الخرطوم.. عاصمة السودان التي صنعتها الجيوش وانتفضت ضد الاحتلال

منذ 3 شهور
الخرطوم.. عاصمة السودان التي صنعتها الجيوش وانتفضت ضد الاحتلال

تصدرت الخرطوم عناوين الأخبار بعد أن استعاد الجيش الحكومي المدينة وطرد المتمردين منها. في السابق، كانت المدينة القديمة مدمرة منذ أشهر، وشهدت طوال تاريخها أحداثًا وتضحيات لا حصر لها للحفاظ على أرضها واستقلالها.

تتناول الشروق أهم المعالم التاريخية لمدينة الخرطوم، استناداً إلى كتابي “تاريخ الخرطوم” و”أسماء الأماكن في العالم” وموقع الموسوعة البريطانية.

أسسها جيش محمد علي

كانت الخرطوم في الأصل منطقة زراعية يسكنها عدد قليل من الصيادين والمزارعين من قبيلة المحس النوبية. ورغم قربها من سوبا عاصمة مملكة العلاء ومدينة سنار التي تحكمها مملكة الزرقاء الصوفية القادرية، إلا أنها لم تكن مدينة مزدهرة.

إلا أنه أثناء حملة جيش محمد علي بقيادة ابنه إسماعيل كامل باشا، كان الجيش متمركزاً في ود مدني بالقرب من الخرطوم. لكن الظروف المناخية القاسية أجبرتهم على الانتقال إلى منطقة الخرطوم. وقد تم ذلك بناء على اقتراح عثمان جركس البرنجي، الذي بنى قلعة وحصنين، اعتبرا النواة الأولى لتأسيس المدينة.

الموقع الاستراتيجي وراء اسم الخرطوم

تمتعت الخرطوم بموقع استراتيجي مهم، اكتشفه عثمان باشا البرنجي عندما أطلق عليها اسم العاصمة الجديدة للسودان عام 1824. وقد مكن موقع الخرطوم بين النيل الأزرق في الشرق والنيل الأبيض في الغرب، فضلاً عن السهول الممتدة جنوباً، من المزيد من التوسع.

أما اسم الخرطوم فيعتقد البعض أنه يشبه خرطوم الفيل، حيث تقع المدينة بين النيل الأزرق والنيل الأبيض. ويعتقد آخرون أن الاسم مشتق من نبات الكراتوم، الذي كان يستخدم في صناعة زيت المصباح الذي كان يستخدم على نطاق واسع في مصر.

نهضة الخرطوم

وشهدت الخرطوم في عهد أبناء محمد علي باشا تطوراً ملحوظاً بإنشاء مدرسة الخرطوم والمنطقة الحكومية التي ضمت مصنعين للبارود والورق بالإضافة إلى المباني الحكومية.

وكان خورشيد باشا من أكثر الولاة اهتماماً بتنمية المدينة. وفي عهده ارتفع عدد السكان إلى 60 ألف نسمة، بما في ذلك السودانيون والمصريون والأتراك واليونانيون.

الثورة المهدية واختفاء شمس الخرطوم

تمتعت الخرطوم بنصف قرن من الازدهار باعتبارها العاصمة الرسمية للسودان ومركزًا تجاريًا نشطًا بين أفريقيا والشرق الأوسط. ولكن في عام 1885، زحف المهديون إلى المدينة ورفضوا الحكم العثماني.

وبعد حصار طويل دخل المتمردون المدينة وقاموا بمذبحة كبرى بحق السكان، تلاها تدمير عدد كبير من المباني. وانتقل لقب العاصمة إلى أم درمان، التي ظلت كذلك لمدة 14 عاماً حتى هزيمة الثورة المهدية في عام 1898 في معركة كرري. وبعد ذلك أصبحت الخرطوم عاصمة السودان مرة أخرى وأعيد بناؤها.

ثورة الخرطوم ضد البريطانيين

وفي عام 1924، أدى اغتيال الحاكم البريطاني السير لي ستاك في القاهرة إلى اتخاذ بريطانيا قراراً بطرد الجيش المصري من السودان. وقد قوبل هذا القرار برفض واسع النطاق بين السكان. تحت قيادة جمعية الراية البيضاء، خرج السودانيون إلى الشوارع في مظاهرات حاشدة عرفت بثورة 1924.

لكن المظاهرات سحقتها القوات البريطانية، وبدأ السودانيون فترة من المقاومة المسلحة بقيادة الملازم عبد الفضيل ألماظ، قائد الوحدة 11 من قوات الدفاع السودانية. خاض معركة مريرة في 28 نوفمبر 1924، انتهت باستيلاء القوات المسلحة البريطانية على السلطة.

دور الخرطوم بعد الاستقلال

بعد استقلال السودان عام 1955، لعبت الخرطوم دوراً سياسياً بارزاً، حيث استضافت العديد من المؤتمرات السياسية والتنموية والرياضية التي جمعت الدول العربية والأفريقية، وساهمت في تشكيل الاتحادات والتحالفات التي عززت مكانة السودان في المنطقة.


شارك