روسيا تسمح للنساء بمزاولة الأعمال الخطيرة

منذ 2 شهور
روسيا تسمح للنساء بمزاولة الأعمال الخطيرة

خلال الحرب العالمية الثانية، كانت المرأة الروسية هي التي تحملت المسؤولية المثالية وشاركت على قدم المساواة مع الرجل في الدفاع عن الوطن، وقامت بأعمال وأنشطة لم تقم بها النساء من قبل في التاريخ.

خلال الحرب، عملت النساء في روسيا في مصانع الأسلحة ومصانع الحديد والصلب، وقمن بأداء أعمال ثقيلة أخرى كانت تاريخيا حكراً على الرجال، لسبب واحد فقط وهو الاختلاف الجسدي بين الرجال والنساء.

ومع ذلك، واصلت النساء في روسيا على وجه الخصوص المطالبة بمزيد من الحقوق في مجال المساواة مع الرجل، حيث طالبت النساء بتوفر بعض المجالات التي أصبحت حكراً على الرجال في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية.

وكان سبب قصر ممارسة هذه المهن على الرجال أنها من المهن التي تتطلب قوة بدنية معينة وتنطوي على مخاطر كبيرة، ولذلك لم تكن متاحة لجميع الرجال. وبدلاً من ذلك، كان يتعين على الرجال أن يتمتعوا بالخصائص والقدرات الجسدية اللازمة حتى يفكروا في اكتساب المهارات اللازمة لأداء هذه الوظائف.

ومؤخرا، أصدرت وزارة العمل الروسية قرارا يسمح للنساء بالعمل في مجال بناء الحفارات والرافعات. ومع ذلك، يتواصل العمل على الظروف المختلفة التي تعمل فيها النساء في هذه القطاعات، سواء من الناحية الصحية أو النفسية. ويرجع السبب الأخير إلى قبول الرجال لعمل النساء في فرق العمل في هذه المجالات. ناهيك عن إمكانية أن يؤثر العمل في هذه المجالات على الصحة الإنجابية للمرأة، إذ تواجه روسيا أزمة حادة تتمثل في انخفاض معدلات المواليد ونقص السكان منذ عقود.

في الواقع، ورغم المقاومة القوية للسماح للنساء بدخول بعض المجالات الأخرى التي كانت تعتبر الأصعب على الإطلاق، رفضت وزارة العمل الروسية إدراج هذه المجالات في قائمة الأنشطة المحظورة على النساء. وشملت هذه المجالات العمل في ظروف قطبية ومناخية قاسية، مثل حفر الأنفاق في الثلوج تحت السفن لإصلاح السفن المعطلة في المناطق القطبية. كانت هذه الوظيفة تعتبر صعبة ليس فقط بالنسبة للنساء بل أيضًا بالنسبة لمعظم الرجال.

وأوضح نائب وزير العمل والحماية الاجتماعية في روسيا أليكسي فوفيتشنكو أن سبب فتح هذه المجالات الآن أمام النساء هو تقدم التقنيات الهندسية، التي زادت من مستوى سلامة المعدات وضمنت عدم تشكيلها أي خطر أو تأثير سلبي على المرأة وطبيعتها.

ولكي نفهم التقدم الذي أحرزته روسيا في السماح للنساء بأداء الأعمال الشاقة، يكفي أن نأخذ في الاعتبار أنه قبل الأول من يناير/كانون الثاني 2021، كان هناك 456 مهنة لا يُسمح للنساء بالعمل فيها. وبعد ذلك تم تغيير القوانين حتى أصبح عدد المهن 100 مهنة فقط. ومنذ ذلك التاريخ، سُمح للنساء بقيادة المركبات الثقيلة والآلات الزراعية، وإصلاح السيارات والسفن الشراعية، والعمل على ارتفاعات تزيد عن عشرة أمتار. كما يمكنهم أيضًا قيادة القطارات عالية السرعة ومترو الأنفاق.

تتذكر آنا أنيسيموفا، رئيسة وكالة التوظيف “كوبيتس سي آر إم”، أن الحظر كان في السابق مرتبطًا بحقيقة أن العمل في هذه المناطق الصعبة يتطلب قوة بدنية وعقلية كبيرة. أما اليوم فقد أصبح التعامل مع الآلات الثقيلة أسهل بفضل تطوير أنظمة التشغيل الآلية والمعززات الهيدروليكية، ناهيك عن المقاعد ومنصات التحكم والتشغيل. ونتيجة لذلك، انخفضت متطلبات القوة البدنية بشكل حاد، وزادت قدرة المرأة على العمل في العديد من المجالات.

وفي الوقت نفسه، أظهرت دراسة أجراها معهد الدراسات الإحصائية التابع للمدرسة العليا الروسية للاقتصاد أن التقدم التكنولوجي، الذي فتح العديد من مجالات العمل أمام النساء، ساعد روسيا بشكل كبير على التغلب على النقص الخطير في العمال المهرة. وبحسب الدراسة، فإن النقص في العمالة الماهرة في روسيا في الربع الثاني من عام 2024 سيبلغ أكثر من 2.7 مليون شخص.

من جهتها، أكدت سفيتلانا جوسيكوفا، المحاضرة في كلية العلوم الإنسانية والطبيعية بمعهد العلاقات الاقتصادية الدولية، أن قرار وزارة العمل الروسية يعد خطوة كبيرة نحو التغلب على التمييز بين المرأة والرجل. وفي هذا السياق، أشارت إلى أن وجود فروق وتمييز على أساس الجنس بين الرجل والمرأة في مكان العمل يتناقض مع الدستور الذي كرس المساواة بين الرجل والمرأة في العديد من قوانينه ويوفر الحماية الكافية للمرأة في حالة التمييز ويمنعها من ممارسة حقوقها على أساس المساواة مع الرجل.

من ناحية أخرى، يشير المحامي الروسي الشهير إيغور كيم إلى شيء مهم للغاية: عندما يتم منع النساء من ممارسة بعض المهن، فهذا ليس بسبب التمييز، ولكن بسبب ظروف العمل التي تؤثر على صحة المرأة وطبيعتها، حيث أن الأبخرة والغازات والضغط النفسي والجهد البدني كلها عوامل تؤثر بشكل خطير على القدرة الإنجابية للمرأة. ولذلك، يعتقد الخبير القانوني الروسي أنه في أعقاب القرار الجديد لوزارة العمل الروسية، يجب على أصحاب العمل تهيئة الظروف الصحية المناسبة وتعزيز أقسام الصحة والسلامة المهنية في مختلف المواقع لمراقبة مستويات الانبعاثات وقياس تأثيرها على النساء العاملات.


شارك