الترتير بطل فلسطين بكمال الأجسام: فقدت 30 كيلوجراما بسبب تجويع إسرائيل

سمير الترتير 35 عاماً، ابن مخيم عسكر القديم في نابلس
بعد 16 شهرًا من الجوع في السجون الإسرائيلية، فقد كل كتلة العضلات التي عمل جاهدًا لاكتسابها على مدار 18 عامًا.
ويعيش السجناء ظروفاً صعبة للغاية ويتعرضون للتعذيب والإهانة من قبل حراس السجن.
ويحصل السجين على وجباته الثلاث يومياً ويأكلها كلها مرة واحدة، لأن كمية الطعام هي الحد الأدنى الذي يمكن توفيره له من أجل البقاء على قيد الحياة.
“لم أتعرف على نفسي، كما لو كنت شخصًا آخر”، هكذا وصف بطل كمال الأجسام الفلسطيني سمير الترتير، البالغ من العمر 35 عامًا، حالته الحالية بعد اعتقاله وما نتج عنه من تعذيب وتجويع في سجون الاحتلال الإسرائيلي لأكثر من 16 شهرًا.
وفي مقابلة مع وكالة أنباء الأناضول، أعلن الترتير، الذي أفرجت عنه إسرائيل في 5 أغسطس/آب بعد أكثر من 480 يوماً من الاعتقال الإداري (دون توجيه تهمة)، أنه فقد كتلة عضلاته “بشكل شبه كامل”.
وأضاف الترتير، الذي فاز ببطولة كمال الأجسام الفلسطينية عام 2013، أنه خسر نحو 30 كيلوغراماً من وزنه بسبب السياسات القمعية والتعذيب والضرب والتجويع في سجون الاحتلال.
إن ما تعرض له الترتير وغيره من الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي يتوافق مع جرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها تل أبيب في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، والتي تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، على الرغم من المناشدات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بإنهاء هذه الممارسة.
بالتوازي مع حرب الإبادة في قطاع غزة، كثّف الجيش الإسرائيلي والمستوطنون هجماتهم في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية. ووفقًا لمصادر فلسطينية، قُتل ما لا يقل عن 1013 فلسطينيًا، وجُرح ما يقرب من 7000 آخرين، واعتُقل أكثر من 18500 شخص.
وتقول منظمات حقوق الإنسان التي تعنى بشؤون الأسرى إن السلطات الإسرائيلية، بالتوازي مع حرب الإبادة، ترتكب انتهاكات ضد الأسرى في سجونها “تصل إلى حد جرائم الحرب”.
بحسب نادي الأسير الفلسطيني وهيئة شؤون الأسرى في منظمة التحرير الفلسطينية، فإن المرحلة الحالية في تاريخ الحركة الأسيرة هي “الأكثر دموية. ويبلغ عدد شهداء الحركة الأسيرة المعروفين منذ عام 1967 313 شهيدًا، منهم 76 منذ بداية حرب الإبادة”.
وخلال المقابلة التي أجريت في منزله بمخيم عسكر القديم للاجئين شرقي نابلس شمال الضفة الغربية، بدا البطل الفلسطيني ضعيفا ومتعبا، وهو ما عزاه إلى “أوقاته الصعبة” في سجن مجدو الإسرائيلي.
رغم كل ما مرّ به الترتير، فهو عازم على العودة إلى الملاعب، واستعادة عافيته، والمنافسة في البطولات العربية والدولية لتحقيق الألقاب التي يصبو إليها. سبق له أن حقق المركز الأول في بطولة فلسطين عام ٢٠١٣، والثاني عامي ٢٠١٥ و٢٠٢٢.
عندما تخرج من السجن تصبح اتجاها
قبل أربعين يومًا من إطلاق سراحه، حضر الترتير اجتماعًا مع محقق استخبارات إسرائيلي. أدرك كم فقد من الوزن عندما قال له المحقق: “ألا ترى نفسك؟ عندما تخرج من السجن، ستكون مشهورًا وعصريًا. والسبب هو صورتك قبل الاعتقال ومظهرك”.
في تلك اللحظة، أدرك البطل الفلسطيني كم فقد من وزنه. وحسب قوله، كان وزنه يزيد عن 83 كيلوغرامًا عند اعتقاله، لكن عند إطلاق سراحه، انخفض إلى 54 كيلوغرامًا فقط. وأضاف: “لقد خسرت حوالي 30 كيلوغرامًا خلال 16 شهرًا من سجني”.
وتابع: “١٦ شهرًا قضت على ١٨ عامًا من العمل الجاد والمغامرة وبناء العضلات”. لكنه أكد أنه لن يستسلم وسيعود أقوى من ذي قبل.
قال الترتير إن عائلته لم تصدق ما حدث له، مضيفًا: “كان والدي أكبر داعم لي خلال مسيرتي الرياضية. عملت والدتي بجد لسنوات لتوفير الطعام الكافي وإعداده لي، لكن كل ذلك ضاع بسبب الجوع في السجن”.
وبينما كان الأسير المفرج عنه يروي ما حدث له، أمسك هاتفه الجوال وقلب بعض صوره قبل اعتقاله. قال: “هنا فزتُ بالمركز الأول في بطولة فلسطين عام ٢٠١٣. هذه آخر صورة لي قبل اعتقالي”.
أثناء تصفحه لهاتفه، يُخرج البطل الفلسطيني صورة من لحظة إطلاق سراحه ويقول: “هنا، بعد الإفراج، أشعر وكأنني لست أنا. بصراحة، عندما أنظر إلى نفسي، لا أرى ذلك الشخص”.
وعبر الترتير عن حزنه العميق وألمه النفسي لفقدان ابنته الوحيدة خلال هذه الأشهر، والتي افتقدها وافتقدها كثيراً.
الجوع والتعذيب
ووصف بطل كمال الأجسام الفلسطيني محنته قائلاً: “لا تزال آثار السجن والإرهاق تؤثر على جسدي وقوتي ونفسيتي”.
وأضاف: “يعيش السجناء ظروفًا قاسية للغاية، حيث يتعرضون للتعذيب والشتائم من قبل حراس السجن، ويتعرضون للضرب على فترات متفاوتة”.
وأشار إلى أن السجين يحصل على وجباته الثلاث يومياً ويتناولها دفعة واحدة، لأن “الطعام المقدم له يمثل الحد الأدنى المطلق الذي يمكن توفيره له من أجل البقاء”.
قال: “صمتُ خمسة أشهر تقريبًا لعدم وجود طعام. كنا نجمع الطعام ونأكله مساءً. هناك سجناء صاموا ستة عشر شهرًا واستراحوا يومًا أو يومين في الشهر دون سبب، لمجرد عدم وجود طعام كافٍ”.
بالتوازي مع الاعتقالات، لم يكن الرياضيون الفلسطينيون في قطاع غزة بمنأى عن الهجمات. فعلى مدار قرابة عامين من الإبادة الجماعية، قتل الجيش الإسرائيلي 662 رياضيًا في هجمات ممنهجة على الأشخاص والمنشآت.
وبحسب الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، فإن 321 من القتلى هم رياضيون مرتبطون بالاتحاد، من لاعبين ومدربين ومسؤولين وحكام وأعضاء مجلس إدارة النادي، بالإضافة إلى رياضيين من رياضات أخرى.
وكان آخر هؤلاء الشهداء لاعب المنتخب الفلسطيني لكرة القدم سليمان العبيد (41 عاماً)، الذي استشهد في السادس من آب/أغسطس برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي أثناء إطلاقه النار على المدنيين الذين كانوا ينتظرون المساعدات الإنسانية في جنوب قطاع غزة.