من الإيمان بأهمية دور المرأة في الشأن الديني والاجتماعي، وحاجة المجتمع إلى صوت واعٍ وقوي في مجال الفتوى.
وأشار إلى أن القاهرة ستستضيف المؤتمر الدولي العاشر للفتوى في أغسطس المقبل تحت رعاية الأمانة العامة لهيئات ومؤسسات الإفتاء في العالم، وبمشاركة نخبة من كبار العلماء والوزراء والمفتين والباحثين. ودعا معاليه للمشاركة في المؤتمر.
ورحب أيضاً بالتعاون مع وزارة التنمية الاجتماعية وشؤون الأسرة القطرية، وأكد على الحاجة الملحة للتكامل بين المؤسسات الدينية والاجتماعية في العالم العربي لمواجهة التحديات المشتركة وتعزيز قيم المواطنة والحوار والتسامح.
من جانبها أشادت الوزيرة بثينة بنت علي الجبر النعيمي بالمبادرات التقدمية والجهود العلمية الرصينة التي تبذلها دار الإفتاء المصرية في تنظيم الخطاب الديني وتعزيز ثقافة التعايش.
وأشاد الوزير بالمبادرات الرائدة لدار الإفتاء المصرية، والتي تعكس فكراً مستنيراً وفهماً عميقاً للتغير الاجتماعي. وقالت: “إننا ننظر باهتمام كبير إلى إمكانيات التعاون بين الوزارة ودار الإفتاء، وخاصة في مجالات الأسرة والتعليم ومكافحة الفكر المتطرف الذي يخدم مصالح المسلمين العرب”.
وأكدت التزام الوزارة بالتعاون المؤسسي وتكامل المعرفة والمشاركة في المبادرات التوعوية والتثقيفية التي تعالج المشاكل الأساسية في حياة الأفراد والأسر.