مع انطلاق العام الدراسي الجديد.. كيف نتعامل مع رفض الأبناء الذهاب إلى المدرسة؟

مع بدء العام الدراسي الجديد، تستعد ملايين الأسر المصرية لإرسال أبنائها إلى المدارس بعد إجازة طويلة. وبينما يسود جو من الحماس والارتباك المعتاد، يواجه بعض الآباء تحديًا مختلفًا: أبناؤهم يرفضون الذهاب إلى المدرسة أو يتجنبونها.
وفي هذا التقرير، نستكشف أسباب المشكلة، ونوضح بمساعدة خبراء في التعليم والصحة العقلية كيفية معالجتها.
ما هي أسباب رفض الطفل الذهاب إلى المدرسة؟
أوضحت الدكتورة هالة حماد، أخصائية الطب النفسي للأطفال والمراهقين والأسرة، لـ “الشروق”، أن رفض المدرسة لا يعني، كما يظن البعض، الكسل أو التمرد، بل هو حالة نفسية وسلوكية تتجلى في رفض الطفل أو المراهق الحضور إلى المدرسة بانتظام، أو صعوبة البقاء فيها طوال اليوم.
لماذا يرفض الأطفال الذهاب إلى المدرسة؟
وأضافت أن هناك أسباباً عديدة ومتداخلة لذلك، منها:
قلق الانفصال: رغبة بعض الأطفال في البقاء بالقرب من والديهم تنشأ في كثير من الأحيان في حالات العنف المنزلي.
إيجاد الأمان في المنزل: يجد الطالب الأمان في المنزل والروتين اليومي المألوف الذي يمنحه المزيد من الرفاهية.
الضغط الدراسي: الخوف من الامتحانات أو الشعور بعدم القدرة على مواكبة زملاء الدراسة.
الضغط الاجتماعي: الخوف من التفاعل مع الأقران أو التعرض للتنمر.
خطوات فعالة لحل المشكلة
أكد حمد على ضرورة التعاون بين أولياء الأمور والمدارس لضمان عودة الطلاب إلى المدارس تدريجيًا. وتناول النقاط التالية:
١. تعامل مع كل يوم على حدة: قد ينجح طفلك في يوم ثم يتراجع في اليوم التالي. الاستمرارية هي الأساس.
2- إنشاء روتين ثابت: يساعد الروتين الصباحي والمسائي على تقليل التوتر.
3- التركيز على الصحة النفسية: بدلًا من إجبار الطفل على الذهاب، يمكنك البحث عن الأسباب الأعمق لرفضه.
4- تشجيع الحوار المفتوح: الاستماع إلى مخاوف الأطفال يساعد على بناء الثقة.
5- التعاون مع المدرسة: من خلال وضع خطط فردية، مثل تقليل بعض الأنشطة المجهدة أو تنفيذ خطط الحضور الجزئي.
6- البحث عن بدائل: في بعض الحالات، قد يكون التدريب المرن أو الدعم الإضافي خيارًا مناسبًا.
من ضيق الصباح والدموع إلى نوبات الهلع
وفقًا لموقع معهد تشايلد مايند، تشمل علامات رفض المدرسة التوتر في مرحلة ما قبل المدرسة، والمشاكل الصحية، وآلام المعدة قبلها، والدموع في الصباح، والتغيب المدرسي. بالإضافة إلى التسرب من المدرسة أو الغياب المتكرر، قد يؤدي مجرد التفكير في بدء الدراسة في بعض الحالات إلى أعراض جسدية مثل القيء، ورفض الأكل، والارتعاش، أو نوبات الهلع.
-الحلول بين الأسرة والمدرسة
في هذا السياق، أكدت داليا الحزاوي، مؤسسة رابطة أولياء الأمور المصريين والخبيرة التربوية، لـ “الشروق” أهمية التعاون بين المدارس وأولياء الأمور في تشجيع الطلاب على الحضور إلى المدرسة. وفي حال مواجهة الطلاب صعوبات في الحضور إلى المدرسة، من المهم التحدث معهم بهدوء لفهم الأسباب، سواءً كانت في المنزل أو في المدرسة نفسها.
دور الأسرة في جذب الأبناء إلى المدرسة:
وشدد الحزاوي على أهمية نقل صورة إيجابية عن المدرسة كمركز للتعلم واكتساب المهارات وتكوين صداقات جديدة، وضمان استقرار الأسرة بعيداً عن الخلافات التي قد تؤثر على نفسية الأبناء.
وأكدت على أهمية دعم الأطفال وتحفيزهم بكلمات تشجيعية، وتجنب المقارنات التي قد تؤثر سلبًا على دافعية الطلاب للتعلم. كما أكدت على أهمية تنظيم وقت الدراسة بوضع جدول يومي للدراسة يتضمن فترات راحة لتجنب التوتر والإرهاق، مع تخصيص جزء من عطلة نهاية الأسبوع لممارسة الرياضة والهوايات المختلفة.
كما أكدت على أهمية أن تتحدث الأمهات مع أبنائهن بعد عودتهم من المدرسة لمعرفة كيف كان يومهم وتقديم المساعدة والدعم لهم إذا احتاجوا لذلك، حيث أنهم قد يصبحون ضحايا للتنمر أو العنف وبالتالي لم يعودوا يرغبون في الذهاب إلى المدرسة.
دور المدرسة في جذب الطلبة:
وتابع الحزاوي: “من الضروري استخدام أساليب تدريس جاذبة للطلاب، وقائمة على الأنشطة والتطبيق العملي، بدلاً من الحفظ والتلقين. وفي الوقت نفسه، يجب ربط الدروس بمواقف حياتية واقعية لتحسين الفهم والاستيعاب”.
وأوصت بضمان التأهيل الأكاديمي والتربوي للمعلمين، فحب الطلاب لمادتهم غالبًا ما يكون انعكاسًا لحبهم لمعلمهم. كما أوصت بالحفاظ على نظافة المدرسة والفصول الدراسية لتوفير بيئة نفسية مريحة وجذابة للطلاب.
وأكدت على أهمية توفير الأنشطة المدرسية للحفاظ على الطلبة وتنمية مواهبهم، وأن المدرسة بحاجة إلى أخصائي اجتماعي لمعالجة مشاكل الصحة النفسية للطلبة.
وخلصت الحزاوي إلى أنه عند رفض الطفل الذهاب إلى المدرسة، يجب تجنب التهديد والعقاب لمنع تفاقم الوضع. وإذا استمر الرفض رغم محاولات الأسرة والمدرسة إقناع الطفل، فيمكن استشارة أخصائي.
على الرغم من أن رفض المدرسة قد يبدو قضية صعبة بالنسبة للبعض، إلا أنه أيضًا فرصة لفهم أطفالنا بشكل أفضل، ودعم صحتهم العقلية، والتأكيد على أن المدرسة ليست مجرد مكان للتعلم، بل هي بيئة تتشكل فيها شخصية الطفل وعواطفه المستقبلية.