صندوق النقد يحسن توقعاته لسعر صرف الجنيه مقابل الدولار.. فماذا يعني ذلك؟

رفع صندوق النقد الدولي توقعاته لسعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار. ويأتي ذلك في ظل تحسن آفاق نمو الاقتصاد المصري ومعدلات النمو المتوقعة خلال الفترة المقبلة.
وأكد خبراء الاقتصاد والمصرفيون هذه النظرة الإيجابية. وجاء ذلك مدعوما بتحسن في عدد من المؤشرات، بما في ذلك آفاق النمو الاقتصادي الإيجابية، وانخفاض نسب خدمة الدين الخارجي، وتحسن بيئة الاستثمار.
وبحسب أحدث بيانات الصندوق، من المتوقع أن يصل سعر صرف الجنيه إلى نحو 49.60 جنيه مصري خلال العام الجاري، مقارنة بتوقعات سابقة بلغت 50.60 جنيه مصري. وخفضت الشركة أيضًا توقعاتها لسعر الصرف للعام المالي المقبل من 54.89 جنية مصري إلى 52.26 جنية مصري لكل دولار.
الجنيه مقوم بأقل من قيمته الحقيقية.
يرى أستاذ الاقتصاد يمان الحماقي أن الجنيه المصري مقوم بأقل من قيمته الحقيقية في الوقت الحالي. إن ما حدث للجنيه منذ عام 2014 من شأنه أن يرقى إلى “انهيار كبير”، حيث لم يكن الدولار يساوي سوى نحو 8 جنيهات قبل أن يرتفع إلى أكثر من 50 جنيها.
وأضاف الحماقي أن ما شهدناه في السنوات الأخيرة هو نتيجة خلل كبير بين تدفقات النقد الأجنبي الواردة والصادرة، ما أدى إلى أزمات متتالية في سعر الصرف.
وأضافت: “نحن الآن في فترة استقرار نسبي، لكن الأهم هو وجود خطة واضحة للمستقبل ترتكز على الاستخدام الأمثل للموارد الاقتصادية غير المستغلة”. وأضافت أنها تعتقد أن من الممكن أن يصل النمو الاقتصادي في مصر إلى ما بين 8 و10% خلال السنوات المقبلة إذا تم استغلال موارد البلاد على النحو الأمثل.
وأشارت إلى أن الصدمات الأخيرة التي تعرض لها الاقتصاد المصري أدت إلى تراجع معدلات النمو إلى مستويات منخفضة. وتشير التوقعات الإيجابية للسنة المالية 2025 إلى نمو يصل إلى 4%، وهو رقم اتفقت عليه العديد من المؤسسات الدولية، بما في ذلك صندوق النقد الدولي.
ورفع الصندوق أيضا توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي في مصر هذا العام إلى 3.8% من 3.6% في توقعات سابقة، وتوقعاته لمعدل النمو في السنة المالية المقبلة إلى 4.3% من 4.1%، بحسب تقرير آفاق الاقتصاد العالمي.
انخفاض أعباء الديون وزيادة التدفقات الأجنبية
وفيما يتعلق بالجانب المالي، أوضح الحماقي أن خدمة الدين الخارجي تشكل عبئاً كبيراً على الاقتصاد، وستصل إلى 40 مليار دولار في عام 2024. ومع ذلك، بحلول عام 2025، سينخفض هذا المبلغ إلى 22 مليار دولار فقط، مما يشير إلى تحسن كبير في هذا المجال.
وبررت تصريحاتها قائلةً: “نحن في وضع أفضل بكثير اليوم. فقد انخفض عبء الدين، ولدينا فرص حقيقية لجذب الاستثمارات الأجنبية، وزادت تحويلات المصريين في الخارج، ومن الممكن أن تتحسن صادراتنا”.
وأكد الحماقي أن الاقتصاد المصري لديه فرصة حقيقية لتحقيق انخفاض سعر الصرف عن السعر الحالي، بما يساعد الجنيه على عكس قيمته الحقيقية، شريطة استمرار تحسن الأداء الاقتصادي واستغلال الفرص المتاحة بحكمة.
تحسن المؤشرات الاقتصادية الكلية يدعم الجنيه المصري.
قال الخبير المصرفي طارق متولي، إن التوقعات الإيجابية لصندوق النقد الدولي بشأن سعر صرف الجنيه المصري، تستند إلى تحسن كبير في مؤشرات الاقتصاد الكلي، مدعومة بالاتفاقيات الاقتصادية والاستثمارية المهمة التي أبرمتها مصر مؤخراً مع دول مثل قطر والسعودية والكويت.
وأضاف أنه تم اتخاذ خطوات ملموسة لتحسين مناخ الاستثمار: “لسنوات، تحدثنا عن جذب الاستثمار، لكننا لم نتخذ إجراءات كافية. واليوم، نشهد إجراءات جادة وفعالة، بالإضافة إلى تقدم ملحوظ في معالجة الضرائب وتبسيط الإجراءات، وهو ما أسميه “انسجامًا” حقيقيًا، وهو ما يحدث لأول مرة في قطاع الاستثمار”.
وأشار متولي إلى أن الاقتصاد المصري يفتقر إلى بيئة استثمارية أفضل والقضاء على البيروقراطية والإجراءات العبثية التي تعيق المستثمرين. وأضاف أن مصر أصبحت الآن في ظل الصراعات العالمية في وضع جيد لتصبح وجهة استثمارية جذابة، شريطة استمرار هذا الاتجاه المعلن.
وأوضح أن التحسن في سعر صرف الجنيه ظل ضمن النطاق المتوقع، لكن هذه التوقعات استندت إلى أساسيات اقتصادية واقعية. وأوضح أننا لا نزال في بداية المشوار وبدأنا بالفعل في تحسين مناخ الاستثمار، ولكن هذا ليس نهاية الطريق.
وأكد متولي أنه يتوقع استمرار انخفاض الدولار أمام الجنيه المصري في حال استمرار الإصلاحات، مؤكدا أن مصر لديها الإمكانيات والفرص للنجاح، ولكن فقط إذا “فتح الاقتصاد شرايينه الاقتصادية” من خلال السياسات المنفتحة والشفافية والمنافسة العادلة.
وأكد أن الحكومة يجب أن تقتصر مهامها الخدمية على مجالات مثل التعليم والصحة، كما هو الحال في الدول المتقدمة مثل الصين وغيرها، ويجب إعطاء القطاع الخاص القيادة في الاستثمار والصناعة.