بعد تصريحات ترامب.. ما علاقة الولايات المتحدة بسد النهضة الإثيوبي؟

منذ 7 ساعات
بعد تصريحات ترامب.. ما علاقة الولايات المتحدة بسد النهضة الإثيوبي؟

للمرة الثانية خلال شهر، ألقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطابًا حول سد النهضة الإثيوبي الكبير، وتحدث عن الجهود المبذولة لحل المشكلة قريبًا. وأكد أن مياه النيل مصدر حياة لمصر، وأكد مجددًا تمويل الولايات المتحدة لبناء السد.

وتثير تصريحات ترامب المتكررة بشأن التمويل الأمريكي للسد تساؤلات عديدة حول وجود مصادر تمويل خفية وغير معلنة للسد، فضلاً عن طرق تمويل غير مباشرة.

وسيكون من غير المعقول أن يكرر رئيس الولايات المتحدة هذه التصريحات دون أن يكون لديه معلومات محددة بشأن هذه المسألة.

** تصريحات ترامب

وقال ترامب خلال لقائه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته في البيت الأبيض: “لقد عملنا مع جارة قريبة (إثيوبيا) بشأن مصر، التي تربطني بها علاقات جيدة مع جيران وأصدقاء، لكنهم بنوا السد الذي أوقف تدفق المياه إلى نهر النيل”.

وأضاف ترامب، وفقًا لشبكة CNN: “أعتقد أنني لو كنتُ مكان مصر، لتمنيتُ لو كان هناك مياه في النيل. نحن نعمل على ذلك، لكن المشكلة ستُحل. لقد بنوا أحد أكبر السدود في العالم، على الضفة المقابلة لمصر، وتبين أنه مشكلة كبيرة. لا أعرف، أعتقد أن الولايات المتحدة موّلت السد. لا أعرف لماذا لم يحلوا المشكلة قبل بنائه”.

وتابع: “من الجيد أن النيل متوفر. إنه مصدر دخل ومعيشة مهم لمصر. إنه شريان الحياة لمصر، وقطعه أمر لا يُصدق. ومع ذلك، نعتقد أن هذه المشكلة ستُحل قريبًا جدًا”.

تناول ترامب قضية سد النهضة الإثيوبي الكبير في منشور على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي Truth Social في 21 يونيو، قائلاً: “لن أفوز بجائزة نوبل للسلام من أجل الحفاظ على السلام بين مصر وإثيوبيا (السد الضخم الذي بنته إثيوبيا ومولته الولايات المتحدة بغباء والذي يقلل بشكل كبير من تدفق المياه إلى النيل)”.

وزعم أريجاوي برهي، المدير العام لمكتب تنسيق المشاركة الشعبية في سد النهضة الإثيوبي الكبير، بحسب وكالة أفريقيا برس، أن مساهمة ترامب كانت “مضللة”.

وقال بيرهي لوسائل الإعلام المحلية: “ما نعرفه جميعًا حتى الآن هو أن سد النهضة الإثيوبي الكبير تم بناؤه منذ عام 2012 بأموال وجهود ومهارات الشعب الإثيوبي وبتمويل مباشر من الحكومة الإثيوبية”.

** تمويل سد النهضة الإثيوبي الكبير

وفقًا لموقع “فاينانشال أفريكا” الإخباري، أُطلق مشروع سد النهضة الإثيوبي الكبير عام ٢٠١١ بتكلفة تقديرية بلغت أربعة مليارات دولار. ووفرت الحكومة الإثيوبية التمويل اللازم، من خلال بيع سندات حكومية، ومنح عامة، وخصومات على رواتب موظفي الخدمة المدنية.

وفقًا لموقع “ذا هابيشا” الإخباري الإثيوبي، مُوِّل سد النهضة الإثيوبي الكبير بالكامل تقريبًا من إثيوبيا نفسها. وجاءت الأموال من سندات حكومية، وإيرادات محلية، وتبرعات من الجاليات الإثيوبية في الخارج. وقد أحجم معظم المانحين الدوليين عن المشاركة في المشروع بسبب الجدل الدائر. وأشار الموقع إلى أن الدعم المالي غير المباشر من الولايات المتحدة يبدو ضئيلًا، حتى أن الولايات المتحدة علّقت بعض مساعداتها لإثيوبيا خلال ذروة النزاع حول السد.

وأوضح الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، الشهر الماضي في مداخلة هاتفية مع الإعلامي عمرو أديب في برنامجه «الحكاية» على قناة «إم بي سي مصر»: «لا يوجد تمويل مباشر من البنك الدولي أو الاتحاد الأوروبي، ولكن يوجد تمويل غير مباشر من بعض الدول، ومنها الولايات المتحدة».

