ساحة معركة اليرموك ومهد الثورة.. ماذا نعرف عن درعا السورية رادعة التوغل الإسرائيلي؟

أعاد أهالي مدينة درعا السورية اسم المدينة إلى الواجهة بعد صدهم لتوغل إسرائيلي بعد أسابيع من الخروقات الإسرائيلية للحدود السورية.
ورغم سقوط أرواحهم، دافع أبناء المدينة عن أرضهم ضد الاحتلال وأضافوا معارك جديدة إلى تاريخ درعا البطولي. ومن بين هذه الأحداث معركة أنطان، وحرب اليرموك، ومقاومة الاستعمار الفرنسي، واندلاع الثورة السورية عام 2011، والتي عرفت فيما بعد بأنها مهد الثورة السورية.
نقلاً عن كتابي “فتوح الشام” ومذكرات القائد عبد الرحمن الشهبندر وموقع المرصد السوري لحقوق الإنسان، تسلط صحيفة الشروق الضوء على أبرز لحظات النضال في مدينة درعا على مدار تاريخها الممتد لخمسة آلاف عام.
العمالقة ومجد العرب
تتمتع مدينة درعا الواقعة على حدود حوض اليرموك وعلى الطريق التجاري بين مصر وبلاد الشام بجذور تاريخية عريقة. وقد ورد ذكرها في التوراة اليهودية، وكذلك في رسائل تل العمارنة القديمة، مما يدل على قدمها الكبير. كان العماليقيون أول من استوطن درعا وخاض معارك ضد إسرائيل. وظل الأموريون حكام درعا حتى انتقلت إلى الآشوريين ثم إلى السلوقيين.
عادت درعا إلى سلطان العرب بعد معركة حاسمة انتصر فيها الأنباط على أنطيوخس السلوقي، لتصبح درعا ثاني أكبر مدينة للأنباط بعد البتراء. ومرت الأعوام وسيطر الرومان على المدينة الشامية، لكن الوجود الفعلي كان في أيدي العرب الغساسنة الذين سيطروا على المدينة. والغساسنة هم الذين قاتلهم النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة مؤتة، ثم فرض عليهم الجزية في غزوة تبوك.
أشرقت شمس الإسلام على درعا
كانت درعا نقطة انطلاق الفتح الإسلامي لبلاد الشام، وشهدت معركة اليرموك الحاسمة التي انتصر فيها المسلمون على الجيوش الرومانية، منهين بذلك أي مقاومة تذكر للفتح الإسلامي، ونشروا الإيمان في جميع أنحاء بلاد الشام. واستمر تكريم درعا عندما زارها الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه لبناء الجامع الأموي الشهير.
-هزيمة الصليبيين
سيطر الصليبيون على أجزاء كبيرة من فلسطين ولبنان، لكن محاولاتهم لغزو بلاد الشام فشلت عندما هزمت جيوشهم بعد الاستيلاء لفترة وجيزة على مدينة درعا. كانت المدينة بمثابة محطة توقف لجيش صلاح الدين، الذي انطلق من دمشق لمواجهة الصليبيين وهزيمتهم في معركة حطين، التي كانت بمثابة نهاية الحملة الصليبية الثانية.
-مقاومة الاستعمار
كما هو الحال مع سائر المدن في بلاد الشام، عانت درعا من الاستعمار الفرنسي الذي فرض ضرائب باهظة على سكان المدينة. ومع ذلك، قاوم السكان طموحات الفرنسيين بإصرار غير مسبوق. فأرسل أهالي درعا عشرين جندياً فرنسياً على نفس القطار الذي أوصلهم إلى المدينة. رداً على تصرفات الشعب، قام رئيس الوزراء، الذي كان دمية في يد الفرنسيين، وعدد من أعضاء الحكومة المرتبطين بالمستعمرين بترتيب زيارة دبلوماسية لكسب الشعب. وقد قوبلت هذه الزيارة بمقاومة شرسة من جانب الفرنسيين، مما أدى إلى مقتل رئيس الوزراء المتحالف مع الفرنسيين ومسؤولين في الحكومة العميلة. وأصبحت العملية فيما بعد تُعرف باسم عملية خرابغزالة.
درعا، صلة مصر بالشام
لعبت درعا دوراً هاماً كمدينة حدودية وربطت التواصل بين مصر وبلاد الشام. ولهذا السبب طمعت فيه الصليبيون، ولكنهم فشلوا في الحصول عليه. ثم في عهد الجمهورية العربية المتحدة بقيادة جمال عبد الناصر تطورت المدينة إلى مركز اتصال بين مختلف أجزاء الجمهورية.
-مهد الثورة
أصبحت درعا مدينة رائدة في سوريا وتعتبر مهد الثورة. في مارس/آذار 2011، خرج السكان إلى الشوارع في مظاهرات غاضبة بعد أن اعتدت شرطة بشار الأسد بوحشية على الأطفال الذين كانوا يحتجون على سياسات الحكومة. وتطورت المظاهرات إلى اشتباكات عسكرية وتمكنت من تحرير العديد من مدن المحافظة من سيطرة النظام الأسدي. وأصبحت المدينة مقراً هاماً للجيش السوري الحر وعدد من أهم فصائل الثورة السورية.