بعد دعوة الرئيس.. خبراء: تسوية المعاملات مع البريكس بالعملات المحلية تخفف من ضغوط الدولار

أكد خبراء مصرفيون، أن دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي الأخيرة خلال قمة البريكس الاستثنائية، لإجراء المعاملات التجارية والمالية بين الدول الأعضاء بالعملات المحلية، تمثل خطوة مهمة نحو تخفيف الضغوط على الاقتصاد المصري وتقليل الاعتماد المفرط على الدولار.
في كلمته بالقمة، التي حضرها بدعوة من الرئيس البرازيلي، أكد السيسي أن العالم يشهد تباطؤًا ملحوظًا في معدلات النمو وتراجعًا في التجارة الدولية. في الوقت نفسه، يتزايد عبء الديون، وتتضاءل قدرة الدول النامية على الحصول على تمويل منخفض الفائدة.
وأوضح أن مجموعة البريكس تتميز كمنتدى دولي يسعى إلى تعزيز التعاون المتعدد الأطراف من خلال تشجيع تنفيذ المشاريع المشتركة في مجالات الطاقة الجديدة والمتجددة والبنية التحتية والزراعة والتكنولوجيا، وإجراء المعاملات التجارية بالعملات الوطنية ودعم التمويل من خلال بنك التنمية الجديد.
قبل عامين، وافقت مجموعة البريكس، التي تضم الدول الخمس المؤسسة الرئيسية روسيا والصين والبرازيل والهند وجنوب أفريقيا، على عضوية مصر والإمارات العربية المتحدة وإثيوبيا ودول أخرى.
التأثير الاقتصادي المباشر
ويرى الخبير المصرفي محمد عبد العال أن الدفع بالعملة المحلية أو من خلال تبادل السلع سيكون له تأثير إيجابي كبير على الاقتصاد المصري، حيث سيخفف الضغط على العملات الأجنبية اللازمة لسداد فواتير الاستيراد.
ورأى أن هذه الخطوة من شأنها أن تساهم في استقرار الأوضاع النقدية، مشيرا إلى أن البنوك يمكنها إجراء مثل هذه المعاملات باستخدام “نظام القيمة الصفرية”، والذي يتضمن فتح قروض لتبادل السلع دون تدفق نقدي مباشر.
محددات صرف العملة المحلية
ورغم المكاسب المتوقعة، يوضح عبد العال أن هذه الآلية لها ضوابط أساسية، وعلى رأسها توافق المبادلات التجارية مع إمكانيات كل دولة، بحيث لا تقبل الدول المصدرة عملة شريكها إلا بقدر الكمية التي تستوردها.
وتشمل المزايا الأخرى قبول العملات العالمية، حيث يتم تداول العملات مثل اليوان واليورو والدولار على نطاق أوسع عالميًا من غيرها، مثل الروبل، فضلاً عن أسعار الصرف المستقرة لتجنب خطر الانهيارات أو الخسائر في سوق الصرف الأجنبي.
وأشار عبد العال إلى أن مصر أبرمت بالفعل اتفاقيات لمبادلة العملات مع الإمارات والصين بقيمة مليارات الدولارات، مؤكدا أن توسيع هذه الاتفاقية مع دول البريكس سيزيد من أرباحها.
وأكد عبد العال أن الهدف ليس الاستغناء عن الدولار بشكل كامل، فهو يغطي حاليا أكثر من 70% من التجارة العالمية، بل تقليل الطلب عليه، مما ينعكس إيجابا على استقرار الجنيه.
نظام متعدد الأقطاب
أكدت سحر الدماطي، نائبة رئيس البنك الأهلي المصري السابقة والخبيرة المصرفية، أن التوسع في استخدام العملات المحلية أو نظام المقايضة يفتح آفاقًا جديدة للاقتصاد المصري، إذ يُقلل الاعتماد على الدولار ويُعزز استقرار الجنيه المصري. وهذا بدوره يُعزز الثقة في النظام النقدي، ويدعم قدرة الدولة على تلبية احتياجاتها التمويلية.
وأوضحت أن مفهوم البريكس يقوم على كسر هيمنة القطب الواحد وتعزيز الاعتراف بالعملات المحلية من خلال أدوات مثل بنك التنمية الجديد وأنظمة التسوية المالية البديلة لنظام سويفت.
وأضاف الدماطي أن مصر عانت من نقص الدولار وتأثيرات تقلبات سعر الصرف المتتالية في السابق، بينما في الوضع الحالي هناك وفرة نسبية في العملات الأجنبية.
وأشارت إلى أن اتفاقيات مبادلة العملة مع الإمارات والكويت تعكس تحسن قدرة مصر على تنويع مصادر تمويلها، في حين ساعد التعاون مع دول البريكس على تقليل الاعتماد على الدولار وتخفيف الضغوط على الجنيه المصري.
جاذبية الاقتصاد المصري
وأشار الدماطي إلى أن التحسن الأخير في قيمة الجنيه المصري جاء نتيجة زيادة تدفقات النقد الأجنبي من السياحة وتحويلات العاملين بالخارج والاستثمار الأجنبي في أدوات الدين، بالإضافة إلى ضعف الدولار عالميا بسبب الخلافات الداخلية في الولايات المتحدة وارتفاع الدين العام.
وأكدت أن مصر أصبحت أكثر جاذبية للاستثمار بفضل ثلاثة عوامل رئيسية: تحسن المؤشرات الاقتصادية الكلية، وانخفاض التضخم وأسعار الفائدة، ونجاح القطاع المصرفي في التحول من عجز في الأصول الأجنبية الصافية إلى فائض.
وتعتقد مصر أن تنويع شركاء التجارة داخل مجموعة البريكس، وخاصة من خلال إدراج الدول الرئيسية المصدرة للقمح مثل الهند وروسيا، من شأنه أن يحسن قدرة مصر على ضمان الأمن الغذائي وتعزيز مكانة الجنيه مقابل الدولار.