أشار شراقي إلى أن الولايات المتحدة تمنح إثيوبيا ما يقارب مليار دولار سنويًا، وهو مبلغ يُمكن للحكومة الإثيوبية استخدامه لتمويل سد النهضة الإثيوبي الكبير ومشاريع أخرى. كما أشار إلى أن الصين تُموّل شبكة الكهرباء والتوربينات بحوالي ملياري دولار عبر بنوك صينية. وأوضح أن الشركة التي تبني سد النهضة الإثيوبي الكبير هي شركة إيطالية، لكنه أشار إلى أن “معظم الاستثمارات الرئيسية تأتي من الإثيوبيين أنفسهم”.

ويشير موقع “ذا هابيشا” الإثيوبي إلى أن الولايات المتحدة، من خلال وكالات مثل وكالة التجارة والتنمية الأمريكية، دعمت البنية التحتية للطاقة في إثيوبيا من خلال إجراء دراسات الجدوى وتقديم المشورة بشأن تحديث قطاع الكهرباء.

ومن خلال مبادرة Power Africa، قامت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أيضًا بنشر خبراء فنيين وتوفير أدوات تخفيف المخاطر لجذب المستثمرين المستقلين في قطاعات الطاقة، من طاقة الرياح إلى الطاقة الحرارية الأرضية، في جميع أنحاء إثيوبيا.

ورغم أن هذا الدعم لم يمول سد النهضة الإثيوبي بشكل مباشر، إلا أنه ساعد في تعزيز قدرة إثيوبيا على توفير الطاقة ومهد الطريق لمستقبل السد، بحسب موقع إخباري إثيوبي.

** مشاركة الولايات المتحدة في مفاوضات السد

سهّلت وزارتا الخزانة والخارجية الأمريكيتان محادثات بين إثيوبيا ومصر والسودان بين عامي 2019 و2020 للتوصل إلى اتفاق بشأن ملء وتشغيل السد. خلال ولايته الأولى، قررت إدارة ترامب خفض المساعدات لأديس أبابا بنحو 100 مليون دولار للضغط على الحكومة في ظل تعثر المفاوضات.

وذكرت وكالة رويترز في ذلك الوقت نقلا عن مصدر في الكونجرس الأمريكي أن الجزء الأكبر من هذه الأموال تم تخصيصه للأمن الإقليمي والحدودي، والمنافسة السياسية، وبناء التوافق، والتغذية.

وأضاف المصدر أن الأموال المخصصة لمكافحة الإيدز، وبرنامج الغذاء من أجل السلام، والإغاثة الدولية من الكوارث، والمساعدات للهجرة واللاجئين، لن تتأثر.

وقال مسؤول بوزارة الخارجية الأميركية آنذاك إن قرار إثيوبيا البدء في ملء السد أثناء استمرار المفاوضات مع مصر والسودان يقوض الثقة في المحادثات ويتناقض مع التزامات إثيوبيا السابقة.

لكن في فبراير/شباط 2021، خففت إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن من هذا الموقف وقررت فصل تعليق ملايين الدولارات من المساعدات الأميركية لإثيوبيا عن قضية السد، وفق ما ذكرت وكالة أسوشيتد برس.

**إن الأمن المائي قضية وجودية.

أكد وزير الخارجية والهجرة الدكتور بدر عبد العاطي، أن الأمن المائي قضية وجودية لمصر ولا يمكن الاستهانة بها.

وأضاف الوزير عبد العاطي في لقاءٍ مع برنامج “بالورقة والقلم” الذي يقدمه نشأت الديهي على قناة “TeN” الأحد الماضي، أن هذه القضية تحظى باهتمامٍ كبير من القيادة ومؤسسات الدولة. وأوضح أن هناك لجنةً عليا لمياه النيل مسؤولة عن معالجة هذه القضية. وأكد أن الأمر ليس مسؤوليةً حصريةً لمؤسسةٍ واحدة، بل مسؤوليةٌ شاملةٌ لجميع أجهزة الدولة.

وأشار إلى أن رئيس الوزراء يرأس هذه اللجنة، وأن الوزراء المعنيين أعضاء فيها. وأكد أن هناك جهودًا تُبذل لإيصال الصورة الحقيقية للعالم: هناك طرف عنيد لا يحترم القانون الدولي، وهو أمر غير مقبول.

وأشار إلى أنه بعد أكثر من أحد عشر عاماً استنفدت مصر كل جهود التفاوض دون جدوى، مؤكداً أن مصر تحتفظ بحقها في الدفاع عن مصالحها المائية في حالة حدوث ضرر.

وأكد أن هذه القضية مطروحة في جميع الاجتماعات، سواءً على المستوى الرئاسي أو الوزاري، لأن المياه هي الشغل الشاغل لمصر. وأشار إلى أن القادة الأفارقة أصبحوا أكثر وعيًا بمشاكل مصر المائية، مؤكدًا تمسك الطرف الآخر بهذه القضية.


شارك