يوم الطفل الفلسطيني.. كيف شكّل القتل واليتم والحرمان من التعليم واقع الأطفال في غزة؟

يحتفل العالم بيوم الطفل الفلسطيني الذي يصادف الخامس من أبريل/نيسان. تم تأسيس هذا اليوم في عام 1995 من قبل الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات بمناسبة المؤتمر الفلسطيني الأول للأطفال وإعلان السلطة الفلسطينية التزامها باتفاقية حقوق الطفل.
وعلى مدى العامين الماضيين، تزامنت إحياء هذه المناسبة مع العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، والذي أسفر عن مئات المجازر الوحشية بحق السكان الفلسطينيين. وكانت أغلبية الضحايا من الأطفال، الذين تعرضت أجسادهم الصغيرة للصواريخ والقنابل والموت الذي كان يتربص بهم في كل زاوية.
يتم انتشال بعضهم من تحت الأنقاض، لكن الناجين لا ينجوون سالمين. ويتركون وراءهم منازلهم المدمرة، ومدارسهم المحترقة، أو عائلاتهم التي ماتت تحت الأنقاض. ولا تزال كوابيس القصف تطاردهم في ليلة لا تهدأ أبداً، حيث يتردد صدى رصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي.
إن النزيف في قطاع غزة ناجم إلى حد كبير عن دماء أطفاله.
قال المفوض العام للأونروا إن ما لا يقل عن 100 شخص قُتلوا أو جُرحوا يوميًا في قطاع غزة منذ استئناف القصف في 18 مارس/آذار. وذلك وفقًا لبيانات نشرتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف).
خلال 534 يوماً متتالياً من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، عانى الأطفال الفلسطينيون من إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية في العصر الحديث. وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإنهم، إلى جانب النساء، يشكلون أكثر من 60% من إجمالي الضحايا.
وأسفر العدوان عن استشهاد 50021 فلسطينياً، منهم 17954 طفلاً، منهم 274 رضيعاً ولدوا وقتلوا تحت القصف، و876 طفلاً دون سن العام، و17 طفلاً توفوا بسبب البرد القارس في مخيمات اللاجئين. كما توفي 52 طفلا آخرين نتيجة الجوع وسوء التغذية الممنهج.
بلغ عدد الجرحى 113274، منهم 69% من النساء والأطفال. ولا يزال أكثر من 11200 مواطن في عداد المفقودين، غالبيتهم العظمى من النساء والأطفال.
ولم يكن الوضع في الضفة الغربية أفضل حالاً، فمنذ بدء العدوان، قُتل 923 مدنياً فلسطينياً، بينهم 188 طفلاً، وجُرح 660 آخرون.
أطفال قطاع غزة بين الموت والحياة بلا سند
وتشير التقديرات إلى أن عشرات الآلاف من الأطفال في قطاع غزة فقدوا أحد والديهم أو كليهما خلال أكثر من 500 يوم من العدوان الإسرائيلي. وتشير التقديرات إلى أن 17 ألف طفل حرموا من والديهم ويواجهون الآن الواقع القاسي المتمثل في الحياة دون رعاية أسرية أو حماية حقيقية.
يعيش هؤلاء الأطفال في ظل ظروف إنسانية كارثية. ويضطر الكثيرون إلى البحث عن ملجأ في خيام ممزقة أو منازل نصف مدمرة. الرعاية الاجتماعية والدعم النفسي شبه معدومة بالنسبة لهم.
ولا تقتصر المعاناة على فقدان الأهل والسكن، بل تمتد إلى أزمات نفسية واجتماعية حادة. ويعاني الكثير منهم من الاكتئاب والقلق المزمن والعزلة، فضلاً عن صعوبات التعلم والتواصل. وهذا يعرضهم لخطر عمالة الأطفال أو الاستغلال في بيئات قاسية لا توفر حتى الحد الأدنى من الحماية والسلامة.
ويحذر مراقبون من أن جيلاً من الأطفال في قطاع غزة قد يضيع إذا لم تتحرك المنظمات الدولية وتوفر لهم الرعاية الشاملة، بما في ذلك الدعم النفسي والحماية الاجتماعية والتعليم في بيئة آمنة تحفظ ما تبقى من طفولتهم.
العدوان على غزة يستهدف التعليم.
منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة تعرض قطاع التعليم لانتهاكات جسيمة. أكثر من 620 ألف طالب لم يتمكنوا من الذهاب إلى المدارس، كما لم يتمكن نحو 88 ألف طالب جامعي من إكمال دراستهم. كما تم تدمير المدارس والجامعات ورياض الأطفال، مما أثر بشكل مباشر على البنية التحتية المادية والإدارية للنظام التعليمي.
وبحسب تقديرات معهد الدراسات الفلسطينية، قُتل في الغارات الجوية الإسرائيلية ثلاثة رؤساء جامعات وأكثر من 95 أكاديمياً، بينهم عمداء وأساتذة، من بينهم 17 أستاذاً جامعياً و59 طالب دكتوراه و18 خريج ماجستير.
يشار إلى أن آلة الحرب الإسرائيلية تسعى بشكل ممنهج إلى شل النظام التعليمي في قطاع غزة. ولا يتعلق الأمر فقط بمهاجمة البنية التحتية، بل أيضًا بمنع أي محاولة جادة لاستئناف الدراسة. وقد حاولت بعض الجامعات والمدارس في الضفة الغربية تقديم بدائل للتعليم عن بعد للطلاب في قطاع غزة، إلا أن انقطاع التيار الكهربائي وانقطاع شبكات الاتصالات جعل هذا الأمر صعباً للغاية.
ورغم المبادرات الفردية التي يقوم بها المعلمون، فإن نقص الغذاء والمكان الآمن وبيئة التعلم المناسبة جعل العملية التعليمية تحديًا كبيرًا. لقد خسر الطلاب عامًا دراسيًا كاملاً وهم معرضون لخطر فقدان عام آخر إذا استمر العدوان.
وتحولت المدارس التي لم تتعرض للتدمير الكامل إلى ملاجئ للنازحين، مما يجعل من المستحيل عمليا على الطلاب مواصلة تعليمهم. يعيش العديد من الطلاب اليوم في خيام حيث يفتقرون إلى الأمن والاستقرار النفسي.
ويُنظر إلى هذا التدمير الممنهج للتعليم باعتباره أداة للحرب النفسية والاجتماعية، حيث يحتل التعليم مكانة مركزية في الثقافة الفلسطينية. وهذا يفسر محاولات إسرائيل المتواصلة لشيطنة وكالة الأونروا، المسؤولة عن معظم النظام التعليمي في قطاع غزة.