الاحتلال يحرم الغزيين من العودة إلى منازلهم المدمرة في رفح

يأمل سكان مدينة رفح جنوب قطاع غزة، والذين يقطنون حالياً في منطقة مواصي خانيونس، العودة إلى منازلهم المدمرة للعيش بين الأنقاض. لكن الخوف على حياتهم بسبب إطلاق النار المباشر من طائرات الهليكوبتر والرافعات والمركبات العسكرية الإسرائيلية منعهم من تحقيق رغبتهم في العودة.
وفي مدينة رفح، يتعرض المواطنون الذين يحاولون الوصول إلى منازلهم وأحيائهم، خاصة في جنوب ووسط المدينة، لقصف مباشر. هناك شهداء وجرحى يجب الحزن عليهم كل يوم.
يتمنى المواطن مصباح عبيد النازح من مواصي خانيونس العودة إلى منزله في حي السعودي بتل السلطان جنوب رفح. ولكنه غير قادر على ذلك لأنه رغم التوقيع على وقف إطلاق النار فإن حياته وحياة عائلته في خطر بسبب استمرار القصف بالذخيرة الحية.
وأضاف عبيد (42 عاماً)، الذي يعيل أسرة مكونة من خمسة أفراد، أن المنطقة التي يسكنها أصلاً تقع على مقربة مما يسمى “محور فيلادلفيا” وتتعرض للقصف المستمر. ويشير إلى أن أحد أقاربه أصيب برصاصة في قدمه، كما قُتل أحد جيرانه عندما تعرضوا لإطلاق نار من طائرة رباعية المراوح أثناء عودتهم إلى منازلهم في الحي السعودي.
“لقد فقدت ستة من إخوتي وأطفالهم أثناء الحرب في قصف عنيف لمنازلهم. وأضاف “كانت واحدة من أسوأ لحظات حياتي”، مشيرا إلى أنه يريد العودة إلى منزله المدمر ليعيش بين الأنقاض، لكنه في الوقت نفسه لا يستطيع أن يتحمل فقدان فرد آخر من أفراد العائلة.
وتقول المواطنة سحر أبو زيد (50 عاماً): “أتمنى أن أعود إلى منزلي المدمر في مخيم يبنا اليوم قبل الغد، ولكن للأسف الخطر لا يزال قائماً والقصف من قبل الدبابات والآليات العسكرية الإسرائيلية لا يتوقف في المنطقة التي أسكن فيها. “هذا ما يمنعنا من العودة.”
وأضافت أبو زيد التي تقطن في منطقة الإسطبلات في مواصي خانيونس، أنها ذهبت إلى هناك مرة واحدة فقط منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار، ولم تتمكن من الوصول إلى مسكنها بسبب إطلاق النار الكثيف. وأشارت إلى أن ستة من سكان البلدة أصيبوا أثناء محاولتهم تفقد بقايا منازلهم.
وتذكر أبو زيد أنها عانت كثيراً خلال الحرب في قطاع غزة. لقد فقدت عائلة أخيها بأكملها ولم يبق أحد خلفها. إنها لا تريد لعائلتها أن تعاني من هذا الألم مرة أخرى.
وترغب صفية أبو شعر (80 عاماً)، أيضاً، بالعودة إلى ما تبقى من منزلها المدمر في حي النجمة وسط رفح. ولكنها لا تستطيع الذهاب إلى هناك لأن هناك طائرات رباعية المراوح متمركزة هناك وتطلق النار على المواطنين الذين يحاولون الوصول إلى منازلهم المدمرة.
ويضيف أبو شعر الذي يسكن في حي أصداء في مواصي خانيونس: “أحلم كل يوم بالعودة إلى حارتي في النجمة وقضاء بقية حياتي هناك”.
من جانبه، قال أبو محمود النواجي (43 عاماً) من مخيم الشابورة برفح: “أتمنى أن أقضي بقية شهر رمضان في منزلي المدمر جزئياً بدلاً من الخيمة المهترئة التي أعيش فيها في حي المواصي بخانيونس، لكن الرحلة مخاطرة، خاصة أننا نسمع عن الشهداء والجرحى كل يوم”.
من جانبه، عبر المواطن رائد عثمان (45 عاماً)، عن استيائه مما يحدث في مدينة رفح من إطلاق نار واستهداف للمواطنين الذين يحاولون العودة إلى منازلهم المدمرة. وقال: “كل يوم هناك شهداء وجرحى وكأن رفح غير مشمولة باتفاق وقف إطلاق النار”.
وتشير الأرقام الأولية إلى أن نحو 90% من الوحدات السكنية في المدينة تعرضت للتدمير، فيما تعرضت نحو 52 ألف وحدة سكنية للتدمير بدرجات متفاوتة.
ويقدر الخبراء أن نحو 70 في المائة من المباني في قطاع غزة تعرضت لأضرار أو تدمير نتيجة الحرب التي استمرت أكثر من 15 شهرا. وبحسب تقديرات الأمم المتحدة، سوف يستغرق الأمر ثلاثة قرون ونصف القرن على الأقل حتى يعود الناتج المحلي الإجمالي في غزة إلى مستويات ما قبل الحرب بعد الخسائر الاقتصادية.
تتمتع مدينة رفح بموقع استراتيجي مهم بالنسبة لفلسطين وقطاع غزة. وهي أقرب بوابة جنوبية لمصر وتبعد 35 كيلومتراً عن وسط مدينة غزة. وتبلغ مساحتها حوالي 63 كيلومترًا مربعًا، وتشكل ما نسبته 20% من مساحة القطاع.
ويبلغ عدد سكان محافظة رفح نحو 260 ألف نسمة، في حين يبلغ عدد سكان المدينة نحو 191 ألف نسمة، بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني لعام 2021. معظم سكانها من أصول بدوية من النقب وصحراء سيناء ومدينة خان يونس المجاورة. وبعد النكبة انضم إليهم العديد من اللاجئين من مختلف أنحاء بلدان الـ48.
رغم “اتفاق وقف إطلاق النار” الذي دخل حيز التنفيذ في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، يواصل الاحتلال عدوانه على قطاع غزة. وفي الأسابيع الأخيرة، قُتل وجُرح العشرات من المواطنين هناك. كما تواصل دباباتهم تقدمها وتدمير المزيد من منازل وممتلكات المواطنين.