الطبيعة رئة الطفولة.. كيف تؤثر البيئات الخضراء على النمو النفسي والجسدي للأطفال؟

في ظل إيقاع الحياة العصرية السريع والاعتماد المتزايد على الشاشات، قد يغفل البعض عن أهمية خروج الأطفال بانتظام إلى الهواء الطلق أو إلى الطبيعة. إلا أن الطبيعة ليست مجرد “بديل” للترفيه، بل هي أداة علاجية وتعليمية أساسية لصحة الطفل النفسية والجسدية.
في السطور التالية، تشرح الأستاذة دعاء هنداوي، معلمة التربية الخاصة وأخصائية علم النفس السريري، لماذا يحتاج الأطفال إلى الطبيعة وما يمكننا فعله للتعويض عن بعض هذه التجارب عندما لا يكون التواجد في الهواء الطلق ممكنًا.
*فوائد الطبيعة تتجاوز الترفيه*
وأظهرت دراسات عديدة أن قضاء الوقت في الطبيعة، مثل الحدائق أو الشواطئ أو حتى الحدائق الصغيرة، يمكن أن يساعد في تهدئة الصحة العقلية للأطفال، وتقليل التوتر والقلق، وتنظيم أعراض فرط النشاط، وتحسين التركيز وجودة النوم.
علاوة على ذلك، يُثير استكشاف البيئة الطبيعية فضول الطفل، ويُقوّي حواسه، ويُنمّي قدرته على إدراك التفاصيل. وهذه كلها مهارات عقلية أساسية لنموّ فكري سليم.
*الطبيعة مدرسة مفتوحة*
قضاء الوقت في الطبيعة يمنح الأطفال شعورًا بالحرية والمسؤولية. إنه مساحة للتطوير الذاتي، تختلف تمامًا عن الجلوس لساعات أمام الشاشات أو في بيئة مغلقة.
*كم مرة يجب على الطفل أن يخرج؟*
لا يوجد عدد محدد مناسب لجميع الأطفال، لكن التوصيات العامة تشير إلى أن مرتين إلى ثلاث مرات في الأسبوع كافية لتحقيق فوائد كبيرة، خاصة إذا ذهب الطفل إلى مناطق مفتوحة أو طبيعية مثل الحدائق أو الطرق الساحلية أو النوادي التي تسمح بالنشاط البدني.
في حالات خاصة، كالأطفال الذين يعانون من فرط النشاط أو التوتر الشديد، يمكن أن تُساعد الأنشطة الخارجية اليومية، حتى لو كانت لفترات قصيرة، في الحفاظ على التوازن العقلي والجسدي. إلا أن الأهم من تكرار الخروجات هو جودة الوقت الذي يقضيه الطفل في الهواء الطلق ومدى تفاعله الحقيقي مع بيئته.
*إذا كان الخروج صعبًا… فهل هناك بدائل؟*
أحيانًا تواجه العائلات صعوبة في ممارسة الأنشطة الخارجية بانتظام، أو قد يكون هناك نقص في المساحات الخضراء القريبة. لكن هذا لا يعني حرمان الأطفال من فوائد الطبيعة. هناك بدائل فعّالة يمكن تطبيقها في المنزل، منها:
1. *الزراعة الداخلية:*
عندما تزرع نباتًا بسيطًا في وعاء صغير وتشرك طفلك في رعايته، فإنه يتعلم مهارات الصبر والملاحظة ويطور الشعور بالمسؤولية.
2. *الأنشطة الحركية في المنزل:*
قم بتنظيم ألعاب بسيطة في أنحاء المنزل، مثل القفز، أو الجري في منطقة محددة، أو مسابقات بدنية خفيفة لإطلاق الطاقة.
3. *افتح النوافذ أو اجلس على الشرفة:*
عندما يرى الطفل السماء أو يسمع أصوات الطبيعة أو الشارع، فإنه يشعر بالانفتاح ويقل شعوره بالعزلة.
4. *أصوات الطبيعة أو مقاطع الفيديو المريحة:*
إن تشغيل أصوات المطر أو الطيور أو المحيط سوف يهدئ طفلك ويمنحه الشعور بأنه في بيئة طبيعية.
5. *لعبة خيالية:*
اللعب مع طفلك في أماكن خيالية، مثل الغابة أو الشاطئ، أو الجلوس في خيمة أو صندوق وتحويله إلى “وكر للمغامرة”، من شأنه تحفيز خيال طفلك وتوفير المتعة والإثارة له.
*لماذا يعد اللعب الخيالي بديلاً فعالاً لتعزيز النمو؟*
إن اللعب الخيالي لا يعوض عن نقص فرص الخروج فحسب، بل له العديد من المزايا أيضًا:
1- ينمي خيال الطفل وقدرته الإبداعية. 2-يعمل على تحسين مهارات التعبير اللغوي والتواصل. 3- يساعده على حل المشكلات والتعامل مع المواقف المختلفة. 4- يطلق طاقته بطريقة آمنة ومنظمة.
*الرسالة الأهم: دع الطفل يشعر بالحرية*
ليس من الضروري أن تكون لديك حديقة واسعة أو أن تعيش بالقرب من الشاطئ. أحيانًا، نافذة مفتوحة، أو مقعد بسيط في الشرفة، أو لحظة لعب حقيقية في الداخل تكفي لجعل طفلك يشعر بالحرية والاسترخاء.