قبيل محادثات الجمعة.. تحرك دبلوماسي بين طهران وبكين وموسكو

منذ 10 ساعات
قبيل محادثات الجمعة.. تحرك دبلوماسي بين طهران وبكين وموسكو

تستعد إسطنبول لجولة جديدة من المفاوضات شديدة الحساسية بين إيران والدول الأوروبية الثلاث (فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة)، المعروفة باسم مجموعة الدول الأوروبية الثلاث (E3)، يوم الجمعة المقبل. وتهدف المحادثات إلى إنقاذ الاتفاق النووي لعام 2015، الذي تعثر بسبب تصاعد التوترات الإقليمية في أعقاب الحرب الإيرانية الإسرائيلية الأخيرة وتزايد الضغوط الغربية.

تجري هذه المفاوضات في ظل تهديد صريح من القوى الأوروبية والولايات المتحدة بإعادة تفعيل آلية “سناب باك”. وهذا من شأنه إعادة فرض جميع العقوبات الدولية المفروضة على إيران، والتي رُفعت بموجب ما يُسمى خطة العمل الشاملة المشتركة.

dsdssds

خطوات دبلوماسية تسبق المفاوضات في اسطنبول

يُعقد في طهران يوم الثلاثاء المقبل اجتماع ثلاثي على مستوى المديرين العامين بين إيران وروسيا والصين، يضم ممثلين رفيعي المستوى من وزارة الخارجية. وسيركز الاجتماع على البرنامج النووي الإيراني ومواجهة التهديدات الغربية عبر آلية “الرد السريع”.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي إن هدف الاجتماع هو “التنسيق ومناقشة كيفية منع تفعيل هذه الآلية أو الحد من تأثيرها”، مؤكدا أن علاقات إيران مع موسكو وبكين تظل “قوية وبناءة”.

وأشار بقائي إلى أن روسيا والصين، باعتبارهما عضوين دائمين في مجلس الأمن الدولي وموقعين على الاتفاق النووي، لديهما القدرة على لعب “دور مركزي” في تقديم الدعم السياسي والدبلوماسي لإيران، خاصة في ظل غياب أي قنوات للحوار مع الولايات المتحدة.

2

أوروبا تهدد بالعقوبات مجددا

وتتزامن الأنشطة الدبلوماسية الإيرانية مع إعلان رسمي من مجموعة الدول الأوروبية الثلاث، يهدد بتفعيل “آلية الزناد” إذا لم يتم تحقيق تقدم ملموس في المفاوضات النووية بحلول نهاية أغسطس/آب.

وتسمح هذه الآلية للدول الموقعة على الاتفاق النووي بإعادة فرض العقوبات الدولية على إيران في حال حدوث “انتهاكات جوهرية” دون الحاجة إلى تصويت جديد في مجلس الأمن.

وتؤكد الدول الأوروبية الثلاث أنها “لا تستطيع تحت أي ظرف من الظروف السماح لإيران بامتلاك سلاح نووي”، وتشير إلى أن رفع العقوبات مشروط بامتثال طهران الكامل للقيود المفروضة على تخصيب اليورانيوم، والامتثال للرقابة الدولية وإظهار الشفافية الكاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وقال مصدر دبلوماسي ألماني لوكالة فرانس برس إن الأوروبيين ما زالوا يعملون “بشكل مكثف” على “حل دبلوماسي قابل للتطبيق وقابل للتحقق”، لكنه أكد أن “الإجراءات العقابية تظل خيارا قويا إذا فشلت هذه الجهود”.

3

إيران: حقوقنا غير قابلة للتفاوض

بدوره، قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في رسالة رسمية إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن الدول الأوروبية الثلاث “ليس لديها أي أساس قانوني أو أخلاقي أو سياسي لتفعيل آلية العقوبات”.

واتهم عراقجي مجموعة الدول الأوروبية الثلاث بـ”انتهاك التزاماتها بموجب الاتفاق النووي”، بل والمشاركة بشكل غير مباشر في “العدوان العسكري الأخير” الذي شنته إسرائيل على الأراضي الإيرانية في يونيو/حزيران الماضي بدعم من الولايات المتحدة.

وقال عراقجي: “بسبب مواقفها وتصريحاتها ودعمها السياسي والمادي للعدوان غير المبرر على إيران، فإن الدول الأوروبية لم تعد أطرافا شرعية في الاتفاق، وأي محاولة من جانبها لتطبيق قرارات مجلس الأمن السابقة باطلة ولاغية”.

4

وأضاف ظريف في تصريح للصحفيين بعد اجتماع وزاري في طهران: “إيران تدخل هذه المفاوضات من موقف أقوى وأكثر مرونة من أي وقت مضى”، مؤكدا أن بلاده “لن تتنازل عن حقها في التخصيب السلمي ولن ترضخ لأي ضغوط خارجية”.

وفي مؤتمر عبر الفيديو مع الاتحاد الأوروبي ومجموعة الدول الأوروبية الثلاث في 18 يوليو/تموز، حذر عراقجي من “مواصلة سياسة التهديدات والضغط العتيقة”، وأكد أن إيران “لن تتردد في الرد بقوة على أي محاولة لإعادة فرض العقوبات”.

وأشار المتحدث باسم وزارة الخارجية إسماعيل بقائي إلى أن “الولايات المتحدة لم تعد طرفا في الاتفاق وليس هناك خطط لإجراء محادثات معها في ظل الظروف الحالية”.

5

خلفية الأزمة

وُقّع الاتفاق النووي عام ٢٠١٥ بعد مفاوضات مطولة شاركت فيها الولايات المتحدة والقوى الأوروبية وروسيا والصين. وبموجب الاتفاق، التزمت إيران بالحد من أنشطتها النووية مقابل الرفع التدريجي للعقوبات الدولية.

لكن الاتفاق بدأ ينهار بعد انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منه عام ٢٠١٨، خلال ولايته الأولى، وإعادة فرض العقوبات الاقتصادية على إيران. دفع هذا طهران إلى تقليص التزاماتها تدريجيًا، بما في ذلك زيادة تخصيب اليورانيوم إلى ٦٠٪، وهو مستوى يقترب من الحد الأقصى للاستخدام العسكري (٩٠٪).

ورغم محاولات إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن العودة إلى الاتفاق، وجهود إدارة ترامب الحالية، فقد انهارت المحادثات غير المباشرة بشأن سلطنة عمان مؤخراً، في أعقاب الهجمات الإسرائيلية الأميركية المشتركة على المنشآت النووية الإيرانية، بما في ذلك فوردو ونطنز وأصفهان.

6

في 13 يونيو/حزيران، شنّت إسرائيل سلسلة غارات جوية مفاجئة على منشآت عسكرية ونووية في إيران، استهدفت عشرات العلماء النوويين وكبار الضباط العسكريين. ردّت إيران بهجوم غير مسبوق بالطائرات المسيّرة والصواريخ على إسرائيل، مُلحقةً خسائر بشرية ودمارًا غير مسبوق بالدولة اليهودية.

بعد اثني عشر يومًا من التصعيد، اتفق الجانبان على وقف إطلاق نار بوساطة أمريكية في 24 يونيو/حزيران. جاء ذلك عقب هجمات على ثلاث منشآت نووية إيرانية رئيسية، وردّ إيراني على قاعدة العديد الأمريكية في قطر. إلا أن تداعيات هذه الحرب لا تزال تلقي بظلالها على المفاوضات.

وبحسب وزارة الخارجية الإيرانية، هناك بندان رئيسيان على جدول أعمال اجتماع الجمعة في اسطنبول: رفع العقوبات الدولية عن إيران وتحديد مستقبل برنامجها النووي السلمي، بما في ذلك الرقابة الدولية ومستويات التخصيب المسموح بها.

ومن المتوقع أن يمثل إيران في المفاوضات نائب وزير الخارجية للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي، ونائب وزير الخارجية للشؤون الدولية كاظم غريب آبادي.


شارك