الحكومة عصابة تقوض المؤسسات.. مقال عبري يصف آفاق الانهيار الداخلي في دولة الاحتلال

منذ 5 أيام
الحكومة عصابة تقوض المؤسسات.. مقال عبري يصف آفاق الانهيار الداخلي في دولة الاحتلال

نشرت صحيفة هآرتس العبرية مقالاً مطولاً عن “الانهيار التام للمؤسسات التي تحمي الديمقراطية” في إسرائيل المحتلة. وزعمت أن “حراس البوابة” التقليديين لم يعودوا قادرين على لعب أي دور لأن “البوابة نفسها قد اختفت”.

أشار المقال إلى أن المدعي العام غالي بهاراف-ميارا، رئيس المحكمة العليا، وشخصيات أخرى تُعتبر رموزًا لسيادة القانون، قد فقدوا هذه المكانة. ليس لأنهم تغيروا، بل لأن النظام الذي كانوا يحمونه لم يعد قائمًا، بعد أن أطاحت به الحكومة نفسها، التي وصفها الكاتب بـ”تحالف فاشي من الخارجين عن القانون”.

* التآكل المتعمد للسلطة واتهم المقال السلطة التنفيذية في دولة الاحتلال بأنها لم تعد تمثل الدولة، بل أصبحت عصابة تسعى إلى تقويض المؤسسات المتبقية، في حين أقر الكنيست قوانين تقدم حماية قانونية كاذبة لكل انتهاكات القانون.

ووصف الشرطة أيضًا بأنها فرع من حزب سياسي متطرف يسعى إلى تنفيذ أجندة غير ديمقراطية ويقوم بإسكات المعارضة من خلال القمع وليس من خلال القوانين.

بل ذهب الكاتب إلى حدّ الادعاء بأنّ الجيش نفسه لم يعد يُقاتل من أجل “الدولة”، بل من أجل بقاء الائتلاف الحاكم. وأشار إلى أنّ الجنود يُقتلون في معارك “كان هدفها الوحيد إطالة أمد سلطة الحكومة”، بينما تُستبعد الجماعات المتشددة من التجنيد الإجباري – في تناقض صارخ مع التضحيات الدموية التي يقدّمها الجنود.

لا أحد يحرس… لأنه لم يعد هناك ما يستحق الحراسة. يجادل المقال بأن الاعتقاد السائد بأن الخطوط الحمراء لا تزال قائمة هو مجرد “وهم جماعي”. فالمؤسسات التي كانت تدعم الديمقراطية وقيم المساواة وحقوق الإنسان لم تعد موجودة، وليست بمنأى عما يصفه الكاتب بـ”المذبحة القانونية والسياسية التي ترتكبها الحكومة”.

وأشار إلى أن القوانين التي يتم تمريرها حاليا في الكنيست هي دليل واضح على “موت الدولة ككيان ديمقراطي”، وكتب: “ربما تحصل بقايا هؤلاء الأوصياء على تمثال تذكاري في متحف الدولة السابقة، التي كانت ديمقراطية في السابق، ولكن التماثيل تقام للموتى”.

من بار إلى زامير… وهم الارتباط برجال الأمن تناول المقال تحول الاهتمام العام في دولة الاحتلال نحو قوات الأمن بعد فقدان الثقة بالمؤسسات المدنية. وعُلّقت الآمال على رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) رونين بار ورئيس أركان جيش الدفاع الإسرائيلي إيال زامير. إلا أن الكاتب أكد أن أياً منهما لا يمثل مؤسسات ديمقراطية، بل مؤسسات أمنية لا تتمثل مهمتها الأساسية في حماية حقوق الإنسان أو الحفاظ على توازن القوى.

يرى الكاتب أن استبدال بار بشخصية “أيديولوجية” تدافع عن مفهوم “الحرب الدائمة” دليلٌ واضح على انهيار آخر حصن للتوازن. لقد أصبح رئيس جهاز أمني يعتمد على أساليب غير ديمقراطية أساسًا “رمزًا للأمل الديمقراطي” – وهو تناقضٌ يعكس حجم الأزمة.

زامير نفسه وُصف في المقال بأنه “ممثل جديد للشعب”، ليس لأنه ديمقراطي، بل لأنه يتحدث بلغة الحكومة. ويُحذّر من أن “المدينة الإنسانية” التي تتحدث عنها الحكومة – في إشارة إلى مخيمات اللاجئين في قطاع غزة – ليست سوى “معسكر اعتقال مُخطط له” سيؤدي إلى المزيد من قتلى الجنود، ويعمّق دمار قطاع غزة، ويُبدد ما تبقى من هيبة دولية للقوة المحتلة دون أن يُقدّم أي أمل حقيقي في تحرير الرهائن.

الخطر الداخلي وليس الخارجي وجاء في المقال أن التهديد الأعظم لوجود الدولة المحتلة لم يأت من إيران أو حماس، بل من “الحكومة نفسها، التي فتحت أبواب الجحيم لشعبها وترى في انهيار الدولة ثمناً مقبولاً لمشروعها السياسي”.

قارن المقال الوضع الحالي بالانتفاضات الشعبية السابقة في إسرائيل، مثل حركة “الأمهات الأربع” التي أجبرت الاحتلال على الانسحاب من جنوب لبنان، أو المظاهرات الواسعة ضد الانقلاب القضائي المُخطط له. مع ذلك، أشار المقال أيضًا إلى أن هذه المظاهرات، برأيه، أججت التوترات التي أدت إلى هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول.

دعوة للتعبئة العامة واختتم المقال بمناشدة صريحة للجمهور في دولة الاحتلال بعدم انتظار أي مؤسسات أو قيادة. وأكد أن “الصراع الحالي لا يدور حول القادة أو الجيش، بل حول تعريف الدولة نفسها”.

كتب: “لم تعد هناك بوابات، ولا حراس. الآن، لدى الجماهير فقط الخيار: إما المضي قدمًا أو الانسحاب من التاريخ”.


شارك