كيف ترى الأحزاب السياسية الفرنسية قرار ماكرون الاعتراف بدولة فلسطين؟

منذ 17 ساعات
كيف ترى الأحزاب السياسية الفرنسية قرار ماكرون الاعتراف بدولة فلسطين؟

لقد أثار إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن فرنسا تنوي الاعتراف رسميا بدولة فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول المقبل انقساما سياسيا واضحا داخل الساحة السياسية الفرنسية: فبعض الناس يرحبون بهذا باعتباره “لحظة تاريخية” طال انتظارها، في حين يصف آخرون القرار بأنه “متسرع وخطير سياسيا”.

اليسار يصفق… لكنه يطالب بالمزيد

أعربت أحزاب اليسار الفرنسي عن دعمها الواسع لقرار ماكرون، لكنها جادلت بأن الرمزية وحدها لا تكفي. وقال جان لوك ميلينشون، زعيم الحركة اليسارية الراديكالية “فرنسا الأبية”، إن ماكرون وصل متأخرًا.

قال ميلانشون، نقلاً عن صحيفة “سود ويست” الفرنسية: “يُمثل القرار انتصارًا أخلاقيًا لمعسكرنا، ولكن لماذا الانتظار حتى سبتمبر؟ ماذا عن حظر الأسلحة؟ نطالب بإجراءات ملموسة وإنهاءً فوريًا للعدوان المستمر. يجب ألا يظل هذا الاعتراف شكليًا فحسب”.

وقالت مارين توندلييه، السكرتيرة الاتحادية لحزب الخضر: “إن موقف فرنسا مهم، لكنه يجب أن يكون نقطة انطلاق لمساعدة سكان قطاع غزة الذين يواجهون كارثة إنسانية”.

ودعا فابيان روسيل، الأمين العام للحزب الشيوعي الفرنسي، إلى ترجمة الاعتراف إلى خطوات عملية: “هذا ليس الوقت المناسب للتصريحات الرمزية، بل لاتخاذ تدابير حقيقية لحماية الشعب الفلسطيني ومعاقبة حكومة نتنياهو”.

اليمين واليمين المتطرف: رفض وتحذير من “مكافأة الإرهاب”

لكن القرار قوبل بانتقادات حادة من أحزاب اليمين، وخاصة اليمين المتطرف، الذي اتهم ماكرون، بحسب صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية، بتقديم “هدية سياسية” لحماس.

وقال رئيس حزب التجمع الوطني جوردان بارديلا إن “هذه الخطوة تمنح حماس شرعية غير مسبوقة وتظهر أن القرار مدفوع بمصالح انتخابية داخلية وليس برغبة حقيقية في السلام”.

وصف إريك سيوتي، رئيس اتحاد اليمين الجمهوري، القرار بأنه “متسرع وغير شرعي”: “ماكرون لا يملك تفويضًا لاتخاذ مثل هذه القرارات الجسيمة. يجب عرض القضية على البرلمان، خاصة بعد هزيمته الانتخابية”.

من جانبها، التزمت مارين لوبان الحذر رغم دعمها التقليدي لحل الدولتين. واكتفت بالتحذير من تداعيات القرار “في سياق الأمن الدولي المعقد”.

* الأغلبية الرئاسية الفرنسية: الاحتفال بـ “اللحظة التاريخية”

لاقى القرار إشادة واسعة النطاق في أوساط الحكومة. ووصفه وزير الزراعة مارك فيسنو بأنه “خطوة تاريخية ومستحقة”، بينما أكدت رئيسة الوزراء السابقة إليزابيث بورن أن هذا الاعتراف يعكس “التزام فرنسا بحل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد لتحقيق سلام عادل”.

* أصوات مستقلة: دعم مشروط ودعوة للعمل الإنساني

وصف رئيس الوزراء السابق دومينيك دو فيلبان هذا الاعتراف بأنه “تاريخي وشجاع”، لكنه دعا إلى اتخاذ إجراءات عاجلة: “الكلمات وحدها لا تكفي. يجب على فرنسا أن تطلق فورًا مبادرة إنسانية ضخمة لغزة، تشمل الغذاء والدواء والمساعدات الطبية”.

* المجتمع المدني والتمثيل اليهودي: الانقسام والغضب

لم تكن ردود الفعل العامة أقل حدة. فقد وصف مجلس المؤسسات اليهودية في فرنسا (CRIF) القرار بأنه “خطيئة أخلاقية وخطر سياسي”، وزعم أن الاعتراف دون شروط مسبقة سيُعتبر مكافأة على الإرهاب.

وفي هذه الأثناء، نظم ناشطون مؤيدون للفلسطينيين مظاهرات رمزية في باريس، حاملين لافتات تطالب “باتخاذ تدابير واقعية لإنهاء الإبادة الجماعية في قطاع غزة”، وجادلوا بأن “الاعتراف وحده لن يوقف القتل”.

وفقًا لصحيفة “سود ويست” الفرنسية، يُغيّر القرار الفرنسي خطوط الانقسام التقليدية بين اليسار المؤيد لإسرائيل واليمين المعارض، ولكنه يكشف أيضًا عن تحول داخلي في المواقف تجاه القضية الفلسطينية. فبينما يتوقع مؤيدو ماكرون نجاحًا دبلوماسيًا غير مسبوق، يرى معارضوه أن توقيت وظروف هذه الخطوة “استعراض سياسي”.


شارك