شيخ عقل دروز لبنان: طلب الحماية الإسرائيلية يضرب تاريخنا

جدد سامي أبي المنى، شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز في لبنان، الجمعة، رفضه أي طلب إسرائيلي لحماية الطائفة الدرزية في ظل أحداث محافظة السويداء جنوب سوريا، معتبراً ذلك مساساً بتاريخها وهويتها.
جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال جلسة استثنائية للجمعية العمومية للمجلس المذهبي الدرزي في لبنان في منطقة فردان في بيروت لبحث تداعيات الوضع المتدهور في السويداء واتخاذ موقف موحد حيال الأمر.
اندلعت اشتباكات مسلحة محدودة الأحد الماضي بين عشائر بدوية ومجموعات درزية في السويداء. دخلت القوات الحكومية المنطقة لاحقًا لاستعادة الأمن، إلا أنها تعرضت لهجوم من قبل مجموعات درزية، ما أسفر عن مقتل العشرات من الجنود.
في إطار جهودها لاحتواء الأزمة، أعلنت الحكومة السورية عن ثلاثة اتفاقات لوقف إطلاق النار في السويداء. أُعلن عن آخرها مساء الخميس، وتضمن انسحاب القوات الحكومية من المحافظة “استجابةً لوساطة عربية وأمريكية”.
لكن وقف إطلاق النار لم يدم طويلا، حيث اندلعت الاشتباكات مرة أخرى يوم الجمعة بعد أن طردت مجموعة مرتبطة بحكمت الهاجري، وهو شيخ درزي في السويداء، العديد من أفراد العشائر البدوية السنية.
وعلق أبو المنى قائلاً: “نستنكر الاعتداء على إخواننا السنة من البدو وغيرهم في السويداء. كما ندين دعوات العشائر الصاخبة للنفير العام، والتي تنذر بحرب دينية”.
وفي ظل الهجمات على البدو السنة ومحاولات طردهم، دعت القبائل العربية في الساعات الأخيرة إلى التعبئة العامة لإنهاء الهجمات ضدهم.
وأعرب أبي المنى عن أمله في انتهاء الأزمة في السويداء وعودة كافة مناطق المحافظة إلى التعايش السلمي، داعياً إلى استمرار وقف إطلاق النار المتفق عليه.
وأضاف: “نتطلع إلى سوريا حديثة وسلام عادل وشامل في المنطقة”.
وأكد أبي المنى: “لا نقبل طلب الحماية الإسرائيلية (من المجموعات الدرزية في السويداء) لأنه يمس تاريخنا وهويتنا”.
بذريعة “حماية” الدروز، استغلت إسرائيل الوضع في السويداء وكثّفت عدوانها على سوريا. يوم الأربعاء، شنّت إسرائيل غارات جوية مكثفة على أربع محافظات، بما في ذلك مقر هيئة الأركان العامة ومحيط القصر الرئاسي في دمشق.
وتزامن ذلك مع نداء وجهته الهجري إلى القادة الدوليين، ومنهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، للتدخل في الأحداث التي تشهدها السويداء.
ويعرف الهاجري بمواقفه الاستفزازية تجاه الحكومة السورية الجديدة، في حين يرفض معظم الناشطين الدروز في سوريا أي تدخل أجنبي في الشأن السوري، ويؤكدون أن الدروز مكون وطني من مكونات هذا البلد العربي.
وتابع أبي المنى في حديثه: “نرفض أي توجه انفصالي أو تقسيمي في سورية”، في إشارة إلى دعوات أطلقتها مجموعات درزية في السويداء في ظل الأحداث هناك.
وأعلن “تضامنه الأخوي والإنساني مع أهلنا في السويد ومع كل الأبرياء الذين أصيبوا بنيران الاشتباكات”.
وقال أبي المنى: “إن هم الأقلية يقتضي إنصاف الأكثرية، ونحن نحمل الدولة السورية مسؤولية القضاء على الفوضى التي وصلت إليها”.
في إطار الجهود المبذولة لحل الأزمة، أعلن الرئيس السوري أحمد الشرع في خطاب متلفز فجر الخميس أنه كلف مجموعات محلية وقيادات دينية درزية بحفظ الأمن في السويداء. وأكد أن هذا القرار “ينبع من إدراكنا العميق لخطورة الوضع على وحدتنا الوطنية، ومنع انزلاق البلاد إلى حرب شاملة جديدة قد تُلهيها عن هدفها الأسمى، وهو التعافي من الحرب المدمرة”.
منذ الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد أواخر عام ٢٠٢٤، كثّفت إسرائيل تدخلها في جنوب سوريا، مبررةً أفعالها بـ”حماية الأقلية الدرزية”. وبهجماتها المتكررة تحت هذه الذريعة، تسعى إسرائيل إلى فرض واقع انفصالي في المنطقة، رغم تأكيد دمشق التزامها بحماية حقوق جميع أجزاء البلاد.
لكن معظم زعماء الدروز في سوريا أكدوا في بيان مشترك إدانتهم لأي تدخل أجنبي ودعمهم لسوريا موحدة ورفضهم للتقسيم أو الانفصال.
في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024، سيطرت الفصائل السورية على العاصمة دمشق، منهية 61 عاماً من الحكم الوحشي لحزب البعث و53 عاماً من سيطرة عائلة الأسد.
في 29 يناير/كانون الثاني 2025، عينت الحكومة السورية الجديدة الشرع رئيساً لفترة انتقالية مدتها خمس سنوات.