الطريق إلى النوم يبدأ من المائدة.. أنظمة غذائية تساعدك على راحة ليلية عميقة

منذ 10 ساعات
الطريق إلى النوم يبدأ من المائدة.. أنظمة غذائية تساعدك على راحة ليلية عميقة

لا شيء يُضاهي نومًا هانئًا، حيث يتعافى جسمك وعقلك من ضغوط يوم عمل شاق، وتتجدد خلايا جسمك. تستيقظ صباحًا مليئًا بالطاقة والنشاط، مستعدًا للعمل وإنجاز مهامك طوال اليوم.

هل تعلم أن لنظامك الغذائي تأثيرًا كبيرًا على جودة نومك؟ تناول أطعمة معينة قد يساعدك على الحصول على نوم هانئ؟ تقرير بي بي سي التالي يجيب على هذه الأسئلة.

ابحث عن الأطعمة الغنية بالتريبتوفان.

في دراسة أُجريت عام ٢٠٢٤ في إسبانيا، استطلعت آراء أكثر من ١١ ألف طالب حول عادات نومهم ونظامهم الغذائي. كان نوم ربع المشاركين الذين تناولوا أقل كمية من التربتوفان يوميًا أسوأ بكثير. وخلص الباحثون إلى أن انخفاض تناول التربتوفان يرتبط بارتفاع خطر الإصابة بالأرق.

أظهر الباحثون أن تناول أطعمة غنية بالتريبتوفان يُحسّن جودة النوم. وذلك لأن التريبتوفان يعمل كمُحفّز للسيروتونين، الذي يُحوَّل بدوره إلى ميلاتونين.

أظهرت بعض الدراسات أيضًا أن شرب الحليب الدافئ، المرتبط أساسًا بثقافتنا المصرية، يساعدنا على النوم. ويرجع ذلك إلى احتوائه على نسبة عالية من التربتوفان، الذي يُستخدم لإنتاج هرمون النوم الميلاتونين. ينظم الميلاتونين دورة النوم والاستيقاظ، وتنتج أجسامنا كميات أكبر منه لاحقًا عند حلول الظلام.

يمكننا الحصول على الميلاتونين مباشرة من الأطعمة مثل البيض والأسماك، وكذلك المكسرات والبذور.

النظام الغذائي ككل، وليس ما تأكله قبل النوم.

أشارت أستاذة طب التغذية في معهد التغذية البشرية بجامعة كولومبيا في نيويورك إلى أن تناول وجبات غنية بالسكر والنشويات والدهون، والتي تفتقر إلى العناصر الغذائية المفيدة على مدار اليوم، لا يُخفف من آثارها كوب من عصير الكرز الحامض أو الكيوي أو الحليب. وأوضحت أن استخلاص العناصر الغذائية اللازمة لإنتاج المواد الكيميائية العصبية المُعززة للنوم من الطعام يستغرق وقتًا طويلاً. لذلك، من المهم التركيز على ما نأكله على مدار اليوم، لأن ذلك مسؤول عن تحسين جودة النوم أو تدهورها.

نظام غذائي نباتي لنوم أفضل

ووفقا لأستاذ مساعد في علوم التغذية بجامعة ميشيغان في الولايات المتحدة، أظهرت الدراسات أن النظام الغذائي الذي يعزز النوم يشمل الكثير من الحبوب الكاملة ومنتجات الألبان، بالإضافة إلى البروتينات الخالية من الدهون، بما في ذلك الأسماك.

وفي دراسة أجريت عام 2021 حول العلاقة بين النوم والنظام الغذائي، وجدت أن الأشخاص الذين تناولوا المزيد من الفاكهة والخضروات يوميًا على مدى فترة ثلاثة أشهر حصلوا على نوم أفضل بشكل ملحوظ.

ومع ذلك، لا يزال هناك جدل حول ما إذا كان النظام الغذائي يحسن نوعية النوم أو ما إذا كان الأشخاص الذين يحصلون على قسط كاف من النوم يختارون ببساطة الأطعمة الصحية.

وجدت الدراسة أيضًا أن النساء اللواتي تناولن ثلاث حصص إضافية أو أكثر من الفاكهة والخضراوات يوميًا كنّ أكثر عرضة بمرتين لتحسن أعراض الأرق لديهن. ويرجع ذلك إلى أن الفاكهة والخضراوات، بالإضافة إلى اللحوم ومنتجات الألبان والمكسرات والبذور والحبوب الكاملة والبقوليات، غنية عمومًا بحمض التربتوفان الأميني الأساسي.

على سبيل المثال، يساعد النظام الغذائي القائم على النباتات أيضًا على تقليل الالتهاب في الجسم، وهو ما أظهرت الدراسات أنه يحسن جودة النوم.

يحتوي النظام الغذائي الغني بالنباتات أيضًا على الماغنيسيوم، الذي يمكن أن يساعدك في الحصول على نوم مريح.

العلاقة بين المغنيسيوم والنوم

قد يساعدك الماغنيسيوم، وهو عنصر غذائي موجود في الأنظمة الغذائية الغنية بالنباتات، على النوم بشكل أفضل في الليل لأنه يساعد على خفض هرمون الكورتيزول الذي يهدئ الجهاز العصبي.

ينصح معظم البالغين فوق سن الثلاثين بتناول حوالي 420 مليجرام من المغنيسيوم يوميًا.

يتواجد الماغنيسيوم في العديد من الأطعمة، بما في ذلك الخضروات الورقية الخضراء مثل السبانخ، وكذلك البقوليات والمكسرات والبذور والحبوب الكاملة.

ومع ذلك، يعاني الكثير من الناس من نقص هذا العنصر الغذائي. ويعزو الخبراء ذلك إلى النظام الغذائي الغربي (قلة النباتات وكثرة الأطعمة المصنعة)، وإلى الممارسات الزراعية المكثفة التي تقلل من محتوى المغنيسيوم في التربة التي تنمو فيها النباتات.

في دراستها التي أُجريت عام ٢٠٢٤، اختبرت أستاذة علوم الرياضة في جامعة جاكسونفيل بولاية فلوريدا الأمريكية آثار زيادة تناول المغنيسيوم على الأشخاص الذين يعانون من قلة النوم. تناول المشاركون مكملات المغنيسيوم لمدة أسبوعين قبل النوم بساعة، بينما تناولوا دواءً وهميًا لمدة أسبوعين آخرين. قُيسَ نومهم باستخدام جهاز تتبع يُلبس على الجسم، وأبلغ المشاركون عن مدى شعورهم بالراحة أثناء النوم.

أظهرت الدراسة أن النوم العميق ونوم حركة العين السريعة لدى المشاركين تحسّنا بشكل أكبر عند تناول المغنيسيوم مقارنةً بتناول دواء وهمي. من المتوقع أن يستمر هذا التأثير لأكثر من أسبوعين، ولكن لا يمكن الجزم بذلك.

على الرغم من أن مكملات المغنيسيوم عالية الجودة يمكن أن تساهم في تحسين النوم، إلا أنها ليست علاجًا لكل شيء.

وجدت دراسة أُجريت عام ٢٠١٧ أن تناول مكملات المغنيسيوم اليومية يُحسّن بشكل ملحوظ من الاكتئاب والقلق، بغض النظر عن العمر والجنس وشدته. ومن المعروف أن هذه الحالات ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالأرق وسوء جودة النوم.

تناول الأطعمة الغنية بالألياف والتي تحتوي على نسبة كبيرة من التربتوفان.

ينبغي تناول الأطعمة الغنية بالتريبتوفان إلى جانب الكربوهيدرات الغنية بالألياف مثل الحبوب الكاملة أو البقوليات، لأن هذا يسمح بالهضم السليم ونقله إلى المخ، حيث يحسن النوم.

أظهرت الأبحاث أن اتباع نظام غذائي غني بالألياف يُسهم في تحسين النوم. تلعب الألياف دورًا أساسيًا في تخمير البكتيريا في الأمعاء. كما تكشف الدراسات عن العديد من الآليات المفيدة التي قد تُفسر قدرة الأمعاء السليمة على تحسين النوم من خلال محور الدماغ والأمعاء.

وقت الأكل

تشير مجموعة صغيرة من الباحثين إلى أن تناول الطعام في وقت مبكر من اليوم، بدءًا من وجبة الإفطار، يرتبط بتحسين جودة النوم. ووفقًا للباحثين، فإن إشارات الطعام هي طريقة أخرى لجسمنا لتحديد الوقت.

أظهرت الدراسات أيضًا أن تناول آخر وجبة قبل النوم مباشرةً قد يؤدي إلى الأرق. قد يكون السبب هو أن الدماغ يعتقد أن الوقت لا يزال مبكرًا بعد الأكل، فيبقى الإنسان في السرير.

لتحسين جودة النوم، يُنصح بتجنب تناول أي طعام لبضع ساعات قبل النوم، وخاصةً تجنب استهلاك كميات كبيرة من السعرات الحرارية. إن الفصل الواضح بين الليل والنهار يُسهّل على الدماغ تحديد موعد النوم.

طقوس الإفطار التي تساعدك على النوم بشكل أفضل

وجدت دراسة أن تناول وجبة فطور غنية بالحليب في ضوء النهار الساطع يُعزز النوم أكثر من تناول الطعام في غرفة ذات إضاءة خافتة. ويشتبه الباحثون في أن تناول الطعام في ضوء النهار يُحفز الجسم على إنتاج المزيد من الميلاتونين، وهو الهرمون الذي يُساعدنا على النوم ليلًا.

يبدأ الدماغ نشاطه كل صباح، ويعتبر التعرض للضوء في الصباح الباكر مهمًا لإعادة ضبط الساعة البيولوجية لدينا.

عوامل أخرى تؤثر على النوم

لا شك أن للنظام الغذائي تأثيرًا كبيرًا على جودة النوم. ومع ذلك، يؤكد الباحثون أيضًا أن مستوى نشاطنا البدني خلال النهار، وصحتنا النفسية، وتعرضنا للضوء والظلام، كلها عوامل تساهم بشكل كبير في الحصول على نوم هانئ ليلًا.

وأكد الخبراء على أهمية التمييز بين قلة النوم واضطرابات النوم مثل الأرق أو انقطاع التنفس أثناء النوم، حيث تحتاج اضطرابات النوم إلى الفحص والعلاج بالإضافة إلى تحسين النظام الغذائي.


شارك