تجار ومصنعون يحددون شروط نجاح مبادرة خفض الأسعار الجديدة

ومن أهم الشروط لتحقيق ذلك خفض التكاليف الصناعية والسيطرة على الأسواق.
– رئيس جمعية الغرف التجارية: الأزمة الحقيقية هي تدني الأجور وليس الأسعار.
– السيد: أسعار الدواجن في أدنى مستوياتها.. والوسطاء منعوا المواطن من الشعور بالانخفاض.
يرى التجار والمصنعون الذين قابلتهم الشروق أن مبادرة الحكومة الجديدة لخفض أسعار السلع، والمقرر إطلاقها قريبًا، لن تنجح إلا في ظل ظروف معينة. وتشمل هذه الظروف، على وجه الخصوص، استقرار تكاليف الإنتاج على المصنعين، وتعزيز الرقابة على السلاسل الوسيطة في تجارة السلع.
وأكدوا أهمية توقيت مبادرة خفض الأسعار الثالثة المتوقعة في ظل التراجع الحاد الذي يشهده السوق.
أعلنت الحكومة الأسبوع الماضي عن مبادرة جديدة لخفض الأسعار. وعقد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي اجتماعًا مع عدد من التجار والمصنعين لمواصلة جهود خفض الأسعار. وقبل ذلك، تحسنت مؤشرات الاقتصاد الكلي وانخفض سعر الدولار مقابل الجنيه المصري.
كانت الحكومة قد أطلقت مبادرتين في أكتوبر/تشرين الأول 2023 ومارس/آذار 2024 (عقب انخفاض كبير في سعر الصرف نتيجةً لنقص حاد في الدولار في الأسواق). إلا أن هاتين المبادرتين لم تُحققا إقبالًا كبيرًا من المستهلكين لأسباب عدة، منها أنهما لم تُغطيا جميع السلع، بل اقتصرتا على سلع محددة وعدد محدود منها، ومعظمها رديء الجودة وغير مرغوب فيه لدى غالبية المستهلكين.
وكانت هذه المنتجات متركزة أيضًا في عدد قليل من الأكشاك ولم يتم بيعها في محلات البقالة والسوبر ماركت حيث يتسوق المستهلكون عادةً.
لكن بما أن القدرة الشرائية لجميع المستهلكين تراجعت بشكل حاد بسبب انخفاض الأجور وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه، فإن المستهلكين يعتمدون على مبادرة خفض الأسعار الثالثة لتلبية احتياجاتهم في حدود قدرتهم الشرائية.
أوضح أحمد الوكيل، رئيس اتحاد الغرف التجارية، أن الأزمة الحقيقية التي تعصف بالأسواق حاليًا لا تتعلق بأسعار السلع، إذ انخفضت أسعار العديد منها مقارنةً بشهر أبريل من العام الماضي، بل بانخفاض أجور الموظفين والعمال، مما يُضعف القدرة الشرائية للمستهلكين. وتؤكد بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء صحة ما قاله الوكيل، حيث انخفض معدل التضخم السنوي على مستوى الجمهورية إلى 14.4% في يونيو، مقارنةً بـ 16.5% في مايو 2025.
وبحسب تقرير نشره معهد أبحاث دويتشه بنك في يونيو/حزيران الماضي، فإن العاصمة المصرية القاهرة هي أرخص مدينة في العالم، ولكنها أيضا من بين المدن ذات أدنى الدخول: إذ يبلغ متوسط الدخل الشهري للفرد نحو 165 دولارا فقط.
وكما أن مبادرات خفض الأسعار لا تحظى بشعبية بين المستهلكين، فإنها أيضاً لا تحظى بشعبية بين العديد من الشركات والمصنعين، وهو ما قد يفسر العدد القليل من السلع المخفضة المشمولة في المبادرة.
وعلق وزير الدولة قائلا: “لا يمكننا إجبار الشركات على المشاركة في المبادرات، لأن قرار كل شركة يعتمد على وضعها المالي واقتصادها”.
وتابع وزير الخارجية: “مع ذلك، تعكس أسعار السلع في الأسواق سياسة الحكومة”. وأوضح أن التزام الحكومة بسياستها المتمثلة في تثبيت أسعار الطاقة وتوفير السيولة النقدية للشركات، بالإضافة إلى استمرار انخفاضها، سيؤدي إلى مزيد من انخفاض التكاليف والأسعار.
وقال محمد المهندس، رئيس قسم الهندسة الميكانيكية باتحاد الصناعات المصرية، إن المبادرة الحكومية الثالثة تأتي في توقيت مهم للغاية، إذ يحتاجها المستهلكون والتجار، وكذلك الأسواق بشكل عام، بسبب حالة الركود التي تعيشها حالياً.
وأضاف: «المستهلكون منهكون من ارتفاع الأسعار المستمر، ولم تعد قدرتهم الشرائية كافية لمواكبة ارتفاع الأسعار بشكل شبه يومي».
وأوضح أن قرار الصانع ومن بعده التاجر بخفض أسعار المواد الخام يتطلب استقرار تكاليف مستلزمات الإنتاج مثل الطاقة والأجور لمدة ستة أشهر على الأقل.
قال: “يحدد المصنع سعر المنتج بناءً على المصاريف والتكاليف، مضافًا إليه هامش ربح بسيط لضمان مبيعات السوق، إذ لا مصلحة له في تخزين المنتج أو زيادة سعره لضمان استمرارية عملية الإنتاج. إلا أن سعر المنتج يرتفع بسبب تكاليف الوسطاء الذين يحققون أرباحًا على حساب المستهلك والمصنع، من خلال تخزين المنتج وزيادة سعره في السوق”.
واتفق عبد العزيز السيد، رئيس شعبة الدواجن بالغرف التجارية، مع المهندس في أن ارتفاع الأسعار سببه رغبة الوسطاء في الربح على حساب المستهلك.
قال: “انخفضت أسعار الدواجن مؤخرًا إلى أدنى مستوياتها، حيث بلغ سعر الكيلوجرام 63 جنيهًا مصريًا (63 يورو). إلا أن هذا الانخفاض الكبير في أسعار الدواجن لم ينعكس على السعر النهائي للمستهلك، إذ يصرّ الوسطاء على استغلال أي فرق في السعر وزيادة أرباحهم”.
مع ذلك، يتوقع محمد الطحان، عضو قسم الصناعات الغذائية، أن تكون المبادرة الجديدة أكثر نجاحًا من المبادرتين السابقتين نظرًا لركود السوق الحالي. ويضيف: “سيشجع هذا الركود جميع تجار التجزئة على المشاركة، بدلًا من حصرها في فئة قليلة”.
وأضاف الطحان أن الركود الحالي أشد وطأة من أي زيادة في موارد الإنتاج، مشيرًا إلى أن العديد من التجار، وخاصة في قطاع الأغذية، بدأوا بخفض هوامش أرباحهم للحفاظ على مبيعاتهم.