في ذكرى ميلاده.. أرواح في المدينة تستعيد سيرة الشاعر عبدالرحمن الأبنودي وتجربته الإنسانية

استضاف المسرح الصغير بدار الأوبرا المصرية، مساء السبت، ندوة جديدة ضمن سلسلة “أرواح في المدينة”، احتفالا بذكرى ميلاد الشاعر عبد الرحمن الأبنودي.
يقدم الصحافي محمود التميمي قراءة مختلفة لقصة “الخال”، مبتعداً عن السرديات التقليدية، ومركزاً على الأبعاد الإنسانية والتكوينية لشخصيته.
وحضر الأمسية عدد من الشخصيات البارزة في عالم الفن والثقافة، ومن بينهم المايسترو سليم سحاب، رمز الموسيقى العربية؛ المذيعة نجلاء سليم من إذاعة الشرق الأوسط التي ألقت مقتطفات من قصائد الأبنودي بصوتها المميز؛ والدكتور مصطفى الصادق أستاذ الطب والخبير في تاريخ وآثار وتراث القاهرة القديمة.
من صعيد مصر إلى الإنسانية العالمية
وأشار التميمي خلال محاضرته إلى أن شخصية الأبنودي سبق وأن تم تقديمها في إحدى ندوات المسلسل في ديسمبر 2023، حيث تمت مناقشتها في حلقة عن الصعيد. في ذلك الوقت كان عبد الرحمن الأبنودي يعتبر نموذجاً لفهم أهل الصعيد.
وأوضح التميمي أن النظر إلى الأبنودي كان مختلفاً تلك الأمسية، باعتباره شخصاً يتمتع بإنسانية عالمية، ولا ينتمي إلى مكان أو طبقة أو طائفة معينة، بل يعبر عن إنسانيته في كل مكان.
قال التميمي: “نحن لا نحيي ذكرى وفاة، بل نحتفل بعيد ميلاد. كأن الأبنودي لا يزال بيننا. كلماته تتكرر، وتبقى فينا نفس الأثر كما لو كنا نسمعها لأول مرة”.
تاريخ جهاز التسجيل وسرد ملحمة الهلالي
وفي مداخلته، استذكر الصحافي محمود التميمي حادثة لافتة في كواليس مشروع مجموعة الملحمة الهلالية. وأشار إلى أن الفنان عبد الحليم حافظ حصل على جهاز تسجيل من ضابط مصري أثناء حرب اليمن. وأهداها عبد الحليم بعد ذلك لصديقه الشاعر عبد الرحمن الأبنودي لدعم مشروعه الطموح في توثيق الملحمة الهلالية من المصادر الشفهية في صعيد مصر.
وأشار التميمي إلى أن عبد الحليم حافظ لم يكن صديقاً مقرباً للأبنودي فحسب، بل كان يؤمن بجدوى المشروع، وكان متحمساً لفكرته، ويدرك أهمية الحفاظ على التراث الشعبي. ولذلك لم يتردد في إعطاء الأبنودي هذه الأداة التي أصبحت أداة أساسية في رحلته الطويلة عبر قرى الجنوب.
وتابع التميمي قائلاً إن الأبنودي نفسه سافر إلى القرى واستمع إلى الرواة وسجل القصة من أفواه الناس وتتبع الاختلافات بين كل رواية ليجد الجوهر الحي للنص الشعبي.
وأضاف: “ذهب بنفسه إلى القرى للتحقق من مصداقية القصة، لأن ما يُروى في بعض المدن قد لا يتطابق مع ما يُروى في الجبال أو في قرية بعيدة. لم يقبل النسخ؛ بل أراد الأصل”.
وأكد التميمي أن المشروع ليس مجرد توثيق فني، بل هو جهد ثقافي ووطني للحفاظ على ذاكرة مجتمع بأكمله من الضياع. وأوضح أن دعم عبد الحليم حافظ لعبد الرحمن الأبنودي في هذا الوقت يعكس وعياً عميقاً لدى فنان بارز بأهمية الحفاظ على التراث الثقافي.
رسالة مؤثرة من المدينة المنورة
ومن أبرز ما جاء في الأمسية مقطع فيديو مؤثر من المدينة المنورة أرسلته آية الأبنودي، ابنة الشاعر الراحل. وتظهر في الفيديو وهي تقف أمام المسجد النبوي الشريف وتحيي جميع المشاركين في الندوة.
وفي رسالتها المصورة، أعربت آية عن امتنانها لتذكر والدها هذا الشهر، وقالت إن التواجد في المدينة المنورة في هذه المناسبة له بعد روحي خاص. ثم ألقت مقتطفات من قصيدة والدها الشهيرة “يمنى”، مضيفة بذلك لحظة مؤثرة وعاطفية إلى الأمسية، والتي استجاب لها الجمهور بصمت وتقدير.
وعبّر الحاضرون عن فرحتهم بهذه اللفتة الإنسانية التي منحت «العم» صوتاً جديداً من خلال ابنته، وجسّدت استمرارية المحبة بينه وبين جمهوره بعد رحيله